نوايا صادقة، وخطوات دؤوبة، وقبل ذلك كله امتلاك القوة الكافية لحماية الحدود، والتدخل ـ إذا ما لزم الأمر ـ لصيانة أمن واستقرار دول الجوار، والحفاظ على الأمن القومي المصري، بهذه المعادلة استطاعت الدولة المصرية أن تفرض كلمتها، وترسي قواعد راسخة للسلام في الأراضي الليبية، بل وترغم ـ خلال 60 يوماً ـ حتي خصومها على الاعتراف بدورها البناء في حل الأزمة.
وأعلنت حكومة الوفاق الليبية وقفاً لإطلاق النار ظهر الجمعة، بعد شهرين من إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي المبادرة المصرية لحل الأزمة، ما يعكس انتصاراً للدبلوماسية المصرية، اعترفت به حكومة الوفاق الليبية نفسها، وأقرت به الرئاسة التركية في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط عن المتحدث باسم أردوغان.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن أنقرة لا تريد الدخول في مواجهة مع أية دولة على الأراضي الليبية، معربا عن تقديره لدور مصر البناء في الملف الليبى.
وأضاف المتحدث: "إن أنقرة متأكدة من إمكانية تحقيق حل سياسي في ليبيا، وإنها لا تفضل الحل العسكري في أية بقعة من ذلك البلد، ورحبت بإعلان البرلمان الليبي وحكومة الوفاق، وقف إطلاق النار فى كل الأراضى الليبية".
الاعتراف التركي ، تزامن مع اعتراف مماثل من وزير داخلية حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، حيث توجه بالشكر في تغريدة على حسابه بموقع تويتر للدولة المصرية وكافة الدول التي ساهمت في وقف إطلاق النار.
وبخلاف تغريدته، قال باشاغا في تصريحات لشبكة بلومبرج الأمريكية إن وقف إطلاق النار فى ليبيا الذى تم الإعلان عنه الجمعة لم يكن ليحدث دون دعم من الولايات المتحدة ومصر، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق سيعقبه حوار سياسى جاد يؤدى إلى تسوية، مشيرا إلى ضرورة أن يتم اتخاذ هذه الخطوة بسرعة.
وعلقت بلومبرج على وقف إطلاق النار الذى تم إعلانه اليوم الجمعة، وقالت إنه يثير آمالا بإنهاء حروب الوكالة التى تشهدها ليبيا.
وتوالت اشادات الإعلام العالمي بجهود الدولة المصرية في تمهيد طريق السلام داخل ليبيا، حيث قالت صحيفة فينانشيال تايمز البريطانية إن الخطوة تعكس "شجاعة كافة الأطراف المعنية بالأزمة"، وقال خبراء للصحيفة إن الخطوة تعكس بما لا يدع مجالاً للشك "شجاعة لدى كافة أطراف الأزمة"، فيما أوضحت الصحيفة أن وقف إطلاق النار يشمل كافة الأراضي الليبية وربما يقود إلى سلام غاب طويلاً في تلك المنطقة.
وبحسب الصحيفة، ينظر محللون ودبلوماسيون إلى هذه الإعلانات على أنها إشارة إلى تراجع في تصعيد الحرب بالوكالة التي اجتذبت قوى إقليمية ودولية قدمت المرتزقة والأسلحة المتطورة والدعم اللوجستي والغطاء الدبلوماسي للأطراف المتنافسة.
ورحبت الأمم المتحدة بدعوة وقف إطلاق النار قائلة إنها تظهر الشجاعة التي تحتاجها ليبيا بشكل عاجل خلال هذه الأوقات العصيبة". كما دعت ستيفاني ويليامز ، القائم بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ، إلى التنفيذ السريع لدعوة الزعيمين لاستئناف إنتاج النفط وتصديره.
وأشادت مصر بإعلانات كلا الجانبين وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إنها "خطوة مهمة على طريق تحقيق تسوية سياسية".
وقال طارق المجريسي، المختص بشؤون ليبيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية : "هذا أمر إيجابي هناك اتفاق بين السراج وعقيلة ودعم من تركيا ومصر "، مضيفا ان هذا لم يغير قواعد اللعبة بعد ولكنه إيجابي من حيث أننا كنا نتوقع حربًا من شأنها أن تجتذب مصر وتركيا.
وكان الرئيس السيسي قد حذر في يونيو من أن مصر مستعدة للتدخل عسكريا في ليبيا إذا استولت قوات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا على مدينة سرت الساحلية ، وهي بوابة لمنشآت نفطية مهمة يسيطر عليها الآن المشير خليفة حفتر.
وفي إعلانه لوقف إطلاق النار ، دعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج إلى نزع السلاح من سرت والجفرة وسط ليبيا قائلاً إنه من الضروري أن يعمل وقف إطلاق النار، فيما أعترف وزير داخليته صراحة بأن هذا الإنجاز ما كان له أن يتم لولا الجهود المصرية في تلك الأزمة.