تعانى أوروبا من جديد من ارتفاع عدد إصابات كورونا بشكل كبير، مما ينذر بوجود موجة ثانية تستهدف الشباب بشكل أكبر، وذلك على الرغم من الإجراءات الصارمة التى تتبعها بعض الدول الأوروبية لمواجهة الوباء، وكبح انتشار العدوى، وهو ما يثير القلق والذعر فى القارة العجوز التى سجلت أكثر من 211300 حالة وفاة منذ بداية الوباء.
وفى ألمانيا، شددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على أن "تضاعف الحالات الجديدة" التى يتم رصدها كل يوم فى ألمانيا خلال الاسابيع الثلاثة الماضية، تشكل تطورا لا يجب أن يستمر ويجب علينا تقليصه".
وأدى هذا الموقف إلى قيام الحكومة الألمانية بإعلان كامل أراضي إسبانيا وجزء من البلقان ، وهي وجهات يرتادها السياح الألمان ، كمناطق خطرة وفرض اختبارات تشخيصية وحجر صحي على المسافرين من تلك البلدان.
وسجلت ألمانيا، أمس السبت، أعلى معدل يومي لها منذ أواخر أبريل، في عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا، وخلال الـ24 ساعة الماضية، تم رصد 2034 إصابة جديدة، فضلاً عن 7 وفيات.
وأفاد معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية أنه بذلك ارتفع إجمالي الإصابات منذ بدء تفشي الوباء في البلاد إلى 232 ألفاً و82 حالة، فيما زادت حصيلة الوفيات 9267 حالة، وكانت آخر مرة سجلت فيها البلاد رقماً أعلى من ذلك، في 25 أبريل عندما تم تسجيل 2055 حالة.
وفى إسبانيا ،وصل عدد حالات الإصابة المؤكدة إلى 386 ألفاً و54 حالة حتى صباح السبت، وأشارت البيانات إلى أن عدد الوفيات في إسبانيا بلغ 28 ألفاً و838 وتعافى 150 ألفاً و376 من المصابين حتى الآن.
وتلجأ إسبانيا إلى إعادة الاغلاق مجددا فى بعض المناطق، فقامت بإعادة إغلاق 4 شواطئ فى كتالونيا ، وأغلقت النوادى الليلية والحانات وبيوت الدعارة من أجل مواجهة الموجة الثانية من فيروس كورونا الذى يهدد أوروبا مجددا، بالإضافة إلى القيود التي فرضتها الحكومة ، مثل إغلاق النوادي الليلية أو حظر التدخين في الشوارع ، كما أصدرت بعض المناطق ، مثل إقليم الباسك أو جزر البليار، إجراءات أخرى تهدف إلى منع استمرار انتشار المرض بمعدل مذهل.
وسجلت إيطاليا 1071 إصابة جديدة فى الساعات الـ24 الأخيرة، مسجلة بذلك أسوأ حصيلة يومية منذ رفع الإغلاق في مايو، وتؤكد الحصيلة الجديدة المنحى التصاعدي الذي سجلته شبه الجزيرة في الأيام الأخيرة حيث سجلت 642 إصابة الأربعاء، و845 إصابة الخميس، و947 إصابة الجمعة.
وفي هولندا، وصلت حالات الإصابة إلى 67 ألفاً و456 حالة، فيما بلغت الوفيات 6219.
وفى فرنسا، كشف وزير الصحة الفرنسي، الأحد، أن فيروس كورونا ينتشر بين الفرنسيين دون سن الأربعين بمعدل يتجاوز أربع أمثال انتشاره بين كبار السن فوق 65 عاما، لكنه حذر من أن الأضرار الناتجة عن العدوى في ازدياد بين المسنين، وأصحاب الأمراض المزمنة، وفقا لقناة "سكاى نيوز".
واعتبر الوزير أوليفييه فيران في مقابلة مع صحيفة "جورنال دي ديمونش" أن فرنسا "في موقف محفوف بالمخاطر"، مشيرا إلى أن العدد المرتفع لحالات الإصابة مؤخرا "لا يعود فقط إلى العدد الكبير للاختبارات".
واستبعد الوزير، شأنه شأن الرئيس إيمانويل ماكرون، ضرورة فرض إجراءات عزل عام شاملة مجددا لمحاربة انتشار المرض، لكنه قال إنه من الممكن اتخاذ إجراءات محلية في ظل ازدياد حالات الإصابة.
انتشار كورونا بين الشباب
وبعد أن كان المسنون لهم النصيب الأكبر من حالات الإصابة الجديدة في بداية أزمة كورونا، بدأ الفيروس حاليا في الانتشار بين الفئات العمرية الأصغر سنا، ويمثل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عاما، ما يتراوح بين 35 % و40 % من حالات الاصابة الجديدة في إنجلترا وبلجيكا وهولندا.
وفي إسبانيا، يمثل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما أكثر من خمس حالات الاصابة الجديدة، وبينما بدا تقسيم الفئات العمرية في ألمانيا في وقت مبكر من تفشي الوباء، مختلفا بعض الشيء، تشهد البلاد حاليا اتجاها مشابها.
وعلى الصعيد العالمي، تُظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن نسبة المصابين بمرض "كوفيد-19" الناتج عن الفيروس، بين الاشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، قد زادت إلى ثلاثة أضعافها خلال الأشهر الخمسة الماضية.
وأشار عدد من الخبراء ، إلى أن التفسير الأول المحتمل، هو زيادة نسب إجراء الاختبارات.
ومع وجود قدرة أكبر على إجراء الاختبارات وبرامج تعقب المخالطين المعمول بها، صارت الدول تسجل حالات إصابة أقل حدة أو بدون أعراض تماما بين الشباب الذين لم يكن يتم تسجيلهم من قبل، إلا أن الملل الناتج عن اتباع إجراءات التباعد الاجتماعي، هو عامل كبير أيضا، ولا سيما بين الفئات العمرية التي لا تشعر بأنها عرضة للخطر، وقد ناشدت منظمة الصحة العالمية شباب العالم "لمقاومة رغبتهم في التجمع معا"، وفقا لخبراء.
وفي بريطانيا، يوجد لدى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما، مساحة تبلغ في المتوسط نحو 26 مترا مربعا فقط صالحة للعيش في منازلهم. وحتى بالنسبة لهؤلاء الذين فروا عائدين إلى منازل آبائهم، حيث الراحة النسبية، فإنهم من الممكن أن يستمروا في الشعور بالوحدة بسبب انفصالهم عن أقرانهم.
وفى فرنسا ، ارتفع عدد المصابين بفيروس كورونا من الشباب الأقل من 40 عاما ، وهو ما يثير القلق حول انتقال الاصابة إلى الشباب والاطفال خاصة مع دخول المدارس.
وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة غرب المحيط الهادئ، تاكيشي كاساي، في مؤتمر صحفي عبر الانترنت، إن هذا التغير يمثل خطرا واضحا على شرائح أخرى من السكان ويجعلهم عرضة للإصابة بالفيروس، بما في ذلك كبار السن والمرضى وأولئك الذين يعيشون في مناطق مكتظة بالسكان ذات أنظمة صحية أضعف.
وقالت منظمة الصحة العالمية، في وقت سابق هذا الشهر، إن نسبة الشباب المصابين ارتفعت في جميع أنحاء العالم.