أصبحت حرائق الغابات من الجيل السادس هى "الوضع الطبيعى الجديد"، لأنها تحدث فى جميع أنحاء العالم وفى أماكن لا يمكن تصورها، وتتسبب فى تدمير النظم البيئية الفريدة ذات القيمة البيئية التى لا تحصى لصحة الكوكب بأكمله، مثل الأمازون، وكل هذا فى ظل انشغال العالم بوباء كورونا.
وقالت صحيفة "انفو ريخيون" البيروفية فى تقرير لها، إن هناك العديد من الدول أصبحت غافلة عن دراما حرائق الغابات بسبب الانشغال بأزمة كورونا، مشيرة إلى أنه مرت عدة سنوات منذ أن سجلت الدائرة القطبية الشمالية حرائق، ففى منطقة "الصقيع" هذه، تم تسجيل درجة حرارة قياسية تبلغ 38 درجة مئوية. في المجموع، وذلك بعد احتراق 5.5 مليون هكتار، ما تسبب فى انبعاث 182 مليون طن من ثانى أكسيد الكربون بالغلاف الجوى، حيث تسخن المنطقة القطبية الشمالية مرتين أسرع من بقية الكوكب ، ونتيجة لذلك ، تتولد حرائق شديدة الكثافة.
حرائق
وأضاف التقرير أن الانبعاثات الناتجة عن الحرائق فى عام 2019 أدى إلى إطلاق 7800 مليون طن من ثانى أكسيد الكربون ، وهو ما يعادل حوالى 25 ضعف إجمالى انبعاثات إسبانيا فى عام واحد، واتسم عام 2019 بنشاط حارق استثنائى من حيث الشدة والانبعاثات، وإن الجمع بين موجات الحرارة الطويلة والجفاف المتراكم والرطوبة المنخفضة جنبًا إلى جنب مع النباتات الجافة جدًا والغابات غير المُدارة يولد حرائق أسرع بكثير ووحشية لم يسبق رؤيتها من قبل.
علاوة على ذلك، تم تمديد فترات الخطر، وهذه فى حالة الحرائق فى أستراليا ، حيث بلغت "العواصف النارية" أكثر من 1000 درجة مئوية، ما أسفر عن مقتل العشرات من الأشخاص وأكثر من 1.2 مليار حيوان، والحرائق فى الأمازون أو إندونيسيا لها خلفية اجتماعية اقتصادية واضحة، وهى إزالة الغابات، وأيضا يعتبر التغيير فى استخدامات الأراضى هو أصل هذه الحرائق، ويرجع ذلك بشكل رئيسى إلى النظام الغذائى غير المستدام السائد، ما تسبب فى 75 ٪ من إزالة الغابات في العالم.
الحرائق فى العالم
وتابع التقرير: كما أن هناك علاقة مباشرة بين الحرائق وإزالة الغابات والأوبئة، حيث إن تدمير الغابات، وخاصة الغابات الاستوائية مثل الأمازون وإندونيسيا والكونغو، يجعل من الممكن للبشر أن يتواصلوا مع مجموعات من الحيوانات البرية التى تحمل مسببات الأمراض، ولذلك اتفقت الأمم المتحدة والصندوق العالمي للطبيعة على مفهوم أن الغابات المحفوظة جيدًا تصبح أفضل لقاح ضد الأمراض الحيوانية المنشأ مثل فيروس كورونا.
وأكد التقرير أن وقف تغير المناخ والوقاية هو الدواء الوحيد لهذه الحالة الطارئة العالمية الخطيرة، حيث يجب أن تركز سياسات مكافحة الحرائق على الوقاية الشاملة، لأن حرائق المستقبل تعتمد على تدابير الوقاية التى يتم تطبيقها من الآن فصاعدًا، ولذلك فمن الخطأ الاستمرار فى الاعتماد على سياسات الإطفاء لإخماد الحرائق لأنها أثبتت عدم فعاليتها فى مواجهة الأحداث المتطرفة، على المستوى الكوكبى، هناك حاجة ملحة لمكافحة تغير المناخ العالمى والحد من إزالة الغابات وتدهور الغابات في المناطق الاستوائية.
وتعتبر بوليفيا، من الدول الأخيرة التى عانت من الحرائق فى الغابات، حيث تمكن رجال الإطفاء البوليفيين من السيطرة على حريق استهلك فى الأيام الأخيرة 40 ألف هكتار فى محمية أوتوكيس الطبيعية على الحدود الثلاثية مع البرازيل وباراجواى، حسبما أفادت وزيرة البيئة ماريا إلفا بينكرت.
حرائق بوليفيا
وأشارت الوزيرة فى مؤتمر صحفى إلى أن مهام التخفيف "استغرقت عدة أيام. لقد فقدنا أكثر من 40 ألف هكتار فى هذا الحريق"، مضيفة أنه تم نقل 120 من رجال الإطفاء والمتطوعين إلى الموقع، وهى منطقة محمية تعد جزءًا من المستنقع البوليفى، وهى أرض رطبة ذات أهمية دولية.
في العام الماضي ، تم تسجيل حرائق غابات ضخمة في جميع أنحاء منطقة الأمازون البوليفية ، والتي دمرت 6.4 مليون هكتار.
حرائق باسبانيا
كما أن إسبانيا لا تزال تعانى من العديد من الحرائق فى الغابات، والتى كان آخرها فى منطقة رودييرو بجاليسا، حيث قضت النيران على نحو 50 هكتار، وشارك فى إطفاءها 5 مروحيات و6 طائرات، وقال رئيس البلدية لويس لوبيز، إنه على الرغم من أن الوضع استمر فى التعقيد واستمر العمل المكثف، وتعاون رجال الإطفاء لحماية المزرعة إلا أن الخطر لا يزال موجودا"، وفقا لصحيفة "لا بوث دى جاليسيا" الإسبانية.
حرائق اسبانية
وأيضا فى البرتغال، حيث كافح ما يزيد على 700 من رجال الإطفاء، حريق غابات ضخما فى وسط البلاد، لكن الرياح القوية عرقلت جهود إطفائه، واندلع حريق الغابات في بلدية أوليروس، وامتد إلى بلديتين مجاورتين، وأدى بالفعل إلى إصدار أوامر إخلاء للعديد من الناس كإجراء احترازى.
ولقى رجل إطفاء عمره 21 عاما حتفه فى حادث طريق أثناء مكافحة الحريق، فى حين أصيب ستة آخرون، وقال رئيس الوزراء أنطونيو كوستا فى بيان، "أود أن أرسل كلمة تضامن وتشجيع وشكر لرجال الإطفاء… على العمل الذى يقومون به من أجل البرتغال ولنا جميعا".
حرائق البرتغال
وتظهر بيانات الاتحاد الأوروبى، أن البرتغال واحدة من الدول الأوروبية الأكثر تضررا بسبب الحرائق كل عام، وأحد الأسباب الأساسية لحرائق الغابات المتكررة فيها هو أن أجزاء من المناطق الداخلية فى البلاد مهجورة، بعد أن غادرها سكانها للعيش في المدن أو في الخارج، في حين يجري تجاهل مهمة إزالة الأشجار والشجيرات، الأمر الذي يزيد من مخاطر نشوب الحرائق.
وفى البرازيل، واصل رجال إطفاء وجنود برازيليون مساعيهم للسيطرة على حرائق في منطقة بانتانال، التي تضم أكبر مناطق مستنقعات العالم، وسجل المسؤولون في المنطقة نحو 4000 حريق فيها، منذ بداية العام، وهو ضعف عدد الحرائق التى اشتعلت العام الماضي، وتمتد المنطقة ما بين ولايتي ماتو جروسو وماتو غروسو دو سول، وسط غرب البلاد.
وفي 16 يونيو الماضى، أصدرت الحكومة البرازيلية مرسوما يحظر إشعال النيران في بانتانال وغابات الأمازون لمدة 4 أشهر، ومع هذا فقد سجلت بانتانال وحدها نحو 1000 حريق، منذ بدء تطبيق المرسوم.
كما أن روسيا تعتبر من الدول التى تتعرض للمزيد من الحرائق، والتى كان آخرها فى قرية بمنطقة "ياقوتيا" الروسية، وأظهرت المشاهد التهام الحرائق مساحات كبيرة من الغابات، فى الوقت الذى تطوع فيه سكان قرية "سافاتاى" المجاورة، للعمل مع الأجهزة المختصة لإطفاء الحرائق.
وذكرت الجهات المختصة، أن الوضع فى المنطقة لايزال متوترا نتيجة لما تشهده من حرائق منتشرة، والتى وصل عددها إلى 65 حريقا تنتشر فى مناطق مختلفة، وأضافت السلطات بأن الحرائق امتدت على مساحة 386.4 هكتارا.
وكانت تعرضت فى وقت سابق، عن إخماد أربعة حرائق فى غابات إقليم "كراسنويارسك" على مساحة 300 هكتار.