هل من الخيال أن نرى النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز بقميص مانشستر سيتي، ويتسلم تمريرة فى منتصف الملعب من النجم البلجيكي كيفين دي بروين ثم يراوغ أربعة لاعبين من لاعبي الفريق المنافس، ويتجه بالكرة ناحية اليسار، ثم يسدد كرة من قدمه اليسرى السحرية فى الشباك، ليشتعل حماس الجماهير الغفيرة الموجودة في ملعب "الاتحاد"!.
من المؤكد أن هذا المشهد سيكون خيالياً، فهل سيلعب ميسي مجدداً تحت قيادة المدير الفني الإسباني جوسيب جوارديولا، الذى سبق أن لعب تحت قيادته فى نادى برشلونة خلال الفترة بين عامي 2008 و2012، وقدم أحد أفضل مستوياته على الإطلاق خلال تلك الفترة؟ وهل سيترك ميسي - الذى انضم لبرشلونة فى الثالثة عشرة من عمره، وواصل مسيرته مع الفريق الكتالوني، ليصبح أعظم لاعب فى تاريخ برشلونة وأحد أفضل اللاعبين فى تاريخ اللعبة ككل - برشلونة، وينتقل إلى مانشستر سيتي ليلعب تحت قيادة جوارديولا مرة أخرى؟.
ويتمثل الموقف الحالى لنادى مانشستر سيتى فى أن ميسى لاعب عظيم واستثنائي، وأن جوارديولا ما زال معجباً للغاية بقدراته ويصفه دائماً بأنه أفضل لاعب قام بتدريبه على الإطلاق.
ويرى مانشستر سيتي، أنه من الممكن التعاقد مع ميسي، وإبرام صفقة ستكون هى الأبرز على مر العصور، ويرى النادى الإنجليزى أن الفرصة سانحة الآن لخطف ميسى من "موطنه الروحى لكرة القدم" لخوض تحدٍ جديد فى شرق مدينة مانشستر، فى صفقة ستكون أفضل صفقة فى حقبة تاريخ الدورى الإنجليزى الممتاز، إن لم تكن أهم صفقة فى تاريخ كرة القدم الإنجليزية منذ أواخر القرن التاسع عشر! وسيكون انتقال ميسى إلى إنجلترا حدثاً استثنائياً ستكون له تداعيات هائلة، حيث إن وصول هذا اللاعب الفذ الفائز بلقب دورى أبطال أوروبا أربع مرات وجائزة أفضل لاعب فى العالم ست مرات سينقل الدورى الإنجليزى الممتاز برمته إلى مستوى آخر من الإثارة والمتعة.
وماذا سيكون وضع مانشستر سيتى كنادٍ وكفريق يحاول الفوز بالبطولات والألقاب؟ من المؤكد أن الحصول على خدمات ميسى سوف ينقل النادى إلى المستوى التالى الأعلى، سواء داخل الملعب أو خارجه، وفجأة سيجد مانشستر سيتى نفسه يبرم الصفقة التى يمكنها أن تطور مشروع مالكيه الطموح فى النادي، وفجأة سيتحول مانشستر سيتى إلى ناد يقصده اللاعبون الكبار فى عالم كرة القدم، على غرار ما يحدث مع أندية مثل ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ.
وسيتباهى مانشستر سيتي بأن لديه ميسي، كما يتباهى غريمه التقليدي مانشستر يونايتد بأسطورة مثل جورج بيست، وسوف يعلق جمهور النادى صورة ضخمة للساحر الأرجنتيني ليونيل ميسي على واجهة ملعب الاتحاد، أما داخل الملعب فسيمثل النجم الأرجنتيني دفعة هائلة لمانشستر سيتي تحت قيادة جوارديولا، البالغ من العمر 49 عاماً، الذى يعمل على إعادة بناء الفريق مرة أخرى بعد أربع سنوات من توليه المسؤولية.
ومع رحيل ديفيد سيلفا، ووصول فرناندينيو إلى الخامسة والثلاثين من عمره، وسيرجيو أجويرو إلى الثالثة والثلاثين، وعدم تقديم جابرييل جيسوس أداءً مقنعاً حتى الآن - بالإضافة إلى معاناة الفريق في النواحي الدفاعية - فإن وصول ميسي سيغير صورة مانشستر سيتي تماماً، وسيجعل الفريق يقطع خطوات كبيرة نحو تحقيق الأهداف التي يسعى لتحقيقها، علاوة على ذلك فإن خيبات الأمل المتتالية فى دوري أبطال أوروبا تحت قيادة جوارديولا - بعد إقصائه فى المواسم الأربعة السابقة من دور الـ16، ثم دور الثمانية فى ثلاثة مواسم على التوالي - سيتم استبدالها بقدرة حقيقية على المنافسة على لقب البطولة الوحيدة التي لم يتمكن مانشستر سيتي من الفوز بها حتى الآن.
وعلى الصعيد المحلي، سينجح الفريق في سد الفجوة بينه وبين ليفربول، التي وصلت إلى 18 نقطة الموسم الماضي، كما سيكون لدى الفريق الفرصة الأكبر للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما هو المركز الذى سيلعب فيه ميسي مع مانشستر سيتي؟ هنا، سيكون لدى جوارديولا خيارات خيالية، حيث يمكنه الدفع بالنجم الأرجنتيني في مركز صانع الألعاب خلف أجويرو، أو في خط الوسط إلى جانب كيفين دي بروين. ومع ذلك، يمكن أن يلعب ميسي في أي مكان آخر، ويكون الورقة الرابحة دائماً للفريق الإنجليزي؛ ودائماً ما يؤكد غوارديولا على أن ميسي لديه رؤية ثاقبة داخل الملعب تجعله يلعب بدون الحاجة إلى مدير فني يوجهه من الخارج، فهو يعرف بكل بساطة أين ومتى يتحرك.
ويطرح ذلك السؤال هل يمكن أن يقدم ليونيل ميسي مستويات جيدة في الدوري الإنجليزي الممتاز؟ ويرى البعض أن الدوري الإنجليزي الممتاز، الذى يعتمد على القوة البدنية الهائلة والسرعة الشديدة، لن يكون ملائماً لميسي الذى يبلغ من العمر الآن 33 عاماً، ولم يلعب سوى في الدوري الإسباني الممتاز الأبطأ كثيراً.
لكن عندما يتعلق الأمر بلاعب يمتلك موهبة استثنائية لا نراها إلا قليلاً، فإن الإجابة هى: نعم يستطيع ميسي التألق في الدوري الإنجليزي الممتاز. لكن على أي حال سيكون من الرائع أن ترى الجماهير ميسي وهو يرتدي قميص مانشستر سيتي وينزل إلى أرض الملعب ولديه رغبة كبيرة في أن يثبت للجميع أنه قادر على التألق في أي مكان يلعب به، لأنه لاعب فذ قلما تجود به ملاعب كرة القدم!