الفلسفة القارية مفهوم محل جدل يأخذنا إلى قلب هوية الفلسفة وعلاقتها بالأمور محل الاهتمام العام، وتلك المتعلقة بالحياة الشخصية، ويعد كتاب "الفلسفة القارية: مقدمة قصيرة جدا" تألف سايمون كريتشلي، أحد الكتب التى تسعى إلى الإجابة عن السؤال التالي: «ما الفلسفة القارية؟» من خلال سرد قصة تبدأ بِكانط قبل مائتى سنة، وتتضمن مناقشات حول فلاسفة كبار أمثال نيتشه وهوسرل وهايدجر.
وفى صميم الكتاب دعوة لوضع الفلسفة فى مركز الحياة الثقافية، ومن ثم إحياء تعريفها القديم بأنها «حب الحكمة» الذى يجعل الحياة تستحق العيش.
الفلسفة القارية
ويعرف الكتاب الفلسفة القارية بأنها هى اسم لفترة تمتد لمائتى سنة فى تاريخ الفلسفة، تبدأ بنشر الفلسفة النقدية لكانط فى ثمانينيات القرن الثامن عشر، وحفز ذلك ظهور الحركات الفلسفية الرئيسية التالية: المثالية والرومانسية الألمانية وما تلاها (فيشته، وشيلينج، وهيجل، وشليجل، ونوفاليس، وشلايرماخر، وشوبنهاور، نقد الميتافيزيقا (أو ما وراء الطبيعة) و"سادة الشك" (فيورباخ، وماركس، ونيتشه، وفرويد، وبرجسون)، الفلسفة الوجودية والفنومينولوجيا الألمانية (هوسرل، وماكس شيلر، وكارل ياسبرس، وهايدجر)، الفنومينولوجيا، والهيجلية، واللاهيجلية الفرنسية (كوجيف، وسارتر، وميرلو-بونتي، وليفيناس، وباتاي، ودى بوفوار)، التأويلية (ديلتاي، وجادامير، وريكور)، الماركسية الغربية ومدرسة فرانكفورت (لوكاتش، وبنجامين، وهوركهايمر، وأدورنو، وماركوزه، وهابرماس)، البنيوية الفرنسية (ليفي-شتراوس، ولاكان، وألتوسير)، وما بعد البنيوية (فوكو، ودريدا، ودولوز)، وما بعد الحداثة (ليوتار، وبودريار)، والنسوية (إيريجاري، وكريستيفا).
يقدم الفصل الثانى طرقا تاريخية مختلفة للتمييز بين الفلسفة القارية والتحليلية، فأرجع بدايات الفلسفة القارية إلى استقبال أعمال إيمانويل كانط فى أواخر القرن الثامن عشر، الذى يعد فى نواحٍ كثيرةٍ الشخصيةَ العظيمة الأخيرة المشتركةَ لدى التقليدين: القارى والتحليلى، وهو أيضًا الذى أعلن بدء انفصال هذين المنهجين أحدهما عن الآخر، وسوف أتناول السبب فى هذه الحالة من خلال مقارنة المنهجين مع منهج كانط.
يبدأ الفصل الثالث بتناول بعض مشاكل التمييز بين الفلسفة القارية والتحليلية، قبل تناول بعض التمثيلات النمطية إلى حد ما — والمثيرة للاهتمام حقا، لذلك فى الأدبيات الفلسفية. وبعد ذلك أناقش معنيين للفلسفة القارية؛ الأول: باعتبارها وصفًا ذاتيًّا أكاديميًّا يستخدمه الفلاسفة.
وأحاول فى الفصل الرابع أن أبين ما هو مميز وجذاب فى الفلسفة القارية على نحو منهجى أكثر؛ فبعد تقديم بعض الملاحظات حول كيف أن المرء يمكن أن يفسر اختلاف الممارسة بين الفلاسفة، أركز على مفهومى التقليد والتاريخ وإيضاح كيفية فهم هذين المصطلحين على نحو مثير للاهتمام لدى اثنين من الفلاسفة هما إدموند هوسرل وَمارتن هايدجر.