هنا بمدينة البهنسا أو البقيع الثانى كما يطلق عليها بالمنيا يرقد شهداء غزوة بدر ورغم أن المدينة أغلقت أبوابها أمام الزائرين بسبب جائحة فيروس كورونا، إلا أنك تشعر أنك مازلت فى حضرة التاريخ الإسلامى، عندما تطأ قدمك هذا المكان تشعر بالقشعريرة.
الجميع يكون حريصا ألا تطأ قدمه قبور صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والغالبية يخلعون نعالهم عند الزيارة، وهذا ما فعله الشيخ عبد الحليم محمود عند زيارته لمدينة البهنسا، فقد خلع نعليه وعندما سأل عن ذلك قال كيف تطأ قدمى مقامات صحابة الرسول بالحذاء.
مشهد مهيب حيث تتوسط قباب الصحابة والتابعين مدافن البسطاء الذين حرصوا على دفن موتاهم هناك تبركا بالمكان.
مدينة البهنسا إحدى قرى مركز ومدينة بنى مزار محافظة المنيا وتقع على بعد 15 كم من بنى مزار على الجانب الغربى لبحر يوسف وتشتهر بجباناتها وتلالها الأثرية وموالد الأولياء والشهداء وقد مر بها العديد من التطورات والتغيرات على فترات وحقب التاريخ المختلفة بداية من العصر الفرعونى ثم اليونانى الرومانى نهاية بالعصر الاسلامى وكانت ذات مكانة هامة فى العصر الاسلامى ودل على ذلك العديد من الاثار العمرانية القائمة والدراسة التى كانت تزخر بها مدينة البهنسا من جوامع وقباب ووكالات وحمامات وازدهار الفنون بها ومن اهمها النسيج والخزف والفخار والمسكوكات، حيث كانت من أهم مراكز هذه الصناعات تعتبر البهنسا متحف تاريخى مفتوح وذلك من عصور مصرية قديمة ووجدت بها اثار تدل على تاريخ هذه الفترات المتعاقبة على مصر .
وذكرها الرحالة ابن بطوطة بأنها مدينة كبيرة وبساتينها كثيرة وتصنع بها الصوف الجيدة والنسيج المطرز ،حيث قال ثم سافرت منها إلى مدينة البهنسا وهى مدينة كبيرة وبساتينها كثيرة، "وضبط اسمها بفتح الموحدة وإسكان الهاء وفتح النون والسين" وتصنع بهذه المدينة ثياب الصوف الجيدة.
وممن لقيته بها قاضيها العالم شرف الدين، وهو كريم النفس فاضل ولقيت بها الشيخ الصالح أبا بكر العجمي، ونزلت عنده وأضافنى ثم سافرت منها إلى مدينة منية ابن خصيب، وهى مدينة كبيرة الساحة متسعة المساحة مبنية على شاطئ النيل وحق حقيق لها على بلاد الصعيد التفضيل بها المارس والمشاهد والزوايا والمساجد وكانت فى القديم منية عامل مصر الخصيب.
وذكر الواقدى بأنه حضر البهنسا عشرة آلاف عين رأت النبى صلى الله عليه وسلم وسبعون بدريا ممن حضروا غزوة بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم والأمراء والسادات وأصحاب الرايات 1400 ودفن بأرض البهنسا نحو 5000 صحابى.
وذكرها على باشا مبارك فى الخطط التوفيقية بأنها مدينة كان لها شهرة عظيمة ومسطحها حوالى 1000 فدان ويعمل بها الستور الذهبية وكان طول الستر 30 ذراعا وكان اقليمها يضم 120 قرية غير الكفور والنجوع، وكانت وقت فتحها العرب المسلمون عالية الجدران حصينة البنيان ومنيعة الاركان وكان لها أبواب أربعة الشمالى قندس والغربى الجبل والقبلى توما والشرقى البحر وكان لكل باب ثلاثة أبراج وكان بها أربعون رباطا وقصور ومساجد كثيرة وبنهايتها الغربية يوجد محل شهير عرف بالسبع بنات فيه نوع انحدار وفيه مراغة يتمرغ الناس فيه ذكورا واناثا طلبا للشفاء وكان به مجموعة من القبور .
سيدى على التكرورى هو فارس عراقى من التابعين شارك الصحابة فى فتح مصر وظل على أرض البهنسا حتى توفى وأقيم له المقام الخاص به الذى تحول إلى قبلة لراغبى الانجاب وفك الأعمال والسحر وطالبى العمل، حكايات كثيرة تسمعها على الأبواب المغلقة بسبب جائحة كورونا لكل المقامات الموجودة على أرض البهنسا، ومنها حكاية وكرامات سيدى على التكرورى.
يقول محمد عبداللاه مزارع من مركز المنيا أنا حريص أن أتى إلى البهنسا كل يوم جمعه وذلك منذ أكثر من 15 عام أصطحب أسرتى إلى هنا من الصباح الباكر حتى قبل غروب الشمس ثم نرحل.
وأضاف هنا نشعر أننا فى حالة نفسية جيدة نشعر أننا فى البقيع الثانى نشعر براحة نفسية كبيرة، وخاصة أننا نحب ال البيت والصحابة، وأكد لم انقطع أسبوع واحدا عن الزيارة رغم أن المسافات بعيدة حوالى 70 كيلو رغم ذلك لا نشعر بطول الطريق، وأكد رغم إغلاق جميع الأماكن للزيارة بسبب كورونا فانا أتى بمفردى إلى هنا كل يوم جمعه وتزور مقام سيدى على التكرورى من الخارج وارحل.
أما نصر خلف أحد أبناء بنى مزار قال إن مقام سيدى التكرورى كان قبل جائحة كرونا يأى إليه الناس من مختلف مراكز محافظة المنيا ومعهم الأطفال والنساء وكانت تقام الحضرة داخل المقام وهى عبارة عن التكبير وذكر الله ورسوله والمفاجأة أنه خلال تلك الحضرة تظهر وكان شاشه تشق فى سقف المقام وتشاهد معركة المسلمين مع الروم وتشاهد الأحصنة وكأنك بالفعل فى الحرب.
واضاف ذلك يكون قبل أذان ظهر الجمعة ولكن بمجرد أن يؤذن لصلاة الجمعة تنتهى تلك المعركة واختفى من جديد .
أما سعاد محمد وهى إحدى السيدات التى تأتى إلى البهنسا منذ سنوات طويلة قالت سمعت حكايات كثيرة عن البهنسا وعن كرامات الأولياء بها هنا يأتى كل أصحاب الحاجات ولديهم الأمل فى قضاء حوائجهم بالتضرع إلى الله، وذلك لأنهم بالبقيع الثانى بالمكان الذى يضم صحابة الرسول والبسطاء من الناس الذى فضلوا أن يدفنوا بجوار الصحابة.
وقالت الكثير يأتى إلى مقام سيدى التكرورى وهناك تظهر على جدران المكان وكأنك تشاهد معركة الفتح الإسلامى وأحداث المعركة تدور بين المسلمين والروم فى ذلك الوقت ،لذلك يعد مقام سيدى التكرورى هو أحد المقامات الهامة وقبلة الزائرين خاصة من أهل القرى المجاورة للبنهسا أو حتى البعيدة بمختلف مراكز المحافظة.
وقالت كان يأتى الناس هنا يكبرون ويهللون ويمدحون الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تظهر على جدران المقام معركة الفتح والفرسان على الأحصنة لبعض الوقت وعند اذان الظهر تنتهى فلا يرى أحد شىء منها.
قصة فتح البهنسا
عندما انتهى عمرو بن العاص من فتح مدن الوجه البحرى والقاهرة والجيزة والإسكندرية واراد السير لفتح الصعيد فأرسل إلى سيدنا عمر بن الخطاب يطلب منه الاذن فأرسل بالفعل قيس بن الحارس المرادى الذى يفت الناس فى زمانه ويروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب وذهب لفتح البهنسا وحاصرها وعسكر بقرية القيس التى سميت باسمه ولما علم الروم بذلك جمعوا كل فلول حاميتهم وعلموا انه لو سقطت البهنسا لسقط الصعيد كله واشتدت المعركة واشتد الحصار فأرسل الى خالد بن الوليد يطلب منه أن يسير معهم هو والمهاجرين والأنصار ولكنه ارسل ابى عبد الله الزبير بن العوام ومعه 300 فارس ولما بعد ارسل خلفه المقداد بن الاسود وضرار بن الأزور ودفع لهما 200 فارس ثم عبد الله بن عمر ومعه 200 فارس وعقبة بن عامر الجهنى ومعه 200 فارس.
وقد تم عمل بروشور عن آثار البهنسا من خلال وزارة السياحة والاثار وتاريخها وذلك لتوزيعه على الزيارات الوافدة للبهنسا ، وحاليا فى انتظار البدء فى اعمال ترميم وصيانة اثار البهنسا من خلال ميزانية تم رصدها من وزارة السياحة والاثار وسوف تخضع عملية الترميم لجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة تحت إشراف وزارة السياحة والآثار.
كما تم غلق المنطقة الاثرية بالبهنسا لاتخاذ الإجراءات الاحترازية ضد تفشى فيروس كورونا ومنعا للزحام والتكدس اثناء الزيارات وخاصة فى ايام الجمعة والأعياد.
وتزخر المنطقة بالعديد من قباب الصحابة ومن بينها قبة محمد الخرسى والحسن الصالح والسيدة رقية وكذلك قبة السبع بنات وهى نوع انحدار ومراغة يتمرغ فيه الناس من الرجال والنساء طلبا للشفاء وقبة ابومحمد يوسف بن عبدالله التكرور وهو أحد الأمراء المغاربه، وكذلك قبة الأمير زياد بن أبى سفيان وهواة بنت الأزور وعلى الحمام واولاد عقيل.
واضاف ايضا يوجد قبة أبان بن عثمان بن عفان وقبة ابوسمره ومحمد بن عقبه بن عامر الجهنى ومحمد بن أبى ذر الغفارى ومحمد ابن أبى بكر وغيرهم الكثير من الصحابة والتابعين.