أظهر رسم القلب للرئيس جمال عبدالناصر، أن هناك دلائل على وجود جلطة بالشريان التاجى، وبذلك زادت شكوك الدكتور الصاوى حبيب، الطبيب الخاص للرئيس، فى وجودها منذ أن قام بفحصه بعد شكواه من ضيق فى التنفس يوم 11 سبتمبر 1969، لكن «حبيب» انتظر مزيدا من الفحوص، حسب مذكراته التى يؤكد فيها، أن هذه الأزمة القلبية كانت الأولى للرئيس، ومهدت لتفاقم حالته المرضية التى انتهت بوفاته يوم 28 سبتمبر 1970.. «راجع، ذات يوم، 11 سبتمبر 2020».
ويكشف «حبيب» أنه لم يكشف للرئيس حقيقة مرضه بعد ظهور نتيجة رسم القلب، وإنما أخبره بوجود أنفلونزا شديدة تستوجب الراحة التامة، ويذكر أنه أبلغ الدكتور منصور فايز، رئيس الفريق الطبى للرئيس، بالموقف فحضر فورا، وبعد أن أكد التشخيص قرر أنه لابد من وجود طبيب قلب معروف، وتم الاستقرار على الدكتور محمود صلاح الدين، أستاذ القلب بجامعة الإسكندرية، الذى كان يتردد على الرئيس بصفة طبيعية ووجوده لا يثير أى تساؤلات، وأكد هو الآخر التشخيص، لكنه أبلغ الرئيس أيضا أنه مصاب بأنفلونزا شديدة تستدعى الراحة التامة لأنها قد تؤثر على عضلة القلب.
ويذكر «حبيب»، أن الدكتور محمود صلاح الدين كان يزور الرئيس يوميا صباحا وبعد الظهر مع الدكتور منصور فايز ومعه، مما لفت نظر الرئيس الذى لم يعرف حقيقة مرضه إلا بعد مرور عدة أيام، بعد أن وجد عمالا فى البيت يجهزون لتركيب مصعد.. يتذكر «حبيب» أن الرئيس سأله سؤالا واحدا وهو: هل كان الدكتور محمود صلاح موجودا فى القاهرة كما ادعيت أنا له، أم تم استدعاؤه من الإسكندرية؟.
يعترف «حبيب»: «لم أجب، وهكذا عرف الحقيقة».. ويضيف: «كنت أقابل يوميا الأستاذ محمد حسنين هيكل، ويسألنى عن صحة الرئيس، وكنت أجيب بشىء من التحفظ، ولذلك سألت الرئيس عن الأشخاص الذين يمكن أن يعرفوا هذا الخبر، وأخبرنى عن خمسة منهم أنور السادات وهيكل، وأقمت بصفة دائمة فى حجرة السكرتارية لاجتياز الأيام الأولى لمدة خمسة عشر يوما».
ويكشف سامى شرف، مدير مكتب جمال عبد الناصر، أنه فى مساء يوم 11 سبتمبر 1969، وبعد الفحوصات الطبية، استدعى نائبه أنور السادات، وشعراوى جمعة وزير الداخلية، وأمين هويدى، رئيس المخابرات العامة، ومحمد حسنين هيكل، وسامى شرف، وأبلغهم بما قرره الأطباء وتشكيل مجموعة عمل يومى برئاسة السادات.. يؤكد شرف: «طلب الرئيس منا استمرار العمل بنفس الأسلوب وبزيادة لقائنا اليومى ليكون مرتين بدلا من مرة واحدة، واتفق على أن يذاع خبر بأنه مصاب بدور أنفلونزا حادة وأنه سيلزم الفراش لبضعة أيام».
ونشرت صحيفة الأهرام خبرا بأن الرئيس يعتكف لبضعة أيام لإصابته بالأنفلونزا.. ويضيف شرف: «كانت مجموعة العمل اليومى تمارس نشاطها برئاسة السادات، ومن خلال اتصال مباشر مع عبدالناصر الذى كان حريصا على عدم تسرب مرضه بالقلب، خاصة للإسرائيليين والأمريكان نظرا لأبعاده الخطيرة فى ظل ظروف النكسة».
ويؤكد «شرف» أن الراحة الإجبارية التى قررها الأطباء لم تستمر أكثر من يومين.. ويكشف: «فى اليوم الثالث للإصابة بالأزمة القلبية طلب السفير السوفيتى مقابلة عاجلة ليبلغ الرئيس رسالة مهمة من القادة السوفييت، وكانت ردا على طلب بعث به الرئيس للحصول على معدات وقطع غيار مهمة للقوات الجوية والدفاع الجوى المصرى».. يذكر شرف، أنه اقترح على الرئيس أن تقابل لجنة العمل اليومى مجتمعة برئاسة السادات نيابة عنه السفير السوفيتى وكبير الخبراء السوفييت، أو يقابلهما أنا «شرف» مع الفريق أول محمد فوزى «وزير الحربية»
لكنه أصر على مقابلتهما شخصيا، فى هذا الموضوع يقول شرف: «قال لى: «هات السفير وكبير الخبراء والمترجم الساعة التاسعة مساء».. ويضيف: «أبلغا الرئيس بموافقة القيادة السوفيتية على مطالبه، وأن المعدات وقطع الغيار المطلوبة وصلت فعلا مساء اليوم إلى مطار ألماظة الحربى».
ويكشف الدكتور منصور فايز، فى مذكراته، «مشوارى مع عبدالناصر»، أنه طلب من الرئيس استشارة أحد أخصائى أمراض القلب فى أمريكا أو بريطانيا، ولكنه رفض من جديد خشية أن يعرف الإسرائيليون، لكنه وافق على حضور «شازوف» أكبر أطباء القلب فى الاتحاد السوفيتى.. ويؤكد «حبيب»: «جاء شازوف، واطلع على جميع الأبحاث التى أجريت، وقام بفحص الرئيس وأقر التشخيص والعلاج».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة