تاريخ الإخوان مع العنف والتطرف.. علماء بالأزهر كشفوا انحراف الجماعة ووصفوها بخوارج العصر..الشيخ مصطفى المراغى اتهمها بخلق مرجعية موازية للأزهر..والباقورى أكد حملهم للسلاح.. وأحمد محمد شاكر: أسالت دماء الآبرياء

الأربعاء، 16 سبتمبر 2020 12:00 ص
تاريخ الإخوان مع العنف والتطرف.. علماء بالأزهر كشفوا انحراف الجماعة ووصفوها بخوارج العصر..الشيخ مصطفى المراغى اتهمها بخلق مرجعية موازية للأزهر..والباقورى أكد حملهم للسلاح.. وأحمد محمد شاكر: أسالت دماء الآبرياء قيادات الإخوان
كتب محمد إسماعيل - أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تاريخ الإخوان الإرهابى بدأ منذ نشأة جماعة الإخوان، المنهج الإخوانى انتقده علماء الأزهر منذ نشأة الجماعة، فمن بين من انتقدوا فكر الإخوان كان الشيخ مصطفى المراغى الذى لم يكن محسوبا على تيار سياسى، أو منحازا إلى جبهة أو فكرة، وإنما عُرف باعتباره أزهريا متجردا، وواحدا من أصحاب الرؤى التنويرية المؤسسة على أرضية وسطية، كما أنه فى طليعة مُجددى عصره.

يمكن القول إن المراغى أبرز شيوخ الأزهر المجددين فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى، وعلى تلك الأرضية جاءت مواقفه تجاه جماعة الإخوان بكل ممارساتها المنحرفة، فقد كان أول شيخ للأزهر يطالب بحل الجماعة خلال أربعينيات القرن الماضى، بعدما انكشف منهجها الحقيقى فى العنف والإرهاب.

موقف الإمام المراغى كان متجردًا من أى اعتبار، فرغم علاقته الإنسانية السابقة بمؤسس الجماعة حسن البنا، ولقاءاتهما المتكررة التى كان البنا يعرض فيها وجهة نظر جماعته بشأن إصلاح التعليم الدينى، ويستضىء برؤى الإمام وأفكاره، أبى «المراغى» أن يصمت على الحق أو يتهاون فى اتخاذ موقف من انحراف الجماعة.

فى البداية اعتقد الشيخ محمد مصطفى المراغى، أن الجماعة هدفها نشر الدين الإسلامى، كما ادعى حسن البنا وأتباعه، لكن سرعان ما انكشفت الحقيقة أمامه، وتأكد أنها تسعى لأن تكون جماعة بديلة عن الإسلام، وترى أن من ليس داخلها فهو خارج على الدين، ومنذ تلك اللحظة بدأت مواقفه تجاه التنظيم تتبدل وتتغير بشكل كامل.

يعرف الشيخ المراغى بأنه أول أزهرى طالب بحل التنظيم علنا، عندما طالب رئيس الوزراء حينها أحمد ماهر بضرورة حل الإخوان، وذلك بعد شهور فقط من تأسيسها ما أسمته «قسم الفتوى»، حتى يكون مرجعية الجماعة فى الفتوى ونافذة بديلة عن الأزهر والمؤسسات الدينية، والمفارقة أن «ماهر» نفسه قُتل لاحقًا على أيدى الإخوان.

وأوضح المراغى أن جماعة الإخوان تريد خلق مرجعية موازية للأزهر، دون أن تكون مؤهلة للأمر من بعيد أو قريب، وقد صار للجماعة قلم إفتاء خاص، وعلى أثر ذلك كان الاقتراح الذى تقدم به فى العام 1945 إلى رئيس الوزراء حينها، يطالبه بحل الإخوان والجماعات المماثلة، لأنها أباحت لنفسها حق إصدار الفتوى ونشرها على الناس، لكنه توفى فى العام نفسه قبل أن يُحقّق طلبه.

وأبرزت مجلة الإخوان مطالبة شيخ الأزهر الإمام المراغى بحل الجماعة، فكتبت تحت عنوان أربع محاولات لحل جماعة الإخوان، والمرة الثالثة كانت فى وزارة أحمد ماهر باشا، وكانت هذه المرة على طلب الشيخ المراغى، الذى طالب بحل جميع الهيئات الدينية، وبينها جماعة الإخوان، لأن هذه الهيئات أباحت لنفسها استصدار الفتوى ونشرها على الناس، كل بما يتفق وأغراضها.

وشهادات عديدة لعلماء الأزهر منذ عقود تكشف انحراف فكر الجماعة، من بين هذه الشهادات هي شهادة الشيخ أحمد حسن الباقورى، والذى كان وزيرا للأوقاف بعد ثورة 23 يوليو 1952، وهو أول قيادى إخوانى بارز يُعلن انشقاقه عن الجماعة فى عهد ثورة يوليو، بعدما حاول التنظيم اختطاف الثورة والدولة، وهدد الجميع بإشعال البلاد إذا لم يتحقق له ما يُريد، فاضطر الباقورى أمام هذا الانحراف، وفى ضوء القمع الذى تعرض له من مرشد الإخوان وقتها، حسن الهضيبى، إلى الاستقالة ورفض دعوة الإخوان بعدما تأكد انحرافها ووصل إلى مدى لا يمكن احتماله.

سجل لباقورى شهادة تاريخية بشأن الإخوان الذين ظل ممثلا لهم حتى قبول وزارة الأوقاف التى رشحته لها الجماعة بنفسها قبل أن تختلف مع الضباط الأحرار. ويقول الشيخ الجليل: «ليس يسع الذين قرأوا تاريخ أمتنا إلا أن يمقتوا العنف، فضلا عن القتل، مهما تكن الدواعى إليه والمسوغات له فى نظر الخادعين أو المخدوعين، وفى تاريخنا الحديث رأينا العنف يأخذ الطريق على خطط الإصلاح التى أراد لها زعماء الأمة أن تقود وأن تسود، والاستعانة بالعنف الدامى على تأييد خطوات الإصلاح والتمكين للمصلحين لم يثمر إلا أسوأ النتائج».

ويتابع الباقورى: جاهدة الغاضبين المستعمرين عمل تزكية الفطرة وتحرص عليه الشريعة، كما أخبرنى الأستاذ المرشد حسن البنا، بيد أن هناك وقفة، وهى أن الانحراف عن هذه الغاية المشروعة فى قتال الغاصب المحتل، إلى غاية أخرى تتحرى مقاتلة المواطنين، أمر كرهه للمسلم رسول الله بقوله الشريف الذى نهى فيه عن قتال المصلين، فإذا أقدم المسلم على قتل أخيه الذى انقاد لشرائع الإسلام، فإن ذلك بلا ريب خطأ فى الاجتهاد، ضرره أكبر من نفعه، وشرّه أكثر من خيره، فإذا جاهد الرجل مُغتصبا لبلده، أو مُعتديًا على مقدساته، فإن ذلك أمر تُزكّيه الفطرة ويرضاه الدين، فأما إذا خيل له أن مجاهدة مواطنيه أو ولى الأمر فى بلده، فشهر سلاحه فى وجهه، فإن ذلك صدع فى المروءة ووهن فى الدين، ويتمثل هذا الفرق بين هاتين الصورتين من صور الجهاد، قتال الغاصب المحتل، وقتال المواطن الأعزل، فقتل رجل يؤدى عملا لبلده مثل القاضى الخازندار هو بلا ريب عمل يأباه المصلحون الذى يحرصون على التقيد بالتزام حدود الله.

ويستطرد الشيخ الباقورى: بعد مقتل البنا، جاء فى ذات يوم بعض الإخوة فى حلوان وأبلغونى رغبة الجماعة فى الثأر، وأنه لا يكافئ البنا إلا الملك فاروق نفسه، ثم طلبوا منى أن أستعين على تكوين الرأى بثلاثة أشخاص، الهضيبى والحاج أمين الحسينى مفتى فلسطين، وقد رفضا الاقتراح، ومحب الدين الخطيب الذى ما كاد يسمع كلمة الأثر حتى تغيّر وجهه وتعثّرت الكلمات فى لسانه، ثم قال: إن تعليم الشعب أمور دينه وتربيته على آداب الإسلام، تجعل الحكم يسعى إليك سعى المريض إلى الطبيب، يطلب عنده الشفاء، أو سعى المُعدَم إلى الغنىّ يستعينه على تحصيل الغذاء والكساء، فلما لم يقنع المرشد برأى، ترك جماعة الإخوان مكتفيا بإصدار مجلة الزهراء وصحيفة الفتح، التى كانت تعنى بأنباء الغارة على العالم الإسلامى، وبذلك يكون محب الخطيب أول خارج على نظام الجماعة فى عهد البنا، وقد جاءنى الثلاثة فأخبرتهم بما قال الثلاثة، لكنهم لم يقتنعوا، فأخذوا يُدبّرون أمرًا يُفضى إلى اغتيال حامد جودة رئيس مجلس النواب، وإبراهيم عبد الهادى رئيس مجلس الوزراء، ولم ينجحوا فيما أرادوا، وكان ذلك فى شهر مايو1949.

وتظل شهادة الشيخ أحمد محمد شاكر حول فكر الإخوان أحد أبرز الشهادات التي تكشف انحراف الجماعة منذ نشأتها، حيث حاول الإخوان استقطاب العلامة أحمد محمد شاكر، واجتذبوه لإلقاء دروس ومحاضرات لأعضاء الجماعة، لكنه انفصل عنهم سريعًا بعدما لاحظ الغلوّ والتشدد والانغلاق فى أفكارهم، ورغبتهم فى تطويع الدين لرؤية التنظيم، بدلًا من توظيف التنظيم فى خدمة الدين كما يزعمون.

المؤكد أن شاكر أحد الوجوه البارزة فى العلوم الإسلامية، وغير محسوب على تيار أو توجه سوى الخطاب الدينى والفكرى الصافى، لذا لا يستطيع أحد داخل الإخوان أو خارجها، التشكيك فى مكانة العلامة الراحل وقيمته العلمية والفكرية، أو المساس بما سجله من مآخذ وملاحظات على الجماعة الإرهابية وانحرافاتها.

وكان أحمد محمد شاكر أحد أبرز علماء الأزهر الشريف، وأهم متخصصى عصره فى علم الحديث، وقد تدرج فى المناصب داخل المؤسسة حتى صار وكيلا للأزهر الشريف. وكان من أوضح ما قاله فى نقد الإخوان، إن الجماعة تمثل خوارج العصر، وأنه لعل الله يهدى بعض هؤلاء الخوارج المجرمين، فيرجعون إلى دينهم قبل أن لا يكون سبيل إلى الرجوع، وإنما الإثم والخزى على هؤلاء الخوارج القتلة مُستحلّى الدماء، وعلى من يدافع عنهم ويريد أن تتردى بلادنا عن الهوة.

وفى مقال له بعنوان "الإيمان قيد الفتك عند الإخوان"، فضح أحمد محمد شاكر منهج الإخوان، قائلًا: رُوّع العالم الإسلامى والعربى، بل وكثير من الأقطار غيرها، باغتيال الرجل، الرجل بمعنى الكلمة، النقراشى الشهيد غفر الله له.

ويستكمل حديثه عن جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، التى نفذتها جماعة الإخوان الإرهابية: القاتل السياسى يقتل مطمئن النفس، راضى القلب، يعتقد أنه يفعل خيرًا، فإنه يعتقد بما بُثّ فيه مغالطات أنه يفعل عملًا حلالًا جائزًا، وأنه يقوم بواجب إسلامى قصّر فيه غيره، فهذا مُرتد خارج عن الإسلام، ويجب أن يُعامل معاملة المرتدين، وأن تُطبق عليه أحكامهم فى الشرائع، وفى القانون هم الخوارج، كالخوارج القدماء الذين كانوا يقتلون أصحاب رسول الله، ويدعون من اعترف على نفسه بالكفر، وكان ظاهرهم كظاهر هؤلاء الخوارج، بل خيرًا منه، وقد وصفهم رسول الله بالوحى قبل أن يراهم: يُحقّر أحدكم، صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ويمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، معتبرًا أن الإخوان يصدق فيهم ما صدق فى المنافقين والخوارج قديمًا، وهو أحد أشد الآراء قسوة فى الجماعة، إذ يُلحقهم إلى جوار من قتلوا على بن أبى طالب والحسين وطابورًا طويلًا من الصحابة وآل بيت النبى.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة