إن التعليم على مر العصور هو الأسلوب الصحيح لفهم حقيقة كل شعب وهو المرآة التي تعكس عادات وتقاليد هذا الشعب، بالإضافة إلى أن الأسلوب التربوي أبرز كثيرا من القيم التي ما زلنا نتوارثها حتى الآن..
فكيف كانت منظومة التربية والتعليم من أقدم العصور؟
كان نظام التعليم في الدولة القديمة قائم على نظام يُعرف بـ (التعليم الأُسري في مكان التعلُّم) وتمثل هذا النظام في أن يبيت التلميذ في بيت معلمه بشكل دائم، ولذلك كان للمعلم دور كبير في الاعتناء بتلميذه فكان بمثابة الأب والراعي الصالح والمسئول الأول عن التلميذ، وبعد ذلك تطور هذا النظام فأصبح هناك فيما يُعرف باسم (الفصول المدرسية) وذلك بسبب إدراك المعلمين أن التلاميذ في المرحلة الابتدائية يجب أن يتعلموا في شكل جماعي ..
ولقد ورد أقدم ذكر لكلمة فصل مدرسي في عصر الاضمحلال الأول، وهو العصر الذي تلا انهيار الدولة القديمة، وفي عصر أحدث نوعا ما عرفنا أول كتاب مدرسي والمعروف باسم (كمت Kemet).
وفي بداية الأسرة الثامنة عشرة تم العثور على بعض التعاليم التي تتحدث عن النظام المدرسي، ولقد ذكر لنا G . Ponser أن السبب الرئيسي في تجميع الأطفال في فصول ومدارس كان نتيجةً للاحتياج للموظفين المتعلمين وذلك بعد تغيير التقاليد خلال عصر الانتقال والذي كان غير مُثقف ، وغير مُنظم.. فأصبح في الدولة الوسطى نظاما مختلفا تمامًا يعطي قيمة للموظفين، والذين يتم تشكيلهم بطريقةٍ فنية وأخلاقية.
أما في عصر الدولة الحديثة؛ فأصبح لدينا نصوص مدرسية عديدة على أوراق البردي، والقطع الحجرية، والألواح الخشبية..
ولقد انقسمت مدة التعليم في المرحلة الأولى إلى خمس سنوات، والمرحلة المتوسطة خمس سنوات، والمرحلة النهائية خمس سنوات أيضًا، أما الأخيرة فأشبه ما تكون بمرحلة التعليم الجامعي.. وقد تعلم فيها الكثير من العلماء والفلاسفة اليونانيين الذين عاشوا في مصر لعدة سنوات بهدف التعليم مثل: فيثاغورث، وأفلاطون.
ولقد دلتنا النقوش والرسوم والتماثيل على مدى أهمية التربية في المجتمع وأنها تبدأ من الوالدين أولاً وإحاطتهما لأولادهما بالرعاية السليمة والحب ..
ومن أقاويل الحكيم بتاح حتب عن التربية:
"إذا كنت عاقلاً فربِّ ابنك حسبما يرضى الله تعالى، وإذا شبَّ على مثالك، وجدَّ في عمله فأحسِّن معاملته.. أما إذا طاش وساء سلوكه فهذّب أخلاقه وأبعده عن الأشرار لئلا يستخف بأمرك".
ومن وصايا الحكيم آني للأولاد:
"ضاعف قدر الخبز الذي تعطيه لأمك، واحملها كما حملتك، ثم بعد ولادتك حملتك حول رقبتها، وأعطتك ثديها (أرضعتك) ثلاث سنوات، ولم تكن متبرمة، ولم تنفر من فضلاتك، ثم ألحقتك بالمدرسة لتعلم الكتابة.. وقدّم الماء لأبيك ولأمك، وإياك أن تغفل هذا الواجب حتى يعمل ابنك مثله لك، ولا تجلس إذا كان واقفًا من هو أكبر منك سنًا.. تخيّر الكلمة الطيبة قبل أن تنطق بها، واحبس الكلمة السيئة في جوفك".
أما عن أهمية التعليم فقد تم العثور على بردية كتبها مدرس لتلاميذه ويقول فيها:
"إن كاتبًا واحدًا لأعز قيمة من بيت الباني، ومن مقصورة في الغرب -أي في الحياة الأخرى- وأجمل من قصر مشيد ومن نصب تذكاري في معبد "
ولذلك.. فإن التربية والتعليم تُرسخ للإنسان القيم الإنسانية والأخلاقية في مختلف المجالات وفي مختلف العصور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة