الطوفان فى الحضارات القديمة.. ملحمة نوح تشبه ملاحم هندية ويونانية وإفريقية

الأحد، 20 سبتمبر 2020 07:00 م
الطوفان فى الحضارات القديمة.. ملحمة نوح تشبه ملاحم هندية ويونانية وإفريقية الطوفان - أرشيفية
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأديان والكتب الإبراهيمية المقدسة "الكتاب المقدس والقرآن الكريم"، جميعها تؤكد أن الله جعل الماء يطغى على الأرض، ولم ينج سوى المؤمنين، ففى القرآن الكريم، حدث ذلك فى زمن سيدنا نوح عليه السلام، بعدما ظل يدعو قومه سنين عددا لكن لم يؤمن معه سوى قلة، عند ذلك أمره الله تعالى بأن يبنى سفينة، وأن يدعو المؤمنين، وأن يأخذ معه من زوجين من كل الكائنات على ظهر الأرض.
 
يحكى سفر التكوين، أول أسفار العهد القديم، الذى تمت كتابته بين عامى 1440 و1400 قبل الميلاد، قصة طوفان نوح كاشفاً حزن الرب عندما رأى مساوئ الناس تطغى على الأرض. فقرر محو الإنسان والبهائم وطيور السماء عن وجه الأرض. ولأن نوح كان رجلاً باراً، أمره الرب أن يصنع فلكاً من خشب يحمل على متنها امرأته وبنيه ونساءهم ومن كل حى من الطيور والبهائم والوحوش اثنين، لينجو نوح ومن معه من طوفان هائل.
 
لكن أيضا الحضارات والثقافات القديمة، جاءت فيها العديد من  الملاحم عن طوفان، بعضها يتطابق مع الرواية الدينية عن طوفان النبى نوح، وبعضها اختلف عن القصة الدينية، لكن فى النهاية اتفق الجميع على حدوث طوفان كبير اغرق الأرض، لكن كيف صورت الحضارات الثقافات القديمة هذه الحادثة؟
 

الطوفان عند الإغريق

فى الأسطورة اليونانية، قرر الإله زيوس القضاء على الجنس البشرى بطوفان ضخم يغمر الأرض، لكن رجلاً وامرأة لم يشاركا فى الجرائم التى ارتكبت على الأرض، فاختارهما زيوس لتحذيرهما قبل الطوفان، وبنيا صندوقًا يطفو على سطح الماء، وبعد أن انحسرت المياه بعد مرور 9 أيام، شعر الزوجان بالوحدة، فأخبرهما هيرميس أن يذهبا إلى وادى صخري، وأن يلقيا الصخور بأيديهما لتتحول إلى بشر، وفى التراث الأفريقى، ذهبت "ماعز" إلى فتاة تحنو عليها وأخبرتها بقرب حدوث الطوفان، ونصحتها بمغادرة القرية هى وشقيقها قبل أن تهلك مع الباقين.
 

الحضارة السومرية

أما قصة الطوفان السومرية، فالقصة تتحدث عن ملك يسمى (زيوسودا) كان يوصف بالتقوى ويخاف من الله، ويكب على خدمته فى تواضع وخشوع، أخبر بالقرار الذى أعده مجمع الآلهة بارسال الطوفان الذى صاحبه العواصف والأمطار التى استمرت سبعة أيام وسبع ليال، يكتسح هذا الفيضان الأرض، حيث يوصف (زيوسودا) بأنه الشخص الذى حافظ على الجنس البشرى من خلال بناء السفينة.
 
أما قصة الطوفان البابلية، حسب ملحمة جلجامش، أنه كان هناك رجل يسمى جلجامش أمرته الآلهة بان يبنى سفينة، وأن يدع الأملاك، وانه حمل على ظهر الفلك بذور كل شىء حى، والفلك التى بناها كان عرضها مثل طولها وأنه قد نزل مطر مدرار.
 

الحضارة الهندية

ويذكر محمد خليفة حسن فى كتاب "الأسطورة والتاريخ فى التراث الشرقى القديم"، فإن فى تراث الهند الثقافى ملحمة ورد فيها عن الطوفان ما يشبه إلى حد ما ملاحم بلاد الرافدين.
 

طوفان فى أفريقيا

وفى التراث الشعبى الأفريقي، تذكر حكاية من الكاميرون نصيحة عنزة لفتاة تحنو عليها بقرب حدوث الطوفان، ونصيحتها لها بمغادرة القرية هى وشقيقها قبل أن تهلك مع الباقين. ويتناقل شعب تنزانيا قصة فيضان الأنهار، ونصيحة الرب لرجلين باستقلال سفينة بصحبة جميع أنواع البذور والحيوانات، لإعادة تعمير الأرض فى ما بعد. ومن روسيا، أضاف الخيال إلى الموروث الشعبى غواية الشيطان لزوجة نوح، التى أعدت شراباً مسكراً لزوجها ليبوح بسر صنعه للسفينة، وبذلك تسلل الشيطان إلى السفينة بمساعدة الزوجة الخائنة محاولاً إغراق السفينة بمن عليها. ومن هاواي، تروى إحدى الحكايا الشعبية أن رجلاً اسمه "نو-يو" صنع زورقاً كبيراً على شكل منزل، وملأه بالحيوانات، قبل أن يبدأ الطوفان ليدمر العالم الشرير، وينجو الرجل بصحبة عائلته.
 
وسجل الصينيون حكايتهم حول الطوفان، وتضمنت رجلاً وزوجته وثلاثة أبناء ومثلهم من الإناث، الذين نجوا من طوفان هائل دمر الأرض، وأعادوا تعميرها. كما سجل سكان أمريكا الشمالية، على طول شرقها وغربها، حكاياتهم عن الفيضان، فمثلاً تقول أسطورة "أنيشينابي" فى منطقة البحيرات الكبرى، إن الطوفان جاء للقضاء على غطرسة شعب تلك المنطقة، ولم ينجُ إلا بطلهم القومى "نانابوزو" بصحبة بعض المخلوقات. ويشير كتاب "أساطير الخلق فى العالم" Creation Myths of the World، إلى أن أسطورة الطوفان لم تترك ثقافة أو حضارة أو بلداً إلا وتركت آثاراً لها على حكاياها الشعبية، حتى أنها وصلت إلى شعب الإسكيمو الساكن فى أقصى الشمال الجليدي، إذ تحكى أسطورتهم عن طوفان قديم قضى على البشر، ولم ينج منه سوى رجلين. وتضيف الأسطورة بمزيد من الخيال أن الرجلين استخدما قوى السحر الدينى لكى يتحول أحدهما إلى امرأة من أجل أن يتمكنا من الإنجاب وتعمير الأرض.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة