خلال الحقبة الاستعمارية ومن قبلها التدخل الأجنبى فى مصر، فقدت مصر العديد من قطعها الأثرية الثمينة لعل على أشهرها على الإطلاق رأس الملكة نفرتيتى، وحجر رشيد، وبينما تعمل الحكومات المصرية المتعاقبة فى محاولات لإعادة القطع المنهوبة، إلا أن مسئولى هذه الدول يتعنتون بحجة أنها خرجة بطريقة شرعية من البلاد.
ورأس الملكة نفرتيتى التى تشاركت حكم مصر مع زوجها الملك إخناتون فى الفترة من 1336 إلى 1353 قبل الميلاد، أى فى ظل الأسرة الثامنة عشر، وحفظت الملكة الحسناء العرش للملك الصغير توت عنخ آمون بعد وفاة زوجها، خرجت من مصر بعد قيام بعثة أثرية ألمانية برئاسة عالم المصريات لودفيج بورشاردت بزيارة القاهرة وتولت أمر الحفريات الأثرية فى منطقة تل العمارنة بموجب عقد مع الحكومة المصرية، وبالفعل، عثر بورشاردت ومساعده هيرمان رانك على التمثال النصفى لنفرتيتى فى منطقة كانت معروفة قديما بورش النحت، قرب تل العمارنة، فى 6 ديسمبر 1912.
وتذكر الرواية الألمانية أن رجل الأعمال الألمانى جيمس سايمون الممول الرئيسى لأعمال التنقيب عن الآثار فى تل العمارنة، لهذا السبب انتقلت القطع المكتشفة ومنها رأس نفرتيتى إلى حوزته، ومنحها بدوره للسلطات الألمانية".
على الجهة المقابلة قال وزير الآثار المصرى الأسبق زاهى حواس فى تصريحات صحفية سابقة إن تمثال الملكة نفرتيتى جرى تهريبه من مصر بواسطة بورشاردت عام 1913، الذى أخفى قيمة التمثال الحقيقية بتغطيته بطبقة من الطين.
وبعدها ظل التمثال مختفيا عن الأنظار، حتى عرض لأول مرة للعامة فى المعارض والمتاحف الألمانية فى 1923، وبدأ الجدل حول استرداد مصر له.
وعلى مدار سنوات طوال حاولت الحكومات المصرية التفاوض من أجل عودة التمثال وكان الرفض والمماطلة والتسويف الإجابة الألمانية الدائمة على تلك المحاولات، حتى استقر التمثال منذ أحد عشر عاما فى المتحف الجديد ببرلين.
بعض الدول الأوروبية ومن بينها ألمانيا أصدرت قانونا على أن كل أثر مضى على دخول أراضيها 25 عامًا يُعدّ أثرًا قوميًا لا يمكن التفريط فيه، ومن هنا تكمن أزمة سياسية وقانونية كبيرة.
لكن هناك حل هو أن التمثال خرج بطريقة غير مشروعة، حسبما صرح من قبل الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، بأن تمثال نفرتيتى ملك مصر خرج من مصر بطريقة غير شرعية، وبالتالى تنبغى إعادته، وأن السلطات المصرية تعرضت للتضليل إزاء حيازة نفرتيتى عام 1912، كما طالب ألمانيا بإثبات صحة حيازتها للتمثال من الناحية القانونية، وذلك عام 2005.
ويبدو أن الموقف الألمانى لم يتغير كثيرا، حيث صرح السفير الألمانى بالقاهرة، يوليوس جيورج لوى، على هامش لقاء عقده مع وزير السياحة المصرى سابقا يحيى راشد، فى فبراير 2017، أن الوزير لم يستطع إقناعه بوجهة نظره بخصوص عودة رأس نفرتيتى، متابعًا: "رأس نفرتيتى لها شعبية كبيرة فى ألمانيا".
وحول إمكانية استعادة مصر للتمثال قال قالت بريجيت جوبتسل، مسئولة الصحافة والإعلام فى مؤسسة التراث الثقافى المسئولة عن شئون المتاحف الحكومية فى برلين، فى تصريحات نقلتها جريدة "العين الإخبارية": "لم تتقدم مصر بأى طلب رسمى لاستعادة رأس نفرتيتى منذ سنوات طويلة للغاية".
وتابعت "بالتالي، لا توجد أى مفاوضات حالية مع مصر لإعادة التمثال"، مضيفة "نحن منفتحون دائما على المشاورات مع مصر لكن التمثال ملك للمتحف الجديد فى برلين"، ومضت قائلة "رغم ذلك، نمتلك علاقة جيدة بالسفارة المصرية فى برلين وندعم المتاحف المصرية فى كثير من الأمور مثل تنسيق عروض مشتركة للآثار".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة