حادث المنشية.. عبد الناصر يحتفل بمناسبة الجلاء و"الإخوان" يصوبون رصاصتهم تجاهه.. والمنفذ يعترف ثمّ يتبرأ من الجماعة ويصرخ: "غرروا بى.. كنت ضحيتهم".. والقرضاوى يؤكد تورط التنظيم فى محاولة اغتيال الزعيم

الإثنين، 28 سبتمبر 2020 11:34 م
حادث المنشية.. عبد الناصر يحتفل بمناسبة الجلاء و"الإخوان" يصوبون رصاصتهم تجاهه.. والمنفذ يعترف ثمّ يتبرأ من الجماعة ويصرخ: "غرروا بى.. كنت ضحيتهم".. والقرضاوى يؤكد تورط التنظيم فى محاولة اغتيال الزعيم عبد الناصر يحتفل بمناسبة الجلاء و"الإخوان" يصوبون رصاصتهم تجاهه
كتب أحمد أبو حجر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد أن تعددت الأزمات بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومرشد جماعة الإخوان وقتها حسن الهضيبى تارة بسبب قانون الإصلاح الزراعى وتارة أخرى بسبب هيئة التحرير التي دشنها عبد الناصر.

لكن مع قرار قيادة الثورة بحل جماعة الإخوان تفاقمت الأزمات بين الطرفين فما كان من حل لدى الجماعة سوى العمل على اغتيال الرجل الذى سحب البساط من تحت أقدامهم.

 فى 26 أكتوبر عام 1954، نفذت الجماعة خطتها لاغتيال الزعيم جمال عبد الناصر، أثناء إلقاء خطاب في ميدان المنشية بالإسكندرية بمناسبة اتفاقية الجلاء، واشتهرت عقب ذلك بـ"حادثة المنشية".

تفاصيل حادثة الاغتيال

جلس السباك محمود عبداللطيف عضو الجهاز السرى للإخوان، وما إن بدأ عبد الناصر خطابه حتى أطلق السباك الإخوانى 8 رصاصات صوب عبدالناصر، وأصاب معظمها الوزير السودانى ميرغنى حمزة وسكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية أحمد بدر الذى كان يقف إلى جانب ناصر، وعلى الفور هجم ضابط يرتدى زيا مدنياً اسمه إبراهيم حسن الحالاتى الذى كان يبعد عن المتهم بحوالى أربعة أمتار، وألقى القبض على السباك محمود عبداللطيف وبحوزته مسدسه، وبدأت بهذه الحادثة مرحلة جديدة وحاسمة من المواجهة بين ثورة 23 يوليو وتنظيم الإخوان المسلمين!

عقب فشل محاولة الاغتيال وفي جلسة محكمة الشعب كتب المتهم الأول محمود عبد اللطيف خطابا بخط يده وقدمه إلى جمال سالم رئيس المحكمة قائلا فيه: سيدى رئيس محكمة الشعب، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فإن الله حق يحب الحق، أنا محمود عبد اللطيف انضممت إلى الإخوان المسلمين فى سنة 1942، كان اعتقادى فى هذه المرة أن هذه الجماعة تعمل لله، وأن قادة الإخوان لا يأمرون إلا بما فيه خير الإسلام والمسلمين، فكنت أسمع كل أمر فى طاعة، دون تردد أو مناقشة لأن هذا صادر عن أناس مسلمين، يعملون للإسلام ويقدرون مسؤولية الله في أي عمل يعملونه، فكنت معهم على هذا الأساس، وكنت أعيب على بعض الطلبة حين يناقشون في أي أمر، وأقول في نفسي إن الطلبة عندهم حب الجدال في أي شىء.

وتابع محمود عبد اللطيف يقول فى رسالته: وكان كل أمر يأتينى من الإخوان أرى أن فى طاعة هذا الأمر طاعة لله خالصة. حتى ضمونى إلى النظام السرى. الذى يتكون منى أنا وسعد حجاج.

وكان علينا مراقبة منزل أنور السادات وجريدة «الجمهورية» مقر عمله. ومراقبة الحراس عليه وطريقة مهاجمته لاغتياله. بعد دراسة وافية استقر الأمر على مهاجمته على باب دار الجريدة. وفى هذا الحين قرأت الاستخارة لأتبين أحقية هذا فى الاستخارة. وقد علمنا إياها الإمام الشهيد حسن البنا فى رسالة المأثورات وهى الأدعية والأوردة الثابتة عن النبى صلى الله عليه وسلم. وهى فائدتها أن الأمر إن كان خالصا لوجه الله ييسره الله وإن كان غير ذلك يوقفه الله.

أضاف :«بعد قراءتى لهذه الاستخارة أتانى الأخ توفيق المكلف بهذه المهمة. وقال انتظروا حتى يأتى أمر التنفيذ. وبعد ذلك انقطع عنى مدة. حتى علمت بعد ذلك أنه قبض عليه خارج القاهرة. وتسلم مكانه توفيق هنداوى دويروقال: أنا أعطيكم الأوامر

فقلت: خير إن شاء الله.

وقبل الحادث بأسبوع أخبرونى أن سعد حجاج يأمر الإخوان باغتيال الرئيس جمال عبد الناصر.

وقال لنا: أى واحد منا نحن الثلاثة تتاح له الفرصة ينفذ الأمر.

وفى هذا الحين قرأت أيضا الاستخارة.

وبعدها بيوم قال لى هنداوى: وقف الأمر

ولم يكن قد أعطانى سلاحا بعد‍

بعدها بيومين أحضر لى السلاح..

قال لى: سر على بركة الله

قبل الحادث بيوم قابلته وأخبرته بأن الرئيس جمال عبد الناصر مسافر إلى الإسكندرية لإقامة احتفالات شعبية. إنى معتزم السفر. فتردد قليلا..

ثم قال: سافر على بركة الله

فسافرت وارتكبت الحادث. ومن نعمة الله علىّ أنى لم أذهب بدماء الرئيس جمال عبد الناصر. وأقف بين يدى الله بها.

علمت من التحقيق فى الجلسة الثانية أن هنداوى دوير قال إن هذا الاغتيال السياسى لم يكن من الإسلام فى شىء. إنما هو ميراث ورثناه من قبل.

فى رأيى أن هذه العبارة هى من قول الكافرين. (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ)، ولو كنت أعلم هذا من قبل لناقشت كل أمر كان يأتينى من الإخوان. كنت أنا أول ضحية فى هذا الشأن. لأنى كنت آخذ كلامهم عن ثقة ويقين بأنه للإسلام.

اختتم محمود عبداللطيف حديثه قائلاً:"أحب أن أنبه جميع المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها إلى هذا. بأن لا يأخذوا من أى واحد يثقون به من المسلمين أمرا. حتى يتبينوا حقيقته. أهو لله والإسلام.. أم لغير ذلك.إنى أقول هذا الكلام لا طمعا فى تخفيف العقوبة. ولكنه إحقاقا للحق. «والأمر بين يدى عدالة المحكمة».فهى صاحبة الشأن والله يقول الحق. وهو يهدى السبيل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

عقدت عدة جلسات للمحاكمة وفى يوم ١٨ نوفمبر ١٩٥٤ كانت يوم سماع أقوال المرشد العام للإخوان المسلمين حسن الهضيبى. وقد سجل الصحفى أحمد لطفى حسونة الصحفى بالأخبار تفاصيل الجلسة فقال: «إقبال الجمهور كان شديدًا لحضور المحاكمة وحضر المتهم محمود عبد اللطيف من السجن وجلس في مكانه مبتسمًا وبدأت الجلسة وحضر شاهد النفى حسن الهضيبى مرشد الإخوان وبدأت الجلسة».

يتابع حسونة :"ونودى على حسن الهضيبى فدخل.. سأله جمال سالم رئيس المحكمة عن اسمه وعمله ،قال حسن الهضيبى: مستشار سابق وعمرى ٦٣ سنة. ثم حلف: والله العظيم أقول الحق ولا شىء غير الحق

قال حمادة الناحل محامى محمود عبد اللطيف موجهًا كلامه إلى الهضيبى: "إن محمود عبد اللطيف المتهم بقتل عبد الناصر تبين أنه عضو في الإخوان واعترف بذلك، كما اعترف الشهود بذلك وبأنه تم تسليمه المسدس وتوجيهه إلى ما ارتكبه لذلك رأيت أن استشهد برئيس جماعة الإخوان". وسأل الهضيبى: هل تعرف محمود عبد اللطيف؟ رد الهضيبى: لا أعرفه.

 فقال له المحامى: إنه عين لحراستك من قبل.. فقال الهضيبى: والله ما أدرى وفيه ناس كتير بيحرسونى ولا أعرف واحدا منهم.

 سأله المحامى: هل تعرف شيئًا عن الجهاز السرى للإخوان الذي انضم إليه محمود عبد اللطيف؟ فقال: "محمود عبد اللطيف مين؟"

 ثم قال: أنا لما عينت مرشدا عام ١٩٥٠ تبين أن عندهم شيئًا اسمه النظام الخاص ثبت أنه ارتكب جرائم عام ١٩٤٧،١٩٤٨ وقالوا لى إن الجرائم هذه انحراف وخروج عن الغرض الأصلى الذي هو إعداد الفرد المسلم إعدادًا صالحًا للدفاع عن الإسلام.

 أضاف الهضيبي: أن بعض الإخوان أو بتوع هذا النظام لا يثقون بى لأنهم ناس بتفتكر إنهم مجاهدون أكثر شوية.

 فرد محمود عبد اللطيف من داخل القفص وهو يشير إلى الهضيبى : «غرروا بى.. كنت ضحيتهم.. فهمونى إن الإسلام أباح دم جمال عبد الناصر".

 يقول أحمد حسن الباقورى، الوزير السابق عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين فى شهادته عن حادث المنشية : كنت أجلس بشرفة هيئة التحرير بميدان المنشية وكنت أجلس بالقرب من الرئيس وكان بجواري الميرغني حمزة وزير الزراعة السوداني ورفع يده بعد إطلاق الرصاص وإذا بيده غارقة بالدماء نتيجة نأثرها شظايا الزجاج، أما الناحية الأخرى فكان هناك سكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية وأصيب برصاصة ببطنه ونقل إلى المستشفى وذهبنا إلى زيارته مع جمال عبد الناصر في اليوم التالي.

فيما اعترف المتهم الثالث في القضية خليفة عطوة، باشتراكه في التخطيط للعملية، وقال لعدد من وسائل الإعلام مؤخرًا بعد ثورة يناير إنه تم تكليف مجموعة من الجهاز السري للجماعة من أربعة أشخاص كان يقودها هنداوي دوير، الذي كان يعمل محامياً وكان هو الثالث في المجموعة وكان معه محمد النصيري، الطالب بكلية الحقوق، وأنور حافظ محمد الطالب بكلية التجارة، وأيضاً محمود عبداللطيف والذي كان يجيد إطلاق الرصاص، وكان بحوزته قطعتا سلاح خشية تعطل إحداهما لأي أسباب.

واضاف: وارتدى محمد النصيري حزاما ناسفا للهجوم على ناصر حال فشل مهمة عبداللطيف، وارتديت أنا وحافظ ملابس الحرس الوطني وبينما كان عبداللطيف يستعد لتصويب مسدسه ناحية ناصر بعد أن تمكن من الوقوف أعلى تمثال سعد زغلول، وفي الوقت الذى كان فيه جمال منفعلاً ويرفع يده اليسرى كانت تلك اللحظة لإطلاق الإشارة بالتلويح بأصبعي حتى تستقر الرصاصة في صدره، إلا أن القدر وقف مع ناصر أثناء وضعه قلم حبر من ماركة «تروبل» بحبر أحمر لتصيب الرصاصة القلم لتمر بين كتفى جمال سالم وعبدالحكيم عامر لتصيب أحمد بدر، سكرتير هيئة تحريرالإسكندرية.

القرضاوى يعترف

هذه الحادثة حاول تنظيم الإخوان الإرهابي التنصل منها، وسعوا لتزيف الحقائق، وإبراء ذمة التنظيم، إلا أن بعض قياداتهم التاريخية وقعوا فى شر أعمالهم، واعترفوا بمحاولة اغتيال الزعيم جمال عبد الناصر، من خلال مجموعة أفراد بالتنظيم السرى.

من أبرز الشخصيات التى اعترفت بارتكاب التنظيم الخاص محاولة الاخوان لاغتيال جمال عبد الناصر، الداعية الإخوانى وأحد أقطاب التنظيم يوسف القرضاوى، إذ أكد خلال لقاء له عبر قناة الجزيرة المعادية لمصر:" المسئول عن حادثة المنشية هنداوى دوير ومجموعته – التنظيم السرى للإخوان- هم الذين دبروا هذا الأمر".

وأشار "القرضاوى" خلال ظهوره فى قناة الجزيرة، إلى أنه كان يعرف هنداوى دوير معرفة شخصية، مضيفًا:" جلست معه مرارا وتكرارا وأعرف أن طريقه فكره التى تتلخص من أنه يتم القضاء على رأس النظام برصاصة حتى يسقط النظام أى نوجه رصاصة لعبد الناصر فيسقط".

المثير للأمر أنه رغم اعتراف يوسف القرضاوى بمحاولة التنظيم السرى للإخوان اغتيال جمال عبد الناصر إلا أنه حاول أن يبرأ جماعة الإخوان الإرهابية، تحت مزاعم أن المسئول عن هذه المحاولة الفاشلة هم مجموعة صغيرة من الإخوان وليس كل أفراد التنظيم.

تجدر الإشارة إلى أنه كان قد صدر قرار من مجلس قيادة الثورة فى الخمسينيات بحل جماعة الإخوان قبل محاولة اغتيال عبد الناصر فى المنشية، وحاول التنظيم السرى أن يرد على قرار الحل باغتيال جمال عبد الناصر، إلا أن الأقدار شاءت فشل المحاولة الإرهابية.

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة