كانت العلاقات الطيبة تربط بين عمالقة الفن من نجوم الزمن الجميل، ولم يكن ذلك يمنع من وجود بعض المنافسات الشريفة والغيرة الفنية التى تصب فى صالح الفن وتؤدى إلى مزيد من الأبداعى وهذا ما حدث بين عمالقة الموسيقى والطرب وعلى رأسهم أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش وعبدالحليم.
ومن بين هذه المنافسات الفنية ما حدث بين الموسيقار الكبير فريد الأطرش وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب والذى أوضحه رد كتبه الأطرش لمجلة الكواكب فى عدد نادر صدر فى سبتمبر عام 1958 يرد فيه على محمد عبدالوهاب، موضحاً أنه ليس مغروراً أو مصارعاً ووجه حديثه لموسيقار الأجيال قائلاً :" لا أتباهى بعضلاتى أو أتحدى فتوات الحتة"
وأصل القصة أنه قبل نشر هذا الرد كان فريد الأطرش فى عدد سابق أجرى حواراً مع الكواكب اجاب على سؤال للمجلة حول إمكانية أن يغنى لحناً من ألحان عبدالوهاب بشرط أن يقبل عبدالوهاب أن يغنى لحناً من ألحان فريد ، مؤكداً أن كلاهما يمثل لوناً فى الموسيقى ، قائلاً:" أنا على استعداد أن أنزل فى مباراة شريفة عادلة أمام عبدالوهاب ، وعلى يقين أننى لن أضعف أمام صوته، وبإمكانى أن أقدم له لحناً ينفق مع إمكانيات صوته وينقله إلى لون جديد لا يقل روعة ولا عظمة عما يقدمه"، ونشرت المجلة حوار فريد الأطرش تحت عنوان :"أريد مباراة شريفة بينى وبين عبدالوهاب"
وهو ما دفع موسيقار الأجيال للرد على ما قاله فريد فى حوار أخر للكواكب نشر فى العدد التالى لحوار فريد، قال محمد عبدالوهاب فى عنوانه :" كلمات فريد الاطرش عن التحدى لا تقال إلا فى مجال المصارعة"، وأشار خلال الحوار إلى أنه لا يصدق أن فريد قال ذلك.
وقال موسيقار الأجيال تعليقاً على ما قاله واقترحه فريد الأطرش :" لا أصدق أن الأستاذ فريد قال مثل هذا الكلام، وخاصة أنه لا يليق بحديث فى مجال الموسيقى ، فإن التحدى والمباراة العادلة الشريفة لا تذكر إلا فى مجال ماتشات الكرة والمصارعة والبوكس وشيل الحديد"
وأما عن فكرة تبادل الألحان فأكد عبدالوهاب أنه لم يغن لغيره منذ اكثر من 30 عاما، وكان وهو طفل يغنى لسيد درويش، أما فريد فقد ظل لوقت طويل يغنى من ألحان غيره، وتهرب عبدالوهاب من الموافقة أو التصريح برفض الاقتراح ضاحكا ، وقال :"أعدك سأجرب بينى وبين نفسى وأخبرك"
وبعد نشر حوار موسيقار الأجيال مع الكواكب أرسل فريد الاطرش رداً للمجلة ، يقول فيه أنه لم يقصد التحدى ولا المبارزة كما فهم عبدالوهاب من عنوان الحوار، قائلاً :"لست أنا بالإنسان المغرور ، كما أننى لست مصارعاً يتباهى بعضلاته ويتحدى فتوات الحتة، بل أنا فنان يعتز بفنه ويقدر فن غيره من الزملاء"
وتابع:" عرضت أن نقوم بهذه التجربة لخدمة الهدف الفنى وحده، ولم تكن فكرة من عندى أصلا ولك اقترحها بعض الأصدقاء كما اقترحتها شركة كايروفون فى وجودى ووجود عبدالوهاب"
وأكد فريد الأطرش أنه يختلف مع رأى صديقه عبدالوهاب فى أن الفن لا يعرف التبارى والمنافسة لان ندوات الشعر والغناء والموسيقى قامت على المساجلة والمبارزة بين القرائح والمواهب منذ قديم الأزل، ومع ذلك أكدد أنه لا يقف أما عبدالوهاب موقف المنافس، ولكن أراد أن يتبادلا الألحان حتى يستفيد الغناء من صوت عبدالوهاب بألحان فريد ومن صوت فريد بألحان عبدالوهاب.
وفى نهاية الرد اكد فريد الاطرش على صداقته واعتزازه وتقديره للموسيقار محمد عبدالوهاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة