دعاء خليفة، نموذج يجب أن نتوقف امامه كثيرا، لإنها تمثل عرض لمرض كنّا نظن انه اختفى، لكنه للأسف الشديد لازال يسيطر على البعض ممن يرون أنفسهم قادرين على ممارسة مرض الابتزاز السياسى، لتحقيق مصالح شخصية، ايا كانت الطريقة او الاسلوب الذى سيسلكونه، المهم النتيجة التى سيحققونها او بمعنى اصح، يوهمون أنفسهم أنهم قادرين على تحقيقها.
ولمن لا يعرف دعاء خليفة، فهى سيدة كان لها نشاط سابق بحركة تمرد، لكن تم فصلها من الحركة لخلافات مالية وأخلاقية، وحاولت من خلال السوشيال ميديا أن تجد لنفسها المساحة التي فقدتها على الأرض، وحينما فشلت كل مساعيها عادت إلى سيرتها القديمة، وهى استخدام الابتزاز السياسى وتوزيع الاتهامات هنا وهناك، علها تجد من ينظر إليها.
الغاية تبرر الوسيلة، هو المنهج الذى اتبعته دعاء ومعه آخرين لا يختلفون عنها كثيرا، فالعمى والحقد سيطر عقولهم، وجعلهم يتوهمون امورا لا وجود لها فى الواقع، واذا اخذنا دعاء كنموذج سنجد أنها توهمت، دون سبب او منطق او عقل تستند اليه، أنها مشروع لشخصية سياسية او تنفيذية سيشار اليها بالبنان مستقبلا، وهذا حقها، مثلما هو حق أي إنسان يرى في نفسه القدرة على تحقيق ذلك، لكن مشكلة "دعاء خليفة" أنها سارت على هذا الوهم واصبحت مثل من يكثر الكذب الى أن يصدق كذبته، فعاشت وهم الكادر السياسى القادر على انقاذ سفينة السياسة فى مصر، وخيل لها عقلها الباطن وجود من يتربص بها حتى لا تحصل على الفرصة، ويترصد كل حركة او خطوة تخطوها، وعلقت كل فشل في حياتها، وهو كثير، على هذه الشماعة، فلولا الترصد لكان لها شأن كبير في الحياة السياسية المصرية.
ما أقوله بشأن دعاء خليفة، ليس نوع من التجنى، بل هو واقع يمكن رصده بسهولة من الحالة التي حاولت أن تصنعه حول نفسها، حالة الوهم التي تحولت إلى ممارسة الابتزاز السياسى، المقترنة بنوع من جذب الاستعطاف السوشيالى، حتى تجد لنفسها قاعدة تستطيع من خلالها التحرك وتحقيق ما تربو إليه، بعدما تكتمل تحت يديها كل أدوات الابتزاز، وكانت البداية بادعائها أنها رفضت الانضمام على تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وهو القول الذى أرادت من خلالها إعادة تموضع لنفسها وسط العالم السوشيالى، فهى تعلم المكانة التي تمثلها التنسيقية في الحياة السياسية المصرية، كونها ألقت بحجر كبير في البحيرة التي كانت راقدة، لتحرك مياهها، وتصل إلى الشط بمجموعة من الكوادر الشبابية الحزبية والسياسية الناضجين والقادرين على تحمل المسئولية، لأنهم تعلموا في التنسيقية قواعد السياسة الصحيحة، من تقبل الحوار والرأى الأخر، وأن يكون النقاش مبنى على معلومات وحقائق لا الشائعات كما أدمن البعض.
ارادت دعاء أن تستغل حالة القبول الجمعى للتنسيقية وشبابها وما يقومون به من أدوار، لتقول لهم أن هناك من رفض أن يكون جزء من هذا الكيان، فيبدأ الحديث عنها، ولماذا رفضت الانضمام في حين أن هناك رغبة لدى كثير من الشباب ليكونوا ضمن هذا الكيان الواعد.
عاشت دعاء على وهم أنها رفضت الانضمام للتنسيقية، رغم يقينها أنها كانت خارج الصورة، ولم تنطبق عليها شروط العضوية، وهو ما كشفه بيان أصدرته تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين أمس الأربعاء، قالت فيه أنه "ردا علي ما نشرته دعاء خليفة عضوة تمرد السابقة أنها رفضت الانضمام للتنسيقية، أكدت تنسيقية شباب الأحزاب أن هذا الكلام عار من الصحة وأنها سبق وتقدمت بالانضمام للتنسيقية وتم رفض طلبها لمخالفتها شروط الانضمام، وأهمها شرط العمر لأنها تخطت الأربعين، بالإضافة لشرط حسن السمعة، فلقد سبق فصلها من حركة تمرد بسبب خلافات مالية وأخلاقية وأمور ننأي بأنفسنا عنها".
وفى هذا البيان حددت التنسيقية الضوابط الصارمة التى تم وضعها للانضمام إليها سواء من الأحزاب أو السياسيين، وقالت أن من أهم شروطها أن لا يتجاوز عمر المتقدم 40 عاما، وأن يكون حسن السمعة، مع الطلب من المتقدم تقديم ورقة سياسات، وهى الشروط الموضوعة علي جميع صفحات التنسيقية على وسائل التواصل الاجتماعى، الموجود عليها ايضاً استمارة تسجيل العضوية، مع التأكيد على أن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين ترحب بالانضمام لها وفق الضوابط والمعايير التي وضعتها حفاظا علي أهداف التنسيقية، والتأكيد أيضاً في ذات البيان "أن محاولات الهجوم والنيل منها غرضها عرقلة مسيرة النجاح والتقدم الذي يتحقق يوماً بعد يوم، وأنه لم يكن لأحد أن يتوقع أن يستمر كيان يجمع كل هذه الأفكار بل ويحقق النجاح بالعمل الجاد، وأن يعلي فيه الشباب مصلحة الوطن فوق مصالحهم الشخصية، مؤكدة أن هذا الهجوم لم ولن يثنينا عن المضي قدمًا نحو تحقيق ما تعاهدنا عليه من أجل رفعة الوطن وتقدمه".
الوهم الذى عاشته دعاء خليفة مع موضوع تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، كان كما قلت بداية لممارسة الابتزاز السياسى والدخول في تفاصيل أخرى تبحث عنها "دعاء"، ويكفى هنا أن أشير للبيان الذى أصدره أعضاء حركه تمرد بالدقهلية، المحافظة التي تنتمى لها دعاء خليفة وتقيم بها حتى الآن، وهو البيان الموقع من 11 عضواً منهم خالد الصعيدي، مسئول قطاع الدلتا لحركه تمرد، وهشام بكر، أمين تنظيم الحركة بالدقهلية، وهاني عبادة، مسئول الاتصال السياسي، ومحمد فياض مسئول العمل الجماهيري، والذى يحتاج إلى الاستشهاد به نصاً لما فيه من معلومات مفيدة للقارئ.
البيان قال إن "الابتزاز السياسي أفة الفشلة والمنافقين محبي الضوء والمنتفعين، ونقصد أي شخص يحاول استغلال الشباب كما تحاول المدعوة دعاء خليفة، حيث كانت عضو في حركة تمرد فاستطاعت أن توهم بعض رجال الاعمال في محافظة الدقهلية بأن لها علاقات رفيعة المستوي، ومن وراء هذه الأكاذيب تحاول استغلالهم، وكما فعلت وكشفها الشباب وتم فصلها من الحركة، حيث أن أعضاء الحركة قاموا بهذا العمل بدافع حب تراب بلدنا مصر، وأننا كنا نتقاسم المصروفات من واقع حبنا لبلدنا، ولم ننتظر أي مقابل لهذا العمل، ولقد خلده التاريخ وسيظل عملا تتحاكاه الأجيال، اما هذه المدعوة فتسيطر عليها الأنانية وحب الذات وترغب في الحصول علي اي منصب سياسي، وبأي طريقة ولها سجل حافل بهذه المحاولات، ونحن اعضاء المكتب التنفيذي لحركه تمرد الدقهلية نرفض وندين التصريحات والابتزاز السياسي الذي تحاول أن تحصل به علي أي مكتسب ليس لها الحق فيه".
هذا البيان كاشف للكثير من التفاصيل الخاصة بالسيدة دعاء خليفة، فبجانب ما تمارسه الآن من ابتزاز سياسى، سبق أن مارسته من قبل، وكان سبباً لفصلها من الحركة، وزاد على ذلك أنها أدمنت أن تشيع حول نفسها علاقات لا وجود لها مع شخصيات نافذة في الدولة، لتكمل مسيرة الابتزاز الذى يبدو أنه أصبح الوظيفة التي تمارسها بعدما فشلت في كل شيء.
دعاء خليفة ليست الا حالة حاولت أن تفرض نفسها بقوة الابتزاز، متمسحه في ثوب حركة ولدت وطنية وهى حركة تمرد، فحتى وإن كانت شاركت في الحركة، فإن هذا لا يعطيها الحق أن تفرض نفسها على الدولة المصرية ومؤسساتها، أو يجئ اليوم الذى تطلب مقابل لعضويتها السابقة في الحركة، وأن يكون المقابل منصب سياسى أو مال أو غيره من الأمور التي سعت إليها دعاء التي نسيت أو تناست أن هناك مبدأ يحكم هذه الدولة، وأقصد هنا دولة 30 يونيو 2013 التي أرسى دعائمها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وهذا المبدأ هو الكفاءة والقدرة والأهلية هي الأساس الوحيد للاختيار.
هذا هو الطريق الذى كان على دعاء وغيرها أن يسلكوه، طريق الكفاءة والقدرة وثقل الشخصية، وليس توزيع الاتهامات يمينا ويساراً علها ترهب هذا أو ذاك وتفوز بقطعة من الكعكة، فقد ظنت دعاء، أن "التلويش" وتوزيع الاتهامات الرخيصة وغير المنطقية سيكون طريقها لصعود السلم، رغم إدراكها أن هذا الطريق مبتذل ولن يصل بها إلى شيء، خاصة إذا كان هذا "التلويش" الرخيص والمبتذل تمارسه ضد من حصن نفسه بأعمالها ونشاطه ووطنيته، فباتت هي حائط الصد ضد كل من يحاول النيل منه أو الإساءة إليه، فهو لا يحتاج لمن يدافع عنه أمام هذه الأساليب الرخيصة والدنيئة مثل تلك التي لجأت إليها دعاء خليفة، لإن سيرته كفيلة بمواجهة كل حاقد أو حتى جاهل.
المحصلة النهائية لحالة "دعاء خليفة" التي انتهت قبل أن تبدأ، أننا أمام محاولة ليست جديدة، لممارسة الابتزاز السياسى، وفى نفس الوقت محاولة تشوية سمعة أشخاص أو كيانات وطنية، مثلما حاولت مع تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ومع شخصية تحظى بتقدير واحترام الجميع، وحاولت دعاء أن تخلق حول نفسها هالة من الكذب والأوهام، لكن هذه الهالة احرقتها قبل أن يجف الخبر الذى كتبت به أكاذيبها واوهامها.
الحقيقة المؤكدة الآن أن دعاء ليست الا واحدة ضمن سلسلة من المبتزين الذين كتبوا شهادة وفاتهم بأيديهم، تماماً مثلما فعل المقاول الهارب محمد على، وغيره كثيرون ممن توهموا أنهم قادرين على بسط سيطرتهم ونفوذهم على عقول المصريين باستخدام السوشيال ميديا، ونسج حكايات من الخيال، لكن في نهاية الأمر سقط الجميع في بئر النسيان، ولم يبقى من سيرتهم سوى كلمة واحدة الوحيدة التي ظلت لصيقة بأسمائهم، انها كلمة "مبتز" أو "مبتزة".