خرجت سيفتلانا أليكسيفيتش، من بيلاروسيا، متجهة إلى ألمانيا، ومن الواضح أنها لا تنوى العودة مجددا، وذلك بسبب ما تتعرض له من الحكومة هناك، ونعرف جميعا الكاتبة بعد حصولها على جائزة نوبل فى عام 2015.
ولدت سفيتلانا فى 31 مايو عام 1948م فى مدينة ستانيسلاف الأوكرانية (الآن ايفانو فرانكوفسك) لأب بيلاروسى وأم أوكرانية، وانتقلت الأسرة بعد ذلك للعيش فى بيلاروسيا وفى عام 1972م تخرجت فى كلية الصحافة بجامعة بيلاروسيا الحكومية فى مينسك، وعملت كصحفية وسيناريست للأفلام الوثائقية، حيث عملت فى البداية فى جريدة محلية فى مدينة بريوزا بمقاطعة بريست، ثم عملت كذلك بالصحافة من عام 1973-1976 فى كل من (الجريدة الريفية) و(مجلة نيومان).
عاشت أليكسيفيتش معظم حياتها فى سن البلوغ فى شقة صغيرة فى مبنى سكنى من عشرة طوابق من الحقبة السوفييتية فى وسط مينسك، العاصمة، وتوفى والداها وابنتها - التى هى فى الحقيقة ابنة أختها الراحلة التى تبنتها عندما كانت فى الرابعة من عمرها - وقامت بالتدريس فى مدرسة للتجارة فى مينسك.
عملت فى إحدى الصحف وكتبت الشعر والمسرحيات والسيناريوهات السينمائية، لكنها بقيت تبحث، على حد تعبيرها، "لإنشاء نص جديد" استلهمت من مرشدها، الكاتب البيلاروسى أليس آدموفيتش، الذى كان أسلوبه يتمثل بالتاريخ الشفهى، لكنها كانت أقل صبرًا على التدخلات الخاطئة مما فعله آدموفيتش، ومن أكثر أعماله شهرة "كتاب الحصار"، الذى كتبه مع دانييل جرانين، وهو زميل ليبرالى من الحقبة السوفييتية، وهو كتاب عن تاريخ الشعب فى حصار لينينغراد، من 1941 إلى 1944.
كتبت سفيتلانا ألكسييفيتش أعمالها باللغة الروسية ولم يتم نشرها فى بيلاروسيا، وذلك بسبب آرائها المعارضة وتصريحاتها الانتقادية الموجهة الى الرئيس لوكاشينكا والتى تسببت فى عدم رضا السلطات عن أعمالها.
من أبرز أعمال الكاتبة (لا يوجد للحرب وجه أنثوي) 1985 و(أخر شهود العيان) 1958م و (أولاد الزنك) 1989 و(صلاة تشيرنوبل) 1997 (زمن السكند هاند) 2013م وقدمت الكثير من سيناريوهات الأفلام.
فى عام 1992 بعض الأشخاص الذين قابلتهم ألكسيفيتش فى كتاب "فتيان الزنك"، إلى جانب منظمة تمثل أمهات الجنود الذين قتلوا فى الحرب، رفعوا دعوى قضائية ضد ألكسيفيتش لتشهيرها بالجيش السوفييتي. قالت والدة الجندي، والتى تم استدعاؤها كشاهدة: "أنت تقولين أنَّ على أن أكره الدولة والحزب. لكننى فخور بابني! مات كضابط فى المعركة. أحب رفاقه. أحب البلد الذى اعتدنا أن نعيش فيه، الاتحاد السوفييتي، لأن ابنى مات من أجله. وأنا أكرهك! لا أحتاج الحقيقة المخيفة الخاصة بك".
ربحت أليكسيفيتش فى المحكمة، لكن المحاكمة شكلت نقطة تحول، كان الاتحاد السوفييتى قد انهار فى عام 1991، وأخذ معه فكرة "إعادة هيكلة النظام" (المعنى الحرفى للبيريسترويكا). فى معظم ما كان فى الاتحاد السوفييتي، بدأ رد الفعل - مشروع التشكيك فى الأساطير السوفييتية بدا غير ذى صلة أو، أسوأ من ذلك، بدا يشكل إهانة للأشخاص الذين شعروا الآن بفقدانه. فى السنوات الأخيرة، مع تولى فلاديمير بوتين السلطة، أصبحت الأيديولوجية الرسمية معادية للديمقراطية وقومية وتشك فى أصوات مثل أليكسييفيتش. مع تزايد شهرتها فى الخارج، تلاشت شعبيتها فى روسيا.
وعلمت وكالة الأنباء الألمانية أن سفيتلانا أليكسيفيتش 72عامًا، آخر عضو حر بين أعضاء قيادة حركة معارضة متحمسة فى بيلاروسيا، فرت من بلادها، بسبب القلق على سلامتها، ويقال إن الكاتبة الحائزة على جائزة نوبل للآداب فى 2015، غادرت البلاد على متن رحلة لشركة الطيران البيلاروسية بيلافيا إلى برلين.
وكانت سفيتلانا أليكسيفيتش، قد ذكرت أنها العضو الحر الأخير المتبقى فى اللجنة التنفيذية الدائمة لمجلس التنسيق التابع للمعارضة فى بيلاروس، وقالت أليكسيفيتش فى بيان: "لم يعد هناك أى من أصدقائى المتشابهين فى الفكر فى اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق. الجميع محتجزون أو تم نفيهم للخارج"، وأضافت "اليوم تم احتجاز آخرهم، وهو ماكسيم زناك".
وحذرت من قدرة المعارضة على استعادة قوتها، مضيفة "فى مكان هؤلاء الذين تم نزعهم من صفوفنا، سيأتى مئات آخرون".
يذكر أن زناك، وهو محامٍ، اعتقل بسبب اتهامات بمحاولة انتهاك الأمن القومي، طبقاً لما ذكرته مجموعة "فياسنا" الحقوقية ومقرها بيلاروس.
اتهمت الكاتبة سفيتلانا أليكسيفيتش الحائزة على جائزة نوبل فى الأدب، السلطات فى روسيا البيضاء بإرهاب الشعب فى وقت تعرضت فيه شخصية معارضة أخرى للاعتقال على يد ملثمين لا يرتدون زى الشرطة.