أقر مجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، حزمة تشريعية ضخمة في مجال الإصلاح الضريبى خلال دور الانعقاد الخامس، بلغ عددها نحو 5 مشروعات قوانين، تستهدف ضبط إيقاع منظومة الضرائب المصرية وتعظيم إيرادات الدولة الضريبية، كما أنها تستهدف أيضا تخفيف العبء على الممولين وتيسير الإجراءات عليهم، خاصة في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد الذى ألقى بظلاله على العديد من القطاعات الإنتاجية التي تضررت من تداعياته.
الإجراءات الضريبية الموحد
من أهم التشريعات الضريبية التي أقرها البرلمان في دور الانعقاد الخامس هو مشروع قانون الإجراءات الضريبية الموحد، ويستهدف المشروع دمج الإجراءات الضريبية المختلفة باختلاف أنواع الضرائب فى إجراءات موحدة طالما كانت قابلة للتطبيق على كافة هذه الأنواع أو على ما قد يُستحدث من ضرائب طالما كانت من طبيعة مماثلة أو تتفق فى جوهرها مع هذه الفرائض المالية أو تحل محلها، فضلا عن تبسيط الإجراءات الضريبية من خلال معالجة المشكلات التى أسفر عنها تطبيق الإجراءات الحالية على النحو الذى يُمكن معه للإدارة الضريبية وكذلك للممول أو المكلف تحقيق الغاية من هذا الإجراء بأبسط الطرق الممكنة بعيداً عن التعقيد والتكرار.
ويُرسخ مشروع القانون للاعتماد على وسائل الميكنة الحديثة - بصورة كاملة - فى اتخاذ الإجراءات الضريبية بعد انتهاء مرحلة التحول من الإجراءات الورقية إلى الإجراءات المميكنة، بحيث تصبح هذه الوسائل هى المعتمدة قانوناً فى الإثبات الضريبى وفى التواصل بين الإدارة الضريبية والممول أو المكلف وفى الدفاتر والسجلات التى يتعين عليه إمساكها والفواتير التى يلتزم بإصدارها وتطبيق نظام التوقيع الإلكترونى وتطبيق هذه الوسائل كذلك فى ربط الضريبة وتحصيلها وفى سبل الطعن على نماذج ربط الضريبة.
ويضمن مشروع القانون عدم المساس بالقواعد الإجرائية الثابتة والتى تواترت عليها القوانين الضريبية المتعاقبة تحقيقاً للاستقرار فى القواعد الضريبية التى ثبُتت فاعليتها وجدواها ولم يترتب عليها أى مشكلات فى التطبيق، بالإضافة إلى قصر التوحيد الإجرائى على القواعد القابلة للتطبيق على مختلف أنواع الضرائب أما الإجراءات التى ترتبط بضريبة معينة وتلائم طبيعتها الفنية فقد تم الاحتفاظ بها كما هى لتسرى فقط على هذه الضريبة دون غيرها.
ويسعى المشروع إلى تحقيق المزيد من الفاعلية لقواعد إنهاء المنازعات الضريبية من خلال تبسيط الإجراءات أمام اللجان الداخلية ولجان الطعن و تحقيق السرعة الواجبة فى نظر هذه المنازعات من خلال تحديد ميعاداً لكل إجراء وترتيب أثراً قانونياً على تجاوز هذا الميعاد وجواز سحب النزاع من أمام لجنة الطعن وإعادته للمأمورية للصلح فى الطعن واستثناء الدعاوى الضريبية من العرض على هيئة مفوضى الدولة وذلك من أجل سرعة حسم المنازعات الضريبية وتجنباً للجوء إلى ساحة القضاء وإثقالها بالمزيد من الدعاوى والتى تستغرق أمداً طويلاً للفصل فيها بما لا يتناسب مع المنازعات ذات الطابع المالى.
المنازعات الضريبية
كما وافق البرلمان أيضا على مشروع قانون بشأن إنهاء المنازعات الضريبية، وتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، والذى يضمن تيسير سُبل الإسراع بإنهاء المنازعات الضريبية والجمركية، ودون الانتظار إلى حين الفصل فيها بمعرفة لجان الطعن ولجان التوفيق أو المحاكم، ومراعاة للأثر الإيجابى الذى نتج عن تطبيق القانون رقم 79 لسنة 2016، مع انتهاء المدة المحددة لتلقى طلبات إنهاء المنازعات وفق أحكام هذا القانون.
وينص القانون على أن يُجدد العمل بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها فى قانون إنهاء المنازعات الضريبية حتى 30 يونيو 2020، على أن تستمر اللجان المشكلة وفقاً لأحكام القانون فى نظر الطلبات التى لم يفصل فيها، كما تتولى الفصل فى الطلبات الجديدة التى تقدم إليها حتى 30 يونيو2020.
كما نص القانون على أنه إذا قامت مصلحة الضرائب بتعديل الإقرار الضريبى للممول بعد مضى السنوات الـ3 الأولى من تاريخ انتهاء المدة المحددة لتقديمه لا يجوز لها حساب مقابل التأخير عن الفترة التالية لانتهاء مدة السنوات الثلاث المشار إليها وحتى تاريخ إخطار الممول بهذا التعديل.
كما نص على أن يُعفى الممول من أداء 30% من مقابل التأخير عن الضريبة غير المسددة التى تُستحق، بناءً على الاتفاق الذى يجرى مع المصلحة قبل صدور قرار لجنة الطعن، بشرط أداء الممول الضريبة المستحقة عليه.
الضريبة العقارية
ومن التشريعات الاقتصادية المهمة التى أقرها البرلمان مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008، والذى يأتى فى إطار حزمة التيسيرات التى تقدمها الحكومة للقطاعات الإنتاجية فى الدولة، وذلك بتخفيف عبء ضريبة العقارات المبنية على المصانع وغيرها من الوحدات الإنتاجية، حتى تتمكن من أداء نشاطها دون تحميلها أعباء مالية.
ويستهدف القانون تخفيف العبء الضريبى عن كاهل أصحاب المصانع وتشجيع بعض الأنشطة الإنتاجية والخدمات الاستراتيجية، وكان البند (ب) من المادة (9) ينص على أن تُعامل الأراضى الفضاء المستغلة معاملة العقارات المبنية، سواء كانت مُلحقة بالمبانى أومُستقلة عنها، مُسورة أو غير مُسورة، إلا أن التطبيق العملى للنص أسفر عن فرض ضريبة العقارات المبنية على الأراضى الفضاء الموجودة بالمصانع على وجه الخصوص، على الرغم من أنها غير مُستغلة فعليا.
وتضمن مشروع القانون فى المادة الأولى منه تعديل حكم البند (ب) من المادة (9) من القانون المذكور، بحيث يشترط لخضوع الأراضى الفضاء لهذه الضريبة الاستغلال الفعلى لها، وذلك طبقا لما تُحدده اللائحة التنفيذية.
كما تضمن فى المادة الثانية منه إضافة فقرة جديدة للمادة (12) من قانون الضريبة على العقارات المبنية المُشار إليه، تُجيز لمجلس الوزراء إعفاء العقارات المبنية المُستخدمة فعليا فى الأنشطة الإنتاجية والخدمات الاستراتيجية التى يُحددها مجلس الوزراء من الضريبة المستحقة على هذه العقارات للمدة التى يُحددها المجلس، وأن يتم تقرير الإعفاء بناءً على اقتراح وزير المالية بالتنسيق مع الوزير المُختص، وذلك تشجيعا لهذه الأنشطة والخدمات.
تأجيل الضرائب وتقسيطها 3 شهور بسبب كورونا
وأقر البرلمان أيضا مشروع قانون بشأن بعض القواعد المالية التي يتطلبها التعامل مع التداعيات التي يخلفها فيروس كورونا، والذى يأتى فى إطار مواجهة الدولة للآثار المالية على القطاعات الاقتصادية أو الإنتاجية أو الخدمية المتضررة من تداعيات فيروس كورونا، ويهدف إلى منح مجلس الوزراء سلطة التدخل لتأجيل سداد بعض الضرائب وغيرها من الفرائض المالية والتأمينات أو تقسيطها أو مد آجال تقسيطها بدون أعباء.
ونص المشروع على أن يكون التأجيل يكون لمدة لا تُجاوز 3 أشهر قابلة للتجديد لمدة أخرى، كما أنه يضمن تحقيق أهداف الدولة من عدم تسريح أى عمالة، حيث اشترط عدم الاستغناء عن بعض أو كل العمالة الموجودة نتيجة تداعيات فيروس كورونا للاستفادة أو استمرار استفادة الشركة أو المنشأة أو الفرد بكل أو بعض المزايا المقررة فى مشروع القانون.
التجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية
كما أقر البرلمان أيضا مشروع قانون بالتجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية، والفوائد وما يماثلها من الجزاءات المالية غير الجنائية، وبتجديد العمل بالقانون رقم 79 لسنة 2016 في شأن إنهاء المنازعات الضريبية.
ويُعد هذا القانون أحد الأدوات التى تساعد فى المعالجة الاقتصادية والاجتماعية لتداعيات جائحة فيروس "كورونا" المستجد، حيث تشجع المدينين من الممولين وغيرهم على سداد أصل الدين مع التخفيف أو الإعفاء من مقابل التأخير والغرامات المالية الأخرى، وبالتالى يتوفر للدولة موردًا ماليًا يساعد فى تحقيق قدرتها على القيام بخدماتها العامة فى ظل هذه الأزمة.