أصدرت دائرة الأحد "هـ" بمحكمة النقض، حكماَ مهماَ وضعت فيه ضوابط وإجراءات محاكمة المضطرب نفسياَ وتحديد معايير إعفاءه من العقوبة، قالت فيه: " لا يسأل جنائياَ الشخص الذى يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلى أفقده الإدراك أو الاختيار أو الذى يعانى من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهراَ عنه أو عن غير علم منه، ويظل مسئولاَ جنائياَ الشخص الذى يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلى أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره".
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 27158 لسنة 86 القضائية، برئاسة المستشار عايد راشد، وعضوية المستشارين أحمد أحمد خليل، وأحمد محمود شلتوت، ووليد عادل، وخالد فتح الله، وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض محمد شفيع، وأمانة سر محمد فوزى.
الوقائع.. شخص متهم بقتل أخر عمداَ
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 312 لسنة 2015 والمقيدة بالجدول الكلى رقم 5663 لسنة 2015 شمال القاهرة، بأنه في يوم 25 من يوليو لسنة 2015 قسم الزاوية الحمراء – محافظة القاهرة، قتل المجنى عليه عمداَ بأنه وإبان مشاجرة نشبت بينهما على إثر خلاف أسرى حتى أشهر سلاحاَ أبيضاَ "سكين" وكان للمجنى عليه طعنه اصابته في مقتل بنية إزهاق روحه محدثاَ اصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعى المرفق بالأوراق والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات، وأحرز سلاح أبيض "سكين" دون مسوغ قانونى أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاَ للقيد والوصف الورادين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة بعد أن عدلت وصف التهمة بجعله: 1- ضرب المجني عليه، عمداَ بسلاح أبيض "سكين" فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ولم يكن قاصداَ من ذلك قتله، ولكن الضرب أفضى إلى موت المجني عليه، وأحرز سلاح أبيض "سكين" دون مسوغ قانونى أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية.
المحكمة تقضى بسجن المتهم 5 سنوات بعد تعديل القيد والوصف
وفى تلك الأثناء – قضت المحكمة حضورياَ في 21 من مايو لسنة 2017 وعملاَ بالمواد 236/1 عقوبات، 1/1، 25 مكرر/1، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 6 من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات عما أسند إليه، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق في 9 من يونيه لسنة 2018.
ومما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال – ذلك بأن دفاعه قام على انتفاء مسئوليته الجنائية لما أصابه من اضطراب نفسى – بيد أن الحكم رد على هذا الدفاع بما لا يصلح رداَ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
الدفاع يدفع بأن موكله كان يعانى من اضطراب نفسى وقت ارتكاب الجريمة
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن الثابت من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ 21 مايو 2016 أن المدافع عن الطاعن دفع بانتفاء مسئوليته الجنائية عن الواقعة لما أصابه من اضطراب نفسى – لما كان ذلك – وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن واطراحه في قوله: "وحيث أنه وعن الدفع بامتناع عقاب المتهم عملاَ بنص المادة 62/1 عقوبات فإنه مردود إذ خلت الأوراق، مما يفيد على وجه قاطع أن المتهم كان يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار ومن ثم تقضى المحكمة برفض هذا الدفع.
متى يسأل المريض النفسي عن جريمته ومتى يعفى من العقوبة؟
لما كان ذلك – وكان النص في المادة 62 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات قد نص على أنه: "لا يسأل جنائياَ الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الادراك أو الاختيار أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهراَ عنه أو عن غير علم منه، ويظل مسئولاَ جنائياَ الشخص الذي يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلي أدى إلى انقاص ادراكه أو اختياره"، وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة.
ضوابط اعفاء المريض النفسي من المسئولية الجنائية
وبحسب "المحكمة" – المحكمة تأخذ في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة: "وهو نص مستحدث يتمثل في إضافة الاضطراب النفسي للمتهم إذا ما أفقده الادراك أو الاختيار وقت ارتكاب الجريمة، واعتبره سبباَ للإعفاء من المسئولية الجنائية أما إذا اقتصر آثره على الانتقاص من إدراك المتهم أو اختياره يظل المتهم مسئولاَ عن ارتكاب الجريمة، وأن جاز اعتبار هذا الانتقاص ظرفاَ مخففاَ يصح للمحكمة الاعتداد به عند تقدير العقوبة التي توقع عليه، وإذ كان دفاع المتهم بالمنازعة في مدى مسئوليته لإصابته باضطراب نفسى أو عقلي ينال من إدراكه أو شعوره، دفاع جوهري إذ يترتب على ثبوته أعفاء المتهم عن المسئولية أو الانتقاص منها وفق ما تضمنه النص سالف الذكر.
لما كان ذلك – ولئن كان من المقرر أن تقدير حالة المتهم الفعلية أو النفسية من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه لسلامة الحكم يقين إذا تمسك به المتهم أن تجرى تحقيقاَ في شأنه بلوغاَ بما يسوغ، لما كان ذلك، وكان ما رد به الحكم على دفاع الطاعن في هذا الشأن – على السياق المتقدم – لا يسوغ به اطراحه، إذا لا يصح اطراحه بخلو الأوراق مما يفيد على وجه قاطع أن المتهم كان يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلي لأن البداءة يتضمن الدعوة إلى تحقيقه، مما يصم الحكم – في الرد على هذا الدفاع بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم والاعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ضوابط اعفاء المريض النفسى من العقوبة 1