لم يجد الديمقراطيون سلاحا سوى العزل ليشهروه مرة أخرى فى وجه خصمهم الأول الرئيس دونالد ترامب، فى محاولة أخيرة من جانبهم لإخراجهم بشكل غير لائق من الحكم وحتى وإن كانت أيامه الباقية فيه معدودة.
فبشكل متسارع، يستعد الديمقراطيون لبدء إجراءات عزل الرئيس المنتهية ولايته فى مجلس النواب فى أعقاب أحداث اقتحام مبنى الكونجرس الأسبوع الماضى، والتى ساهم فى إشعالها بشكل كبير ترامب بخطابه التحريضى لأنصاره على مدار أيام كثيرة قبلها.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن ترامب، وبعد 11 شهرا فقط من تبرئته فى محاكمة عزل صاخبة بمجلس الشيوخ، يواجه معركة عزل أخرى محتملة فى الأيام الأخيرة له، فى مواجهة أخيرة تختبر حدود السياسة والمحاسبة والدستور.
ولم يسبق أن واجه أى رئيس أمريكى من قبل العزل لارتكاب جرائم كبرى أو جنح. إلا أن رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى كان تدرس توجيه اتهام جديد لترامب وهو التحريض على التمرد، وذلك لتشجيعه حشد على اقتحام مبنى الكابيتول لتعطيل عملية التصديق على فوز جو بايدن وهزيمته فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.
ولو مضى بيلوسى فى جهودها، يمكن لمجلس النواب الموافقة على الاتهام فى غضون أيام، هذه المرة بدعم حتى من بعض الجمهوريين الساخطين، وإرساله إلى مجلس الشيوخ لإجراء محاكمة ربما لن تتشبه أى من الثلاثة التى سبقتها فى التاريخ الأمريكى. ورغم أنه يبدو غير مرجح أن 17 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين سينضمون إلى الديمقراطيين للحصول على أغلبية الثلثين الضرورة لإدانة ترامب، إلا أن الغضب تجاه الأخير كان واضحا للغاية حتى أن قادة الحزب أنفسهم قالوا سرا أن الأمر ليس محل شكوك.
وتصف نيويورك تايمز المحاولة الجديدة لإقالة ترامب من منصبه وتجريده من سلطته دون الانتظار حتى تنتهى فترته فى 20 يناير بأنها تتويج لأسبوع مؤلم أزعج واشنطن أكثر من أى أسبوع منذ هجمات سبتمبر 2011، عندما اقتحم أنصار ترامب الكونجرس أمام مرآى من الحرس الوطنى.
وكان البيت الأبيض فى حالة انهيار والجيش على حافة الهاوية والحكومة فى حالة تمرد والحزب الجمهرى فى حالة صراع داخلى.
وترى الصحيفة أن المحاولة الجديدة لعزل ترامب ستكون أكثر من مجرد فرصة أكبر من تلك التى فشلت فى وقت سابق لأن هذه المرة لا يتعلق الاتهام بمكالمة هاتفية مع رئيس أجنبى تم التقاطها فى نص، ولكن حصار الديمقراطية الأمريكية الذى رآها الجميع على شاشات التلفزيون.
وبقول النائب تيد ليو، الذى بدأ صياغة مادة العزل مع النائب ديفيد سيسلين، إن المتمردين المحرضين من ترامب هاجموا الكابيتول لمنع الكونجرس من قبول نتائج المجمع الانتخابى، ومات أشخاص، ولا يمكننا أن نصدر فقط بيانات صحفية ردا على ذلك، وما لم يقدم ترامب استقالته، فيجب أن يحاسبه الكونجرس.
إلا أن توقيت هذه المحاولة، والتى تأتى قبل 11 يوما فقط من الوقت المقرر أن يغادر فيه ترامب المنصب، لها تأثير على الأمر. فزعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ السناتور ميتس ماكونيل، أشار إلى أنه بموجب قواعد مجلس الشيوخ، لا يمكن أن تبدأ المحاكمة قبل 19 يناير، وهو اليوما لذى يسبق تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، مما يعنى أن العملية لن تمضى قدما بشكل سريع بما يكفى لتجنب أى خطوات خطيرة يخشى أن يقوم بها ترامب فى أيامه الأخيرة فى المنصب.
وهو ما يثير احتمالية إجراء المحاكمة بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض، ولتلقى بظلالها على الأيام الأولى لإدارة بايدن، فى الوقت الذى سيرغب فيه الأخير بالتأكيد فى قلب الصفحة ومواجهة الأزمات المتعددة مثل وباء كورونا الذى أصبح أشد فتكا. كما أن إجراء جلسات مجلس الشيوخ لمحاكمة ترامب يمكن أن تمنع أعمالا أخرى فى المجلس مطلوبة بشدة فى هذا الوقت.
ويخشى بعض من أشد خصوم ترامب أن العزل فى اللحظات الأخيرة ومحاكمة تالية يمكن أن تساعده على حشد أنصاره بتقديم نفسه ضحية والسماح له بتحويل الانتباه إلى ما يقوم به وليس ما يفعله معارضوه.