طوال الوقت تدعي شركات التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي أنها تدافع عن الحرية الشخصية للمستخدمين، وأنه لا ينبغي ممارسة أي سلطة تحد من حرية الرأي والتعبير عبر منصاتها، إلا أن هذا الأسبوع وما شهده من أحداث كشف عن الوجه القبيح لشركات التكنولوجيا، كونها تتخذ معايير مزدوجة فاضحة، تعبر عن كونها تهتم بمصلحتها ومكاسبها الشخصية والسياسية قبل مصلحة مستخدميها، بداية من شبكة تويتر التى قررت حذف حساب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سابقة هي الأولى من نوعها، وصولا إلى جوجل وأبل وأمازون الذين قرروا إزالة تطبيق Parler مبررين ذلك بأنهم لم يتخذوا تدابير كافية لمنع انتشار المشاركات التي تحرض على العنف.
حرب شركات التكنولوجيا على حرية الرأي
حاول المشرعون في الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي مرارا وتكررا جعل شبكات التواصل الاجتماعي مسؤولة عما ينشر على صفحاتها، إلا أن شركات التكنولوجيا العملاقة، حثت المشرعين على تجنّب تحميلها المسؤولية القانونية عن المحتوى كله المنشور عبر منصاتها، مبررة ذلك بأنه لا يمكن لها أن تقوم بدور الرقيب على المستخدمين، وأنهم مجرد أداة للتواصل بين أفراد المجتمع، لكن ما قامت به شركات التكنولوجيا مؤخرا يكشف عكس ذلك تماما، بعدما قام تويتر بحذف حساب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وحذف جوجل وأبل وأمازون تطبيق Parler من منصاتهم.
- محاربة الإرهاب حجة واهية لشركات التكنولوجيا
في الوقت الذى حذفت فيه أبل وجوجل وأمازون تطبيق Parler للتواصل الاجتماعي بدعوى عدم اتخاذ تدابير كافية لمنع انتشار المشاركات التي تحرض على العنف، نجد أن هذه الشركات تركت تطبيق مثل تليجرام وسيجنال وغيرها من التطبيقات المشفرة التى تمتلئ بالمحتوى الإرهابى وانتهاكات للملكية الفكرية.
ويعد تليجرام من أهم البرامج التى يعتمد عليها تنظيم داعش وجماعة الإخوان الإرهابية بشكل كبير، خاصة بسبب مزايا التشفير القوية التى يضمها تليجرام، وتجعل الحكومات غير قادرة على تتبعهم ومطاردتهم خلاله، فعلى مدار الأشهر الـ12 الماضية، استفاد داعش بشكل كامل من مزايا الخصوصية على تطبيق تليجرام لإقامة مجتمع متكامل مع أنصارها، والأمثلة كثيرة من تزييف التاريخ لتعليم القرصنة وغيره من الأمور التى تجري على تليجرام، وذلك دون أن تفكر جوجل أو أبل مرة واحدة في إزالة التطبيق أو حتى تحذير المطورين القائمين عليه.
- شركات التكنولوجيا الكبرى تمول نشر المعلومات المضللة
فيما كشفت دراسة حديثة في يوليو الماضى 2020، نشرها مؤشر التضليل العالمي (GDI)، أن منصات الإعلان الرقمي التي تديرها "جوجل" و"أمازون" وشركات التكنولوجيا الأخرى، موّلت مواقع إلكترونية، تنشر معلومات مضللة عن فيروس كورونا، بقيمة 25 مليون دولار.
وأوضحت الدراسة، أن "جوجل" قدمت نحو 19 مليون دولار، أو ما يعادل 3 من كل 4 دولارات، من عائدات الإعلانات، تحصل عليها المواقع الإلكترونية التي يتم نشر عليها معلومات خاطئة عن فيروس كورونا، بينما قدمت "أمازون" نحو 1.7 مليون دولار، أو ما يعادل 7% من إجمالي إنفاق التسويق الرقمي الذي تتلقاه هذه المواقع الإلكترونية، في حين أن “OpenX”، وهي موزع إعلان رقمي أصغر، استفادت من نحو 10% من الأموال، المستخدمة في الإعلانات الرقمية.
ولعل هذه الدراسة تكشف كيف تتبع شركات التكنولوجيا مصلحتها الخاصة وسبل تحقيق الربح وترجح ذلك على تقديم معلومات صحيحة وموثقة للمستخدمين.