- أردوغان كان بحاجة إلى إسكات الإعلام المستقل والمعارض من أجل توجيه الرأي العام
- الرئيس التركى يريد إغلاق جميع قنوات التنفس للشعب بما فيها الإعلام الاجتماعي حتى لا تكون هناك أصوات معارضة لفشله السياسي والاقتصادي
- أردوغان يخطط لمزيد من العمليات لاعتقال أكبر عدد من الناس في الفترة المقبلة
- أردوغان أقدم على فصل واعتقال مئات الآلاف من المواطنين المدنيين بالتهمة الجاهزة التقليدية "المشاركة في الانقلاب العسكرى"
- أردوغان يحاول تمديد عمره السياسى بالقمع والاستبداد ونتوقع خسارة حزبه في أول انتخابات نزيهة
- الانشقاقات الداخلية في حزب أردوغان بدأت قبل 7 سنوات احتجاجا على طريقة تعامل أردوغان مع ملفات الفساد التي طالت رجاله
- تخلى 20 نائبا برلمانيا عن أردوغان بسبب الفساد بينهم أسماء معروفة قم بدأت الانشقاقات الجماعية بعد انفصال باباجان وداوود أوغلو
- أردوغان مسئول عن السلبيات التي تشهدها البلاد وحسنات وإيجابيات تركيا تتراجع يوما عن يوم
- أردوغان يستخدم خطابًا إسلامويًّا متطرفا ويميل لاستخدام المجموعات الإرهابية وسياساته الخارجية كلفت بلادنا الكثيرة
- علاقات أردوغان مع واشطن والاتحاد الأوروبي تدهورت وهذا أثر سلبا على الاقتصاد التركي
- الاتحاد الأوروبي بدأ يدرك مخاطر تهديدات أردوغان باللاجئين وبدأ يواجهها بالعقوبات
لا شك أن حجم الانتهاكات التي يمارسها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أصبح يثير حالة استنكار عالمى، خاصة مع تزايد أعداد المعتقلين الذي يزج بهم الرئيس التركى ونظامه المتمثل في حزب العدالة والتنمية الحاكم، وخرجت العديد من التقارير الحقوقية الدولية التي تحذر مع تزايد معدل الانتهاكات والقمع في تركيا، وتحذير الاتحاد الأوروبى من هذه الانتهاكات، بالإضافة إلى السياسات العدوانية الخارجية التي يتبعها نظام أردوغان ودعمه للجماعات الإرهابية، كل هذا انعكس على شعبية النظام الحاكم ، وهو مايزيد أهمية هذا الأمر مع اقتراب الانتخابات التركية سواء البرلمانية أو الرئاسية.
"اليوم السابع" أجرى حوارا مع عدد من الخبراء السياسيين الأتراك ليكشفوا كم الانتهاكات التي يمارسها نظام أردوغان، بجانب انعكاس الأزمة الاقتصادية التركية على النظام التركى ومستقبله، بجانب ما إذا كانت مساعى توحيد المعارضة التركية وتشكيل تحالف قوى قد يؤدى إلى الإطاحة بنظام أردوغان.
«ياوز أجار» المحلل السياسى والمعارض التركى، كشف أن حجم الفساد الذى يعانى منه حزب العدالة والتنمية زاد من الانقسامات والانشقاقات داخل الحزب، موضحا أن أردوغان أقبل على شيطنة معارضيه العلمانيين من الأتراك والأكراد وحركة الخدمة الإسلامية في عيون أنصاره من خلال أدبيات "الانقلابي والخائن".
وأضاف الباحث السياسى التركى، خلال حواره مع "اليوم السابع"، أردوغان اخترع مسرحية انقلاب يوليو 2016 ، واقدم على فصل واعتقال مئات الآلاف من المواطنين المدنيين بالتهمة الجاهزة التقليدية المشاركة في الانقلاب "العسكري" المزعوم أو الصلة به لمجرد علاقتهم ، لافتا إلى أن انخفاض شعبية أردوغان جراء سياساته الداخلية حقيقة لا يمكن إنكارها، وإلى نص الحوار..
كيف ترى تزايد معدلات الاعتقال للمعارضين في تركيا؟
بعد الفوز بالانتخابات البرلمانية للمرة الثالثة دون انقطاع في 2011 بدأ أردوغان يشعر بقوته الشخصية والحزبية وقاعدته الإسلامية المتطرفة، ما دفعه إلى الاستغناء عن مؤيديه الديمقراطيين والمجموعات الإسلامية المختلفة معه مثل حركة فتح الله جولن وجماعة الفرقان وأمثالهما، ولما طفت إلى السطح أولى النزعات الاستبدادية لأردوغان اندلعت أحداث غيزي بارك المدننة المعارضة في أيلول 2013، لقد نجح أردوغان في توظيف هذه الأحداث لإنشاء جبهة علمانية وأخرى إسلامية وتسليط الجبهتين على بعضهما البعض ليبدأ التمكن من السلطة من كل النواحي. بالتزامن مع أحداث جيزي بارك حصل أردوغان على كلمة "الانقلاب المدني" السحرية التي استطاع من خلالها تقديم نفسه ضحية لتلميع صورته لدى الشعب وكل معارضيه خونة يريدون بإرجاع تركيا إلى السنوات القديمة المظلمة.
وكيف اضطهد أردوغان معارضيه؟
أقبل أردوغان على شيطنة معارضيه العلمانيين من الأتراك والأكراد وحركة الخدمة الإسلامية في عيون أنصاره من خلال أدبيات "الانقلابي والخائن" لكن وصف الانقلاب المدني والقضائي لم يكن كافيا لسحق جماعي للمعارضين من العلمانيين والإسلاميين على حد سواء وكان بحاجة إلى جريمة كبيرة ترهب بها أنصاره وتدفعهم إلى رص صفوفهم وتبرر له التصفية الكبرى أو الضربة القاضية التي خطط لها مسبقا ضد كل المعارضين، فدبر انقلاب 2016 مع حليفيه القومي اليساري حزب الوطن والقومي اليميني حزب الحركة القومية ليتمكن من إضافة "الإرهاب المسلح" و"الانقلاب العسكري" إلى تهمة الانقلاب المدني والقضائي ويتهم معارضيه العلمانيين بالانتماء إلى حزب العمال الكردستاني والمتدينين بالانتماء إلى حركة الخدمة، هذه المقصلة ذات الطرفين الحادين تنزل منذ 2016 على كل المعارضين، بل طالت أقرب رفقاء درب أردوغان كما قال داود أوغلو وباباجان.
ولماذا لجأ أردوغان إلى تدبير هذا الانقلاب عام 2016؟
لأن أردوغان بعد تورطه فى فضائح الفساد والرشوة، وممارسةِ كل أشكال الظلم والانتهاكات للتستر عليها سلك طريقا بدراجة هوائية يقودها على خطٍّ ضيقٍ جدا ومحفوفٍ بالمخاطر من جانبيه، لذلك يشعر بضرورة الضغط على دواستها بصورة مستمرة ومتزايدة حتى لا تتوقف عجلتها فيقع ويهلك، وهذا هو سبب كل صولاته وجولاته ومهاجمته على كل فئات الشعب بشتى التهم والذرائع.
كيف سيطر أردوغان على الإعلام في بلاده؟
نظرا لعلم أردوغان بالإعلام هو القوة الأولى في تركيا بدأ يشكل وسائل إعلام بديلة عن الصحافة الإعلامية المسيطرة على الساحة منذ نشأة الجمهورية التركية، فكما قدم دعما غير مشروط لوسائل إعلام "إسلامية" كمجموعة ألبيراق الإعلامية فكذلك توجه إلى الاستيلاء على الإعلام المستقل أو المعارض بشتى الذرائع، كاستيلائه على صحيفة ستار المعروفة بعلمانيتها الصارمة. بسبب أن أردوغان كان بحاجة إلى إعلام قوي وإسكات الإعلام المستقل والمعارض من أجل توجيه الرأي العام وإقناعه بمفاهيم من قبيل "الكيان الموازي" و"الانقلاب المدني" و"الانقلاب القضائي" وأن قوى خارجية متعاونة مع امتداداتها الداخلية تسعى لإسقاط أردوغان، فأردوغان تمكن من نقل كل وسائل الإعلام المؤثرة إلى رجاله بشكل أو بآخر أو إغلاقها بتهم معلبة جاهزة كالإرهاب والانقلاب.
وبرأيك لماذا يلاحق أردوغان معارضيه حتى على مواقع التواصل الاجتماعى ويحاول تضيق الخناق عليهم على صفحاتهم على مواقع السوشيال ميديا؟
لم يبق للشعب والمعارضة المدنية والسياسية أي مجال للتعبير عن آرائهم سوى مواقع التواصل الاجتماعي ولكن أردوغان يريد إغلاق جميع قنوات التنفس للشعب بما فيها الإعلام الاجتماعي حتى لا تكون هناك أصوات معارضة لفشله السياسي والاقتصادي. لذا سن قوانين لفرض الرقابة الكاملة على مواقع التواصل الاجتماعي أيضا.
هناك تقرير أعده حزب الشعب الجمهوري، أكد أن عدد المعتقلين والمدانين الذين اشتكوا من الظروف السيئة والمعاملة المهينة وعدم تكافؤ الفرص فى سجون تركيا خلال السنوات العشر الماضية اقترب من مليونى شخص.. كيف ترى هذا الأمر؟
لقد أقدم أردوغان على فصل واعتقال مئات الآلاف من المواطنين المدنيين بالتهمة الجاهزة التقليدية المشاركة في الانقلاب "العسكري" المزعوم أو الصلة به لمجرد علاقتهم بشكل أو بآخر بحركة الخدمة المدنية أو فتح الله كولن لكن هذه الانتهاكات لم تتوقف عند هذا الحد بل طالت مرحلة ما بعد الفصل والاعتقال فكما أن المفصولين بقرارات أردوغان الشخصية لم يسمح لهم العمل في القطاع المدني وتركوا للموت، كذلك مورس في مراكز الاحتجاز والسجون أبشع أنواع التعذيب المادي والمعنوي ومن أفضح هذه الانتهاكات التفتيش العاري للنساء، حيث خرجت مئات منهن وكشفن عما تعرضن له على الشاشات التلفزيونية وتقدم حزب الشعب الجمهوري الكردي باستدواب إلى البرلمان طالب فيه بتحقيق برلماني في هذا الموضوع إلا أن نواب التحالف الحاكم (حزب أردوغان والحركة القومية) رفضوا ذلك، تركيا لم تشهد في أي وقت مضى هذا القدر من الانتهاكات وبالتالي الشكاوى من الضحايا.
هناك تقارير تركية تؤكد أن الرئيس التركى يبنى المزيد من السجون وصل عددهم إلى 140 سجنًا بما تفسر هذا الأمر ولماذا يلجأ لهذا برأيك؟
هذا يدل على أن أردوغان يخطط لمزيد من العمليات لاعتقال أكبر عدد من الناس في الفترة المقبلة أيضا، فهذه العمليات لن تتوقف حتى لا يبقى هناك من يمكنه تهديد نظام أردوغان لأنه مضطر لأن يمسك زمام الأمور كلها حتى لا يواجه المصير الذي ينتظره، أردوغان أفضل من يعرف أنه سوف يواجه المحاكمة والاعتقال إن فقد سلطته بسبب جرائمه في الداخل والمنطقة التي لا تعد ولا تحصى، خاصة المظالم التي تعرض لها الأكراد وجماعة فتح الله جولن.
هل ترى أن سياسات أردوغان الداخلية تسببت في انخفاض شعبيته داخل الشارع التركى؟
انخفاض شعبية أردوغان جراء سياساته الداخلية حقيقة لا يمكن إنكارها، حيث كان الديمقراطيون والليبراليون أول من نزلوا من سفينة أردوغان بعد أن خذلهم في وعده بنقل تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وبعد خروجه عن الإطار القانوني والدستوري من أجل التستر على جرائمه ثم تبعهم في ذلك انفصال قادة لهم وزن في الازدهار التركي في السنوات الأولى من حكم أردوغان مثل علي باباجان وأحمد داود أوغلو.
هل تتوقع خسارة أردوغان وحزبه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة؟
أردوغان ذاق مرارة الخسارة لأول مرة في انتخابات 7 حزيران 2015 بعدما دخل 80 نائبا من صفوف الحزب الكردي ومنعوا حزب أردوغان من تأسيس حكومة منفردة واضطروه إلى تحالف علني مع حزب الحركة القومية اليمينية المتطرفة وسري مع حزب الوطن القومي اليساري المتطرف أيضا وكل عملية انتهازية أقيمت بعد هذا التاريخ مشبوهة بسبب التلاعب فيها، فعندما خسر أردوغان الأغلبية البرلمانية اللازمة لتشكيل حكومة منفردة بسبب الأكراد، تحالف مع القوميين الأتراك وبدأ ينفذ عمليات أمنية وعسكرية في المناطق الشرقية ذات الأغلبية الكردية بدعوى مكافحة حزب العمال الكردستاني، كل فئات الشعب الكردي نالت نصيبهم من هذه المظالم التي مارسها أردوغان مع حلفائه القوميين المتطرفين من أجل إثارة مشاعر ورياح قومية، فالعمر الطبيعي لنظام أردوغان انتهى في عام 2015، لكن أردوغان يحاول تمديد عمره بالقمع والاستبداد وليس من الخطأ أن نتوقع خسارة حزب أردوغان في أول انتخابات نزيهة.
كيف ترى انعكاس ملف الفساد داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم على انشقاق العديد من كوادره وقياداته؟
نعم.. منذ ظهور فضائح الفساد والرشوة التاريخية في 2013 تسقط كل يوم لبنة من لبنات حزب العدالة والتنمية، فالانشقاقات الداخلية في حزب أردوغان بدأت قبل 7 سنوات احتجاجا على طريقة تعامل أردوغان مع ملفات الفساد التي طالت رجاله، والتي أسفرت عن إغلاقه تلك الملفات دون استكمال العملية القانونية الطبيعية.
وكيف كانت طبيعة تلك الانشقاقات داخل حزب أردوغان؟
لقد تخلى حوالي 20 نائبا برلمانيا عن أردوغان بسبب الفساد، بينهم أسماء معروفة بتوجهاتها الديمقراطية والليبرالية مثل إدريس نعيم شاهين، وزير الداخلية الأسبق، أرطغرل جواناي، وزير الثقافة الأسبق، وهو سياسي ليبرالي ينحدر من حزب الشعب الجمهوري، ولاعب كرة القدم الشهير عالميا هاكان شكور ووزير الخارجية الأسبق ياشار ياكيش، حيث إن هذه الأسماء كانت لعبت الدور الأكبر في انفتاح العدالة والتنمية المنحدر من حزب الرفاه "الإسلامي" على الفئات الديمقراطية والليبرالية والجماهير العريضة.
ومتى اتسعت حدة الانشقاقات داخل العدالة والتنمية؟
تحولت الانشقاقات داخل حزب أردوغان من الفردية إلى الجماعية بعد انفصال كل من أحمد داود أوغلو وعلي باباجان ورجالهما، فبعد مغادرة هذه الأسماء سفينة حزب العدالة والتنمية تحول الحزب إلى حزب خاصة لعائلة أردوغان لكن الانشقاقات لم تتوقف عند هذا الحد بل طالت أفراد عائلة أردوغان أيضا بالتزامن مع تخلي أردوغان عن صهره برات ألبيراق والكوادر المرتبطة به في الجهاز البيروقراطي.
هل تتوقع حدوث انشقاقات مقبلة داخل هذا الحزب الحاكم؟
نعم حيث تقول كواليس أنقرة بأن الانشقاقات ستطال قريبا الدائرة الضيقة أيضا، وإذا استمر أردوغان متابعة سياساته الحالية فليس من المستبعد أن يبقى أردوغان فردا وحيدا فوق هرم السلطة ليتحقق بعد ذلك وضع نقطة النهاية لهذا العهد المثير للجدل.
هل ترى أن هناك ضرورة لتوحيد المعارضة التركية ؟
الحراك عاد إلى المعارضة بعد تحقيقها فوزًا ساحقًا موجعًا لأردوغان عقب سيطرتها على كل البلديات الكبيرة في انتخابات 2019 المحلية، وهذه الوتيرة تسارعت بعد انشقاق كل من باباجان وداود أوغلو من حزب أردوغان وفي هذه الأيام نرى أن جميع أحزاب المعارضة بدأت تتخلى عن خطاب النظام ولو بنسبة معينة وتطالب بعودة جميع المفصولين بقرارات حالة الطوارئ إلى وظائفهم السابقة والإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة وأرى أن كلا من رئيس حزب الشعب الجمهوري والمستقبل داود أوغلو عادا ليمارس معارضة حقيقية ونقدًا نوعيًّا تجاه ممارسات أردوغان، هذا النشاط كسب زخمًا جديدًا بعد تركيز المعارضة على الفشل الاقتصادي الذي حصد رأس برات ألبيراق، صهر أردوغان وفي حال مواصلتها على هذا المنوال فإنني أعتقد أن تحالف الشعب المعارض قد يضع نقطة النهاية لنظام أردوغان في أنتخابات نزيهة، مع العلم بأن الدكتاتوريين لا يذهبون بسهولة عن طريق الانتخابات الديمقراطية.
برأيك من يتحمل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تركيا بعد انتقاد عددا من المؤسسات ووكالات التصنيف الدولية بشكل كبير البرنامج الاقتصادى للحكومة التركية وتزايد الديون؟
أردوغان هو الوحيد الذي يأمر وينفذ كل شيء في تركيا منذ عام 2013، دون استشارة من أحد خبيرًا كان أو غير خبير، وبالتالي هو المسئول عن السلبيات التي تشهدها البلاد، فحسنات وإيجابيات تركيا بدأت تتراجع كل يوم بعد هذا العام وأفضل دليل على ذلك التقارير الدولية التي تكشف تراجعها في كل المجالات.
ولماذا إيجابيات تركيا تتراجع كل يوم؟
لأن أردوغان حول الدولة إلى دولة حزبية في البداية ثم إلى دولة عائلية، وبعد تصفية الموظفين المؤهلين في الجهاز البيروقراطي حل محلهم كوادر حزب العدالة والتنمية دون النظر إلى أهليتهم للوظائف بينما كان يجب التوظيف أن يكون وفق مبدأ "بسطة في العلم والجسم"، لذا فإن الأزمات التي تعيشها تركيا سببها هو أردوغان وسياساته لا غير، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية.
كيف ترى سياسات الرئيس التركى الخارجية؟
لقد تحول أردوغان من مبدأ الانفتاح الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي على المنطقة القريبة (إلى القوة الغاشمة بالتزامن مع حادثة سفينة مافي مرمرة.. بعد هذه الحادثة كشف أردوغان التأثير السحري للخطاب الإسلامي الشعبوي البعيد، وحول السياسة الخارجية عاملا من عوامل السياسة الداخلية لوضع كل الإسلاميين في تركيا والمنطقة تحت رايته وبعدما تحالف مع حزب الحركة القومية المتطرفة فإن أردوغان بدأ يستخدم خطابًا إسلامويًّا قوميًّا دولجيًّا، الأمر الذي دفعه إلى التعامل مع الجماعات أو المجموعات التي تتبنى الخطاب ذاته بدلاً من الحكومات الشرعية، وتسعى إلى إسقاطها من أجل فتح المجال أمام تلك المجموعات لتصلوا إلى سدة الحكم.
كيف أثرت هذه السياسة الخارجية الخاطئة على تركيا؟
هذه السياسات كلّفت تركيا كثيرًا، حيث انقسم الشعب كله في الداخل إلى معسكرين اثنين؛ أردوغان الإسلامي وحليفه القومي؛ والمعارضين لهما، كما أنها تسببت في اندلاع حروب أهلية في المنطقة، فنتائج هذه السياسات أصبحت تركيا دولة معزولة في المنطقة والعالم للأسف.
كيف ترى تلويح الاتحاد الأورويى بفرض عقوبات على تركيا؟
يبدو أن الاتحاد الأوروبي بدأ يدرك أن سياسة الخوف من تهديدات أردوغان باللاجئين يمكن وتوظيف امتدادته الإسلامية والقومية في أوروبا للإضرار بمصالحه في المنطقة وعقر داره، لم تعد تجدي نفعاً، وبدأ يلوح لأردوغان عصاه الغليظة. ولعله لاحظ الضعف الذي يعانيه أردوغان في السنوات الأخيرة واتجه إلى تهديده بالعقوبات الفعلية.
هل ترى أن أردوغان خسر بسبب عداءه لمصر واستقباله لقيادات جماعة الإخوان؟
لقد تحول حزب أدوغان "الديمقراطي" إلى حزب دولجي إسلاموي قومي على الصعيدين الخطابي والعملي، مما أدى إلى غياب التوافق المجتمعي بكل أطيافه في الداخل، والشرعية الدولية في الخارج. التحوّل من الديمقراطية إلى الإسلاموية والقومية جعل أردوغان ينحاز إلى المجموعات التي تتبنى الفكرة الإسلاموية سواء في الداخل التركي أو في المنطقة، ويتحول حزبه من التعددية الفسيفسائية إلى اللون الواحد الذي يعمل على إقصاء سائر الألوان الأخرى.
وكيف أثر ذلك على تحالفات أردوغان الخارجية؟
لقد ظهرت النتيجة الكارثية لهذا المسار الجديد لأردوغان في السياسة الخارجية بصفة خاصة، فقد بدأ يتعامل مع الكيانات الموالية له في الخارج بدلاً من التعامل من الدولة الوطنية، ويسعى إلى تمكينها من السلطة بأي طريقة كانت، الأمر الذي أجج الصراع بين تلك الكيانات والدول التي تتواجد فيها، وعلى رأسها مصر وسوريا.
كيف ترى علاقة الولايات المتحدة بتركيا خلال عهد الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن؟
لقد تدهورت علاقات أردوغان مع واشطن والاتحاد الأوروبي، وهذا أثر سلبا على الاقتصاد التركي، نظرا لأن أكثر من 80 % من الاقتصاد التركي يقوم على التجارة المتبادلة مع الدول الغربية، وقمع أردوغان زاد والأزمة الاقتصادية تفاقمت بالتناسب مع زيادة ابتعاده عن الدول الغربية. والآن بات أردوغان في برزخ بين واشنطن وموسكو، حيث لا يمكن أن يخرج من الأزمة الاقتصادية بمساعدة ويحتاج إلى دعم صندوق النقد الدولي أو الولايات المتحدة وعندها سيضطر للخضوع للشروط الغربية، فأردوغان يريد الخروج من مآزقه الحالية من خلال العودة إلى المعسكر الأمريكي، خاصة بعد فرض عقوبات على تركيا بسبب صواريخ أس 400 الروسية وتلويحها بفرض مزيد من العقوبات بعد الانتقال إلى العهد الجديد تحت الإدارة الجديدة بقيادة جو بايدن.
وكيف سيحاول أردوغان تحسين علاقته مع الغرب؟
أردوغان يحاول اليوم بعث رسائل واحدة تلو أخرى تفيد استعداده للتصالح مع واشنطن كطلبه تشكيل مجموعة عمل مشتركة معها لتسوية قضية الصواريخ الروسية، فهو لا شك يريد التصالح مع الغرب (أمريكا وأوروبا) ويقدم استعداده لتضحية علاقاته بالمعسكر الأوراسي كدليل على صدقه وجديته في الموضوع بعدما أصبح رجلا غير موثوق فيه لكثرة تقلباته
هل سيستجيب الغرب لنداء أردوغان؟
أرى أن وضع أردوغان صعب للغاية ولن يقبله أحد من المعسكرين بعد هذا التذبذب بين الطرفين وإثباته بالفعل أنه شريك غير موثوق فيه وسيتجهان كل منهما إلى دعم امتداداته داخل تركيا للتخلص من نظام أردوغان ومواصلة السير مع لاعبين جدد وأعتقد أن الذين تعرضوا للإقصاء والتهميش من قبل نظام أردوغان من الأتراك والأكراد هم الذين سيلعبون الدور الأكبر في إعادة تصميم تركيا في الفترة القادمة.