"الشهادة الزور" من أكثر الجرائم التي تقع داخل محاكم الأسرة نتيجة النزاع القائم والمستمر بين الرجل والمرأة، حيث تستطيع أن تحول حياة إنسان إلى "جحيم" بسبب "شهادة".. إلا أن فطنة القاضي وذكاءه الحاد تستطيع كشف هذه الحيل التي جرمها الشارع والشرع، مثلما حدث مع الشاب "أشرف محمد"، 38 سنة، مندوب مبيعات، والذي تحولت حياته لجحيم بسبب "شهادة زور" ثم انصفته المحكمة بعدما كشفت الحقيقة، وقضت بحبس شاهد الزور.
شهادة زور" من أهل الزوجة
يقول "محمد" – في سرد مأساته لـ"اليوم السابع": تزوجت من فتاة كانت جارتنا في الحى بمركز فوه محافظة كفر الشيخ - وللأسف كان لها شقيق تحول لمريض نفسى بسبب إدمان المخدرات ، كان كل فترة يجي المنزل عندي ويطلب مني فلوس، وعند رفضي كان يتسبب في إحداث مشاكل بيني وبين زوجتي".
ويضيف" وبسبب تدخل الأهل قرر قطع الصلة به حتى لا يتسبب في "خراب البيت"، وبالفعل أراد الله أن نعيش عام كامل بدون مشاكل بعد ابتعادنا عن شقيقها، ورزقنا الله بمولوده "ساندى" وبعد الولادة قمت باصطحابها مع المولودة إلي شقتنا، ولم يقم أحد من أفراد آسرتها بزيارتها للاطمئنان عليها بعد الولادة وكانت مفاجأة لنا لأن أول مرة نشوف أم بهذه الصورة "بلا قلب".
وتابع "محمد": "وبعد حوالي 7 أشهر دخل شقيقها المدمن حياتنا مرة أخرى، وقام بالتأثير عليها وتمكن من اصطناع المشكلات مرة أخرى، ثم تمكن من تحريضها بأخذ الصغيرة ومصوغات ذهبية تخصها وتخص الصغيرة وتخص والدتي ومبلغ مالي، وذهبت بكل شيء إلى أهلها ثم طلب منى شقيقها القدوم إليهم بمنزل الأهل، ومعي دفتر وصولات أمانة بغرض التوقيع على قائمة منقولات تقدر بـ600 ألف جنيه".
ويستكمل" رفضت ذلك الأمر خاصة بعد أن نصحنى عدد من أهل زوجتي بأن شقيقها مدمن، وسوف يستخدم الوصولات والقائمة الوهمية ضدي، إلا أننى فوجئت بأنهم تقدموا بشكوى في محكمة الأسرة، وادعوا بأنني طردتها وهي حامل، ووضعت الصغيرة عندهم وهم من دفعوا مصاريف الولادة، وقاموا برفع دعوى مصاريف ولادة ونفقة زوجية ونفقة صغيرة وفرش وغطاء وفرش وغطاء زوجية، ومصاريف علاج بفواتير مزورة واسأوا التعامل بقانون الاسرة".
المحكمة تكشف الواقعة وتأمر بحبس شاهد الزور
ويُضيف: "وبعد 3 سنين من النزاع والادعاءات الكاذبة رفعت طلاق بالضرر واستعانت بشهود زور واستعانوا بأقاربهم، وبالفعل حكمت المحكمة بالطلاق وكانت مفاجأة لنا جميعا، أنه لا يوجد ضرر واقع عليها، ووضحنا أن الشهود زور بالمستندات الرسمية، وبعد الحكم رفعنا جنحة مباشرة بالشهادة الزور أمام محكمة الجنح واحد من الشهود اتحبس والتاني المحكمة تشككت في شهادته".
ويقول" بعد ذلك رفعوا أعيان جهاز "العفش" 300 ألف جنيه بدون أصل مستند ولا فواتير ولا أي شيء، فرفضت المحكمة الدعوي لخلوها من أصل مستند ومن أي مستندات أو فواتير تدل علي عريضة دعواها".
الزوج المتضرر أشرف محمد
"الشهادة الزور" من الناحية القانونية
وعن "الشهادة الزور" من الناحية القانونية – يقول الخبير القانوني والمحامى المتخصص في الشأن الآسرى عبد الحميد رحيم : شاهد الزور موجود دائما أمام المحاكم، يثير الفضول دائمًا، ومستعد لقول الباطل، هو شاهد لم يرَ شيئًا، فأسموه شاهد الزور، يستطيع أصحاب الحقوق الباطلة الاستعانة به واستئجاره لقول أى شيء يريدونه أمام القاضى، فهو يقلب الباطل إلى حق، لكن لو انكشف أمره يقع فى دائرة التأثيم والعقوبة، ووقائع الشهادة الزور غالبًا ما تكون مثيرة، وتخضع لاكتشافها فى أغلب الأحوال لفطنة القاضى وقدرته على استخلاص الحقيقة، وتتم إحالة شاهد الزور للنيابة العامة بتهمة الشهادة الزور ثم يصدر الحكم بمعاقبته.
عقوبة شاهد الزور تصل للإعدام
وبحسب "رحيم" في تصريح لـ"اليوم السابع" فإن القانون المصري نظم أحوال الشهادة الزور، وعقوبتها فى الباب السادس من قانون العقوبات من المواد 294 وحتى 300، ونظم فيها أحوال الشهادة الزور والعقوبات التي تستتبعها، وهذه تتدرج من الحبس حتى الإعدام فمن يشهد زورًا أمام محكمة الجنح أو المحكمة المدنية يعاقب بالحبس، وإذا كانت الشهادة زورًا أمام محكمة الجنايات، وأدت للحكم على المتهم بالسجن أو الإعدام يعاقب شاهد الزور بذات العقوبة.
وإذا كانت الشهادة الزور تم بسببها الحكم على متهم بالإعدام، ونفذ بالفعل الحكم يعاقب شاهد الزور بالإعدام، أما شهادة الزور من أهل الخبرة الفنية، والتي تعينهم المحكمة أو تستعين بهم سلطات التحقيق، ويبدلون شهادتهم إلى شهادة الزور فيكونوا تحت مقصلة التجريم ويحكموا عليهم بعقوبة الرشوة، وهى السجن المشدد أو المؤبد حسب الأحوال وظروف كل دعوى.
عقوبة الشهادة الزور في الجنح والجنايات والمدنى
وهكذا تكون جريمة الشهادة الزور مؤثمة بموجب القانون المصرى، وذلك حماية لإظهار الحقيقة، وأنه قد بدأ المشرع بعقوبة الحبس بين حديه الأدنى يوم واحد حتى ثلاث سنوات إذا كانت الشهادة الزور للمتهم فى جنحة أو أمام محكمة مدنية سواء كانت تجارية أو مدنية مثل دوائر الإيجارات والنزاعات المدنية أو كانت أمام محكمة الأسرة سواء كانت لصالح أحد الطرفين، وكانت مخالفة للحقيقة.
ويجوز للقاضى الموضوع إحالة شاهد الزور للنيابة العامة للاتخاذ شئونها نحو توجيه تهمة الشهادة الزور إذا ثبت يقينًا كذب الشهادة أو مخالفتها الحقيقة، وكذلك يجوز لذوى الشأن أو كل ذى مصلحة توجيه هذا الاتهام لشاهد الزور عن طريق شكوى للنيابة العامة مباشرة وعن طريق الادعاء المباشر، وقد تصل العقوبة إلى السجن المشدد إذا كانت موجهة للمتهم فى جناية أو تم بموجب تلك الشهادة الحكم على المتهم فى جناية بحكم ما، أما إذا كانت تلك الشهادة تقود المتهم إلى حكم بالإعدام، وتم تنفيذ هذا الحكم فتكون عقوبة شهادة الزور فى تلك الحلقة هى الإعدام شنقًا – الكلام لـ"رحيم".
بينما تقول الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم إنه لم يفلت من العقوبة المشددة الجهات الفنية التى تندبها المحكمة أو تستعين بها النيابة العامة فى إظهار حقيقة الواقعة التى تباشر فيها المحاكمة أو سلطة التحقيق، فتكون العقوبة لشاهد الزور هى عقوبة الرشوة التى تصل إلى السجن المشدد أو المؤبد.
ويتم اكتشاف الشهادة الزور إذا تعارضت أمام المحكمة المدنية مع الثابت بالأوراق والواقع، وحدث أن كان هناك شهودًا شهدوا بشهادة زور أمام محكمة الأسرة بشهادات تتعارض مع الحقيقة لدخل الزوج فى دعاوى النفقة أو الشهادة للإثبات حق ليس صحيح، وكذلك فى محاكم الجنح حين تمت الشهادة بأن الشاهد رأى المتهم وهو يسرق وثبت أن المتهم كان خارج القطر المصرى وقت وقوع الجريمة، وهناك حكم شهير لمحكمة الجنايات بأن حكمت ببراءة المتهم من تهمة الاتجار بالمخدرات والحبس للضابط الواقعة باعتباره شاهدًا على واقعة الضبط، ويجوز أن تأمر المحكمة بالقبض على شاهد الزور وتوجيه اتهام مباشر له بتهمة الشهادة الزور.
هل يحق للمحكمة أن توجه للشاهد جريمة الشهادة الزور؟
وتُضيف "سالم" في تصريحات خاصة - تكون المحكمة المختصة حسب أحوال الشهادة، فإذا كانت أمام محكمة الجنح أو المحاكم المدينة أو محكمة الأسرة تنظر محاكمة المتهم بالشاهدة الزور أمام محكمة الجنح وتحكم عليه المحكمة بعقوبة الحبس والغرامة، وإذا كانت الشهادة الزور أمام محكمة الجنايات تنظر محاكمة شاهد الزور أمام محكمة الجنايات، وتم الحكم بالسجن على المتهم، وتحكم عليه بالسجن المشدد أو المؤبد حسب جسامة الشهادة، وطبقا لما كانت الشهادة الزور قضت على المتهم المشهود ضده بالسجن أو الإعدام، وتكون العقوبة الإعدام لشاهد الزور إذا كانت نتيجة تلك الشهادة الزور أدت إلى الحكم على المتهم بالإعدام، وتم تنفيذ فعلًا حكم الإعدام عليه، وهذا ما قضت به فعلًا محاكم جنايات فى وقت سابق بإحكام إعدام على الشاهد الزور.
وتؤكد الخبير القانوني: يجوز للمحكمة الموضوع توجيه جريمة الشهادة الزور إلى أى شاهد ترى أنه لا يشهد بالصدق، ويجوز أن تأمر بالقبض على المتهم وتقضى عليه بعقوبة أثناء نظر الجلسة، وكذلك يجوز الحكم على من شهد زورًا لصالح المتهم أو ضده خلافًا للحقيقة فإنه يعاقب طبقًا لنص المادة 294 من قانون العقوبات بالحبس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة