في وسط منطقة مجمع الأديان الأثرية، بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة يقع متحف من أهم المتاحف الموجودة بمصر، وهو المتحف القبطى، الذى يوجد خلف أسوار القلعة الرومانية الشهيرة بابليون، الذى أنشاه الإمبراطور تراجان "98 ـ 117م"، وما زالت حوائط وأبراج هذا الحصن موجودة ويمكن رؤيتها من مدخل المتحف، وكان لـ "اليوم السابع" جولة داخل أروقة المتحف، نستعرضها عبر مقطع فيديو، بصحبة الأثرية سماح عشم.
يتتبع المتحف القبطى تاريخ المسيحية فى مصر منذ بداياتها وحتى القرن الثامن عشر تقريبًا، ويحتوى أكبر وأكثر مجموعة للمصنوعات اليدوية المسيحية المصرية فى العالم "حوالى 16 ألف قطعة".
ويشمل المتحف جناحين تم ترتيب المعروضات بهما حسب التتابع الزمنى خلال طابقين، وإضافة إلى بنايات المتحف هناك حدائق وفناءات والمنطقة محاطة بالكنائس الفبطية القديمة التى ترجع بأصولها إلى ما بين القرن الخامس والثامن الميلادى، من ضمنها كنيسة العذراء مريم "المعلقة" وكنيسة أبى سرجة، ودير وكنيسة مارجرجس، وكذلك تضم المنطقة معبد "بن عزرا" اليهودى، وجامع عمرو بن العاص ليشكل المتحف منارة ثقافية تعليمية وترفيهية داخل مجمع الأديان القديمة.
نشأة المتحف
كانت البداية فى عام 1898م عندما أوصت لجنة حفظ الآثار العربية بإنشاء متحف للآثار القبطية، وتم البدء فى جميع التبرعات وجمع القطع القبطية النادرة بمباركة وجهد البابا كيرلس الخامس، وبدأت الفكرة بتخصيص قاعات داخل الكنيسة المعلقة نقل إليها المقتنيات القبطية من متحف بولاق.
وفى عام 1902 استطاع مرقس سميكة باشا الحصول على موافقة من البطريرك كيرلس الخامس بتخصيص قطعة أرض وقف لبناء متحف بمصر القديمة بجانب الكنيسة المعلقة.
وفى 1908م أكمل مرقس سميكة باشا تجميع وإعداد القطع الفنية للعرض، وكذلك تجميع الأسقف الخشبية للجماح القديم التى تعد فى حد ذاتها تحفة فنية.
فى 1910م كان الافتتاح الرسمى للمتحف وسط احتفالية ضخمة أدت إلى زيادة الاهتمام بالفترة القبطية من قبل المجتمع وجمع عدد من التبرعات من كل الشخصيات المصرية.
وفى 1931 نقلت ملكية المتحف من ملكية الكنيسة للحكومة المصرية وتحديدًا لوزارة المعاف المصرية، وعلى إثره نقل عدد أكبر من القطع الأثرية من المتحف المصرى إلى المتحف القبطى.
وفى عام 1947م، فى عهد الملك فاروق الأول، تم افتتاح الجناح الجديد بالمتحف والذى وضع تصميم واجهته الفنان راغب عياد.
وأعيد ترميم المنطقة والمتحف وافتتاحه مرة أخرى للجمهور فى 1984، وتم إغلاقه بجناحيه من أجل تطوير العرض ليتناسب مع نظم العرض المتحفى الحديثة فى عام 2000م، ولكن تم افتتاحه مرة أخرى للجمهور بعد التطوير وإعادة إعداد سيناريو العرض المتحفى فى عام 2006م.
من أبرز معروضات المتحف
4 أناجيل
4 كتب خاصة بحياة السيد المسيح وتعاليمه، وهى أناجيل متفق عليها بالكنيسة (متى، لوقا، يوحنا، مرقس)، ومكتوبة باللغة العربية واللغة القبطية، واللغة القبطية بها لهجات وهو اللجهة الصعيدى التى يتحدث بها القاطنون فى مصر العليا، وجزء خاص بالوجه البحرى والتى يتحدث بها سكان الدلتا، وهى المتداولة فى الكنيسة الأرثوذكسية التى تقرأ بها الصلوات.
مخطوطات نجع حمادى
يضم المتحف القبطى قسما خاصا بمخطوطات نجع حمادى أو مكتبة نجع حمادى وهى مجموعة من النصوص الغنوصية التى اكتشفت بالقرب من نجع حمادى فى صعيد مصر سنة 1945 م، وتتألف تلك المخطوطات من إثنى عشر بردية وجدها مزارع يدعى محمد السمّان مدفونة فى جرار مغلقة، واشتملت تلك المخطوطات على اثنين وخمسين مقالة معظمها غنوصي، ولكنها اشتملت أيضًا على ثلاثة أعمال تنتمى إلى متون هرمس وترجمة جزئية لكتاب الجمهورية لأفلاطون.
وكتبت تلك المخطوطات باللغة القبطية، ويعد أبرز محتوياتها نسخة من إنجيل توما، التى تعد النسخة الوحيدة المكتملة من هذا الإنجيل، بعد اكتشافها، اعتمد الباحثون أجزاء الأقوال المنسوبة ليسوع التى اكتشفت فى أوكسيرينخوس سنة 1898 م المعروفة ببردية أوكسيرينخوس الأولى، وقارنوا محتويات المخطوطات بالاقتباسات الموجودة فى المصادر المسيحية التى ترجع إلى عصور المسيحية الأولى، كما ربطوا تلك النسخة من إنجيل توما بالنسخة اليونانية الأصلية الناقصة، ترجع تلك المخطوطات إلى القرنين الثالث والرابع الميلاديين.
ملابس الكهنة والنسيج القبطى والأيقونات
من بين الأقسام البارزة فى المتحف القبطي، قسم المنسوجات القبطية الذى يضم مجموعة متنوعة من ملابس الكهنة بالإضافة إلى سجاد يزخر برسوم قبطية، وفى القسم المجاور مجموعة نادرة من الأيقونات المسيحية التى تروى قصصا مختلفة عن السيد المسيح وقديسين البرية الأوائل.
البرديات
وهى عبارة عن برديات تتحدث عن السحر، وبها موضوعات تشبه التعاويذ، وهى تحتوى على نصوص غامضة، مقارنة بالنصوص الأخرى، التى تنص على عقد او جواب أو إيصال، ولكن فى البرديات السحرية يستخدم الكتابات التى بها طلاسم، وهذه عادة النصوص السحرية من عصر الفراعنة، وأكثر ما نجده على البرديات السحرية العروسة، وهى ما زالت توجد إلى الآن، حيث يتم عمل عروسة للشخص المصاب بالحسد ويتم حرقها، وهذا يدل على أن الفكر المصرى مستمر إلى الآن.