116 عاما مرت على ميلاد الأديب الكبير يحيى حقى، الذى ولد فى 17 يناير عام 1905، والذى يعتبر علامة بارزة فى تاريخ الأدب والسينما ويعد من كبار الأدباء المصريين، ورغم غيابه منذ 29 عاما حيث رحل فى عام 1992، إلا حضوره لا يزال كبيرا فى وجدان قراء الأدب ومشاهدى الدراما معا.
تنوعت كتابات الراحل يحيى حقى، وكانت له فلسفته الخاصة فى تقديم أعماله، فاهتم بالحديث عن البسطاء، واختار الأدب الساخر، ليقدم به أفكاره الناقدة ومزج من خلاله بين حياة البسطاء وطريقتهم المرحة فى الحياة.
واستطاع أن يكتب عن البسطاء فى مواقع مختلفة، تحدث عن الناس فى الحى الشعبى من قلب السيدة زينب، ذلك الحى الشهير الذى ولد فيه صاحب القنديل، واستلهم منه قصته الأشهر "قنديل أم هاشم"، كذلك كتب هؤلاء المهمشين فى الريف، عندما كتب "البوسطجى" ولكن ما يثبت إبداع هذا الراحل وخياله البديع، هو كتبته عن هؤلاء الناس، وهو يعيش فى قلب باريس، وسط تأثره بثقافة بلاد الإفرنج.
بحسب كتاب "يحيى حقى - الأديب صاحب القنديل - جزء - 103 سلسلة أعلام الأدباء والشعراء" للدكتور فاروق عبد المعطى، فإن الغريب أن يحيى حقى أبدع "قنديل أم هاشم" التى تصور الحى الشعبى، و"البوسطجى" التى تصور الريف المصرى وهو خارج مصر، وكان هذا طبيعيا لأن "صاحب القنديل" كان يحب مصر بعمق، ورغم أنه كان بعيدا عن أرضها لكنه كان مشتاقا إليها كثيرا، لذلك عايشها بصدق وهو بالخارج.
الأغرب هو ما ذكره مؤلف الكتاب سالف الذكر، إذ ذكر أن عمله الدبلوماسى أثر على ثقافته، فوجوده فى فرنسا أتاح له له أن يتعمق فى الحضارة الغربية، فأحب الموسيقى الكلاسيك وكان يزور معارض الفنانين الكبار، ويقرأ عنهم بتعمق واتقان، ولكى يتعلم ويتذوق الموسيقى الكلاسيك ذهب إلى ما يقرب من 800 إلى 900 مرة حفلات كونشرتو، ومن هنا كتب مقاله "تعالى معى إلى الكونسير" والذى عندما تقرؤه كأنك تعيش فى صالة عزف الموسيقى الكلاسيك ووراء الكواليس مع العازفين وكل منهم يضبط آلته قبل الحفل الموسيقى.
هكذا كان يحقى حقى، عاش فى باريس، وتأثر بحضارة الغرب، سمع الموسيقى الغربية، لكن مصر وأهلها، هؤلاء الناس الذى ولد وعاش وسطهم سنواته الأولى ظلوا فى خياله ووجدانه، فكتب عنهم كما لم يكتب قبله أحد، وصورهم وكأنه يعيش معاهم فى بيئتهم.