يمر اليوم 52 عاما على رحيل ملكة الكوميديا وأيقونة الضحك الفنانة الكبيرة مارى منيب التى رحلت عن عالمنا فى مثل هذا اليوم الموافق 21 يناير من عام 1969 بعد رحلة حافلة مع الفن والحياة خلدت فيها اسمها فى سجل المبدعين.
مارى منيب التى اشتهرت بأدوار الحماة ودخلت محبتها قلوب الملايين بخفة ظلها وتلقائيتها التى تجعل كل من يراها يشعر أنه يعرفها وأنها قريبة منه فهى تشبه ملايين الأمهات والسيدات المصريات الجدعات وبنات البلد اللاتى لا يتأخرن عن مساعدة كل من حولهن حتى لو لم يعرفنه من قبل.
وفضلا عن إبداعها وروائعها الفنية الخالدة اشتهرت الفنانة الكبيرة الراحلة والتى ولدت تنتمى لأصول شامية حيث ولدت فى دمشق عام 1905 وجاءت إلى مصر مع أسرتها لتسكن فى حى شبرا وعشقت الفن منذ طفولتها ، اشتهرت بالعديد من مواقف الجدعنة وعدم تأخرها فى مساعدة كل من تشعر أنه يحتاج المساعدة.
ومن بين هذه المواقف ما فعلته مارى منيب مع الفنان عبدالفتاح القصرى الذى عاش مأساة إنسانية فى نهاية حياته بسبب خيانة زوجته التى كانت تصغره بسنوات كثيرة وتزوجته طمعاً فى أمواله وبعد أن كتب لها كل ما يملك خانته مع ابنه بالتبنى، بعد أن تدهورت حالته الصحية وفقد بصره، وغاب لفترة عن الأضواء حتى نشرت له جريدة الجمهورية صورة وهو ينظر من شباك بدروم منزله ويهزى بينما يسخر منه أطفال المنطقة.
وبمجرد أن عرفت مارى منيب بما حدث للقصرى أسرعت مارى منيب هى ونجوى سالم لزيارته ، ولم تسمح لهم الزوجة بالدخول إليه ولكن مارى منيب صممت ععلى أن تراه، وكانت الصدمة التى أبكتها أنه لم يتعرف عليهما بعدما أصيب بفقدان الذاكرة، فاصطحبته مارى منيب ونجوى سالم إلى مستشفى الدمرداش، وعرفا أنه أصيب بفقدان الذاكرة والهذيان، نتيجة تصلب الشرايين، وقضى القصرى عدة أسابيع فى المستشفى، خرج بعدها لتكتمل مأساته، حيث أغلقت مصلحة التنظيم منزله ووضعت عليه الشمع الأحمر تمهيدًا لإزالته، وباعت طليقته الأثاث وهربت مع زوجها الجديد، ليصبح القصرى بلا مأوى.
وقادت مارى منيب ونجوى سالم حملة تبرع لإنقاذ القصرى من التشرد، وخصصت له محافظة القاهرة شقة فى مساكن المحافظة، وخصصت له نقابة الممثلين إعانة شهرية قدرها «10 جنيهات»، وعاش القصرى ماتبقى من حياته فى هذه الشقة مع شقيقته بهية، وظلت مارى منيب تسأل عنه وتزوره حتى صعدت روحه إلى بارئها.
كما كان للفنانة الكبيرة مارى منيب دور كبير فى رعاية ودعم الأجيال الشابة من الفنانين ومن ذلك ما فعلته مع الفنان الكبير محمد عوض فى بداياته، وهو ما تحدث عنها المخرج عادل عوض فى حوار اليوم السابع.
وقال عادل عوض :"حقق أبى وفرقته التى كونها وهو طالب فى كلية الأداب تفوقًا كبيرًا، و كان يستعين ببطلات فرقة الريحانى للمشاركة فى المسرحيات التى تقدمها الفرقة، ومنهن مارى منيب، وزوزو وميمى شكيب، وعقيلة راتب، ونجوى سالم، ومن هنا بدأت علاقته بالفنانة الكبيرة مارى منيب"
وتابع ابن الفنان محمد عوض :"تم تعيين والدى فى فرقة الريحانى بمبلغ 7 جنيهات فى الشهر،وتبنته الفنانة مارى منيب، ومنحته جزءًا من دولابها لأنه لم تكن له غرفة يغير فيها ملابسه، وظلت تساعده وتدعمه وكأنها أمه"
كما اشتهرت ملكة الكوميديا مارى منيب بين زملائها بالكرم الشديد، وكانت تصر عندما يزورها أى زائر فى فترات الاستراحة بالكواليس أن تقدم له الشاى والقهوة والسجائر إن كان مدخناً، وتسأله عن صحته وصحة زوجته وأولاده وأقاربه وأصدقائه حتى وإن كان يزورها لأول مرة.
وكانت مارى منيب تعيش فى المسرح كما تعيش تماماً فى بيتها، فكانت تحضر كلبتها دائماً معها، كما تصطحب كنكة القهوة التى تحب أن تشربها بيتى، حتى أنها فرشت غرفتها فى المسرح ببعض الأثاث الذى نقلته من بيتها، وزينتها ببعض الصوروالتحف التى كانت تعها فى منزلها، وكانت غرفتها كبيت العائلة تجمع كل زملائها وكل من يحتاج مساعدتها ومشورتها.