سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 22 يناير 1991.. الجيش العراقى يواصل إطلاق صواريخ «سكود» ضد إسرائيل وقادة عرب يطالبون أمريكا بالضغط عليها لعدم الرد

الجمعة، 22 يناير 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 22 يناير 1991.. الجيش العراقى يواصل إطلاق صواريخ «سكود» ضد إسرائيل وقادة عرب يطالبون أمريكا بالضغط عليها لعدم الرد جورج بوش الأب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
واصل الجيش العراقى إطلاق صواريخ «سكود» ضد إسرائيل، ورغم ذلك لم ترد، وكان السؤال: «لماذا؟»، وهى التى تقليديًا ترد على الهجمات العربية ضدها.
 
كانت أنظار العالم كله تتجه نحو الحرب التى بدأتها أمريكا برئاسة «جورج بوش الأب»، وتحالفها الدولى يوم 17 يناير، 1991، ضد العراق بسبب احتلاله للكويت يوم 2 أغسطس 1990، وكان الرأى العام العربى يترقب التهديدات التى أطلقها مجلس قيادة الثورة العراقية برئاسة صدام حسين يوم 23 سبتمبر 1990، بضرب إسرائيل ومنشآت النفط فى الكويت بالصواريخ إذا تعرض العراق للهجوم.
 
بعد بداية الحرب بساعات وتحديدًا يوم 18 يناير، أطلق العراق 8 صواريخ «سكود» أصابت تل أبيب وحيفا، وواصل فى الأيام التالية، وفى يوم 22 يناير، مثل هذا اليوم، 1991 أطلق 3 صواريخ، واستمر إطلاق الصواريخ حتى يوم 22 فبراير 1991.
تكتمت إسرائيل على إعلان خسائرها رسميًا وقتئذٍ، حتى أعلنتها بعد ثلاثين عامًا من هذه الحرب، ووفقًا لجريدة «الوطن، اليومية، القاهرة» فى عددها 6 يناير 2021 نقلًا عن قناة «كان الإسرائيلية»، فإن هذه الصواريخ كانت عددها 43 صاروخًا فى 19 هجومًا، سقط منها 26 صاروخًا فى مدينة تل أبيب، وذلك للمرة الأولى منذ نكبة 1948، وأسفرت عن قتل 14 إسرائيليًا، وأصابت 229 بشكل مباشر، كما أصابت 530 بالهلع، واشتعلت النار فى المصانع، وانهارت المبانى، ومكث المواطنون فى الملاجئ ساعات طويلة، وهم يرتدون الأقنعة المضادة للغازات.
 
لم ترد إسرائيل وقتها على هذه الصواريخ، بل إن وسائل إعلام عربية سخرت من هذه المسألة، ويكشف الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل سبب عدم الرد الإسرائيلى، قائلًا، فى كتابه «حرب الخليج، أوهام القوة والنصر»: «كانت إسرائيل طرفًا أساسيًا فى أزمة الخليج منذ اليوم الأول، وربما من قبله، ولكنها كانت طرفًا طلب إليه أن يشارك فى الأزمة من وراء الستار فى صمت، لأن ظهوره على المسرح كان من شأنه أن يحرج الأطراف العربية فى التحالف، وأن يزيد من قلق الشعوب العربية التى كانت مشاعرها متيقظة على الأخر أثناء الأزمة.. يؤكد هيكل، أن إسرائيل ضبطت أعصابها طبقًا للتعهد الذى قدمه رئيس حكومتها «إسحاق شامير» إلى الرئيس الأمريكى «جورج بوش الأب» أثناء لقائهما فى البيت الأبيض يوم 9 ديسمبر 1990، ورغم أن بعض غلاة المتشددين من أمثال الجنرال «شارون» طالبوا بالرد طبقًا للسياسة الإسرائيلية التقليدية والمعلنة، فإن «شامير» استطاع أن يقنع بقية مجلس الوزراء، وقيادة الجيش الإسرائيلى بضبط الأعصاب لأن إسرائيل بعد الحرب طبقًا لوعود بوش، وبندر بن سلطان السفير السعودى فى أمريكا، سوف تكون شريكًا كاملًا فى مشروع إنماء شامل للمنطقة يموله البترول العربى، وكان رد الغضب الإسرائيلى الظاهر فى بعض اللحظات مجرد رد فعل عاطفى، كما كان معظم الوقت رغبة فى استغلال الغضب للحصول على أكبر قدر من وعود المستقبل بعد انتهاء الحرب.
 
ويؤكد هيكل، أن عددًا من الزعماء العرب من أطراف التحالف أبدوا رأيهم صراحة فى أن ضرب إسرائيل بالصواريخ العراقية هو مناورة عراقية مقصودة لتوسيع نطاق الحرب، وأن أفضل أسلوب لمواجهة هذه المناورة هو تجاهلها، بل زاد بعضهم على ذلك بأنه حتى إذا ردت إسرائيل، فإن ذلك يعتبر فى مجال الدفاع الشرعى عن النفس إزاء استفزازات عراقية، وكانت بعض الدول العربية المشتركة فى التحالف تهرع إلى واشنطن طالبة إليها أن تتوسط لدى إسرائيل، وفى كل هذه المرات كان ثمن الصمت الإسرائيلى يزيد ويرتفع، وكان العرب هم الذين يدفعون كل الفواتير.
 
يذكر هيكل، أنه قبل بدء العمليات بأيام قليلة سافر إلى إسرائيل سرًا كل من «لورانس ايجلبر جر» مساعد وزير الخارجية الأمريكية، والجنرال «روبرت وولفووينز» من رئاسة أركان الحرب المشتركة للولايات المتحدة، وبقى الاثنان هناك حتى انتهت معارك الحرب، ولم يكن الهدف من وجودهما هناك هو مجرد التنسيق، ولكن قبل كل شىء التأكد من التزام إسرائيل بتعهدها بعدم التدخل فى المعركة مهما تعرضت للصواريخ العراقية، لأن «بوش» ظل إلى اللحظة الأخيرة يشك فى قدرة إسرائيل على ضبط أعصابها، ويخشى أن تفسد له الجزء العربى من تركيبة التحالف لتفرض عليه أمرًا واقعًا فى اللحظة الأخيرة يحقق لها هدف الظهور كشريك كامل فى التحالف الغربى - العربى فى الحرب.
 
هكذا لم ترد إسرائيل على إطلاق العراق لصواريخ «سكود» ضدها، وكانت الطرف الذى ربح كل شىء، فى مقابل خسارة العرب كل شىء.  






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة