عادة ما يكون أول يوم عمل كامل للرئيس الجديد للولايات المتحدة لافتا وإن كان هادئا، لكن نظرا للظروف الاستثنائية التى تولى فيها جو بايدن مهام منصبه رسميا، فإن اليوم الأول له داخل البيت الأبيض شمل عدد من القرارات الكبرى المتعلقة بعدد من القضايا أهمها وأبرزها استراتيجية مكافحة وباء كورونا فى الولايات المتحدة.
وقع بايدن، الخميس، على عدد من القرارات التنفيذية والتوجيهات الرئاسية التى تستهدف خلق نوع من السلطة المركزية فى التعامل مع الوباء كانت غائبة خلال فترة ترامب، بحسب ما تقول صحيفة نيويورك تايمز.
وشملت استراتيجية بايدن قرارات إلزامية جديدة بارتداء الكمامة فى وسائل المواصلات العامة ومنها القطارات والحافلات والطائرات بين الولايات، وإنشاء مجلس للاختبارات على الصعيد الوطنى وحجر إلزامى للمسافرين القادمين إلى الولايات المتحدة من الخارج.
وطلبت خطة بايدن للتعامل مع كورونا، والتى طرحت تحت عنوان "الاستراتيجية الوطنية للاستجابة لكوفيد 19 والاستعداد للوباء"، من الوكالات الفيدرالية تطبيق قانون الإنتاج الدفاعى إذا لزم الأمر لتوسيع الإمدادات، وإنشاء مجلس للاختبارات للتوسع فيها، وأمر إدارة السلامة والصحة المهنية بإصدار مبادئ توجيهية جديدة بشأن إعادة فتح المدارس والشركات، وقال إن الحكومة ستبدأ فى سداد كامل التكاليف للولايات مقابل استخدام الحرس الوطنى لتسريع وتيرة التطعيمات.
ويقول بعض الخبراء، بحسب نيويورك تايمز، إن الخطة مفرطة فى التفاؤل فى بعض النواحى، وفى جوانب أخرى ليست طموحة بما يكفى. فليس من الواضح كيف سيفرض بايدن الحجر الصحى الجديد للقادمين من الخارج. كما أن التعهد بـ100 مليون جرعة فى أول 100 يوم ليس كافيا.
وتوقع بايدن أن يصل عدد وفيات كوفيد 19 فى الولايات المتحدة إلى 500 ألف الشهر المقبل، ورفض الخفيف من المأساة التى كره سابقه ترامب أن يعترف لحجمها.
ووصف بايدن نهجه بأنه جهود تماثل وقت الحرب تماما، إلا أن مستشاره الطبى الرئيسى لمحاربة كورونا، د. أنتونى فاوتشى أوضح مدى صعوبة المهمة، حيث قال فى مؤتمر صحفى بالبيت الأبيض، فى أول ظهور له به منذ نوفمبر الماضى، أن العلاجات القوية التى تستخدم المضادات الحيوية المصنعة والتى تم استخدامها لعلاج دونالد ترامب لم تكن فعالة فى التعامل مع السلاسلات الأكثر عدوى للفيروس، والتى انتشرت فى البرازيل وجنوب أفريقيا، والتى لم تظهر بعد فى الولايات المتحدة.
من جانبها، قالت شبكة "سى إن إن" الأمريكية إن خطة الرئيس الأمريكى جو بايدن لمكافحة وباء كورونا فى الولايات المتحدة تواجه مخاطر كبيرة، مشيرة إلى أن تنفيذها سيكون أكثر صعوبة.
وأوضحت الشبكة أن بايدن كان حتى الآن جيدا فى كلمته بإدارة الخروج من جحيم الوباء، مدفوعا بالحاجة الملحة لإحياء البلد الذى عصف فيه المرض والمعاناة، وبيقين بأن رئاسته بالكامل تعتمد على القضاء على كوفيد 19.
وحتى الآن، كان من السهل على الرئيس الجديد انتقاد استجابة إدارة ترامب التى تفتر للكفاءة لأسوأ أزمة صحية خلال 100 عام. لكن كلماته لم تعد كافية بعد جلس خلف المكتب البيضاوى، فى ظل حلم الأمريكيين باللقاح والعودة إلى العمل والسفر والحياة العائلية.
وفيما يعكس هذا الضغط، ظهر بايدن أمام الكاميرات أمس، الخميس، يوقع مجموعة من القرارات التنفيذية الجديدة التى أظهرته يحرك باستخدام سلطته التنفيذية لمكافحة الفيروس. وأصدر إستراتيجية جديدة لمكافحة الوباء وتعهد بجهود تشبه وقت الحرب لتوسيع توزيع اللقاح والإمدادات والاختبارات، وأصدر أمرا إلزاميا بارتداء الكمامات فى المواصلات والمبانى الفيدرالية.
وتشير الصحيفة إلى أن الأمر اللافت للنظر هو أن نهج بايدن ورغم الترحيب به، هو فى أغلبه تنفيذ لإجراءات كان من الممكن أن تتخذها الإدارة السابقة فى استجابة شاملة للوباء، وتعتمد على رهان بأن إلقاء خبرات الحكومة الفيدرالية وأموال فى الأزمة يمكن أن يحدث تحولا فى الموقف ويؤدى فى النهاية إلى توفير القيادة والتنسيق الذى كان غائبا الأسبوع الماضى.
وقالت سى إن إن إنه فى حين أن وعد بايدن بإعطاء 100 مليون جرعة من اللقاح فى أول 100 يوم له سيكون تحسنا كبير، إلا أن هذا يظل صغيرا أمام حجم المشكلة، لأن اللقاحين المصرح بهما حاليا فى الولايات المتحدة يتطلبان جرعتين، وهو ما يعنى أنه بموجب خطة بايدن فإن أقل من سدس الأمريكيين سيتم تطعيمه.
وبعيدا عن كورونا، أصدر بايدن أوامره للاستخبارات الأمريكية بإجراء مراجعة شاملة لدور روسيا فى عملية قرصنة معقدة للغاية استهدفت شبكات الكمبيوتر الحكومية والشركات، على ما كانت ما وصفته المتحدثة باسم البيت الأبيض بأنه أفعال عدائية عالميا وضد المعارضين داخل البلاد.
وفى نفس الوقت، قال مسئولون بالبيت الأبيض إن بايدن يسعى إلى مد خمس سنوات لأهر المعاهدات النووية الباقية بين الولايات المتحدة وروسيا، وهى معاهدة ستارت الجديدة، والتى تنتهى فى غضون أسبوعين.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إنه فى حين أن بايدن طالما فضل مد المعاهدة، لكن كان هناك نقاشا بين كبار مساعديه بان إلى مدى ينبغى مدها. واختار المد أملا فى منع سياق أسلحة نووى فى الوقت الذى يتوقع فيه الرئيس الجديد تنافس، ومواجهة مع موسكو حول العالم، لاسيما فى مجال الفضاء الإلكترونى. وقالت جين ساكى إن المد منطقا فى الوقت الذى تكون فيه العلاقة مع روسيا عدائية، مثلما هو الحال حاليا.