قاربت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على الانتهاء من أضخم عملية تطوير لمتحف مبنى البريد المصري بميدان العتبة، إيماناً منها بأهمية المتاحف التي تمثل ذاكرة الشعوب الحية وتراث الإنسانية الخالد، وفي إطار خطة تطوير الهيئة القومية للبريد، والتي خطفت الأنظار بقطاع الاتصالات خلال الأعوام القليلة الماضية، بعدما نجحت الحكومة في زيادة عدد الخدمات المقدمة من المؤسسة العريقة، معتمدة على شبكة فروعها الكبيرة المنتشرة في المحافظات، وهو ما أدى إلى تحقيقها نتائج مالية وتشغيلية جيدة.
في هذا الإطار كشف الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تفاصيل تطوير المبنى التاريخي للهيئة القومية للبريد، ومتحف الهيئة بالعتبة، مؤكداً في بداية حديثه على أهمية مشروع تطوير متحف البريد؛ لأن المقياس الحضاري لتقدم الدول هو عدد متاحفها ونوعيتها، ومصر تزخر بجميع أنواع المتاحف في جميع محافظتها والتي تشكل ثروة قومية.
قال "طلعت"، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن عملية تطوير مبنى هيئة البريد المصري بميدان العتبة، شملت كافة عناصره، بداية من توسيع المتحف بزيادة عدد قاعات عرض القطع الأثرية من مساحة صغيرة لا تتعدى قاعة ونصف إلى 15 قاعة، لتستوعب زيادة المعروضات والمقتنيات من 1200 إلى 3000 قطعة، منوها إلى أن هذه القطع الأثرية تعرض لأول مرة؛ لأنها كانت حبيسة في مخازن الهيئة منذ عقود، ومع عملية التطوير وزيادة مساحة العرض سيتم إتاحتها للجمهور.
أضاف "طلعت"، ضمن الوثائق المعروضة لأول مرة، محضرين لافتتاح متحف البريد، الأول غير موقع، ويرجع للملك فؤاد الذي لم يمهله القدر لافتتاح المتحف الذي أمر بإنشائه، والمحضر الثاني الذي وقعه الملك فاروق الأول الذي افتتحه رسمياً، متابعاً مخازن الهيئة كانت تحتوي على كنوز نادرة مثل طوابع الزنكو جراف ولوائح زيتية لحكام مصر، وأخرى موزايك للأهرامات وأبو الهول من خلال 13 ألف طابع بريد.
تابع الوزير، كما شمل التطوير ترميم تمثال الخديوي إسماعيل وإعادته إلى مكانه بنقطة "الزيرو" إلى جانب النجمة التي تبدأ منها قياس المسافة من العاصمة إلى جميع محافظات الجمهورية.
أشار عمرو طلعت، إلى ترميم وإصلاح ساعة مبنى البريد المصري، قائلاً إن البريد استعان بالشركة التي صممت ساعة "بيج بن" الشهيرة في لندن، لإصلاح ساعة هيئة البريد المصري وترميمها وتزويدها بالأجزاء الناقصة، وعادت مرة أخرى للعمل لتدق الجرس على مدار الساعة.
لفت وزير الاتصالات، إلى حرص الوزارة على دمج الأصالة بالمعاصرة بمشروع تطوير متحف البريد، عبر إضفاء مسحة من الحداثة على المتحف العريق، منها إنشاء تطبيق "أبلكيشن" للمتحف يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وكذلك الاستعانة بخدمة QRcode لمعرفة تاريخ القطع المهمة والأحداث والموضوعات المرتبطة به عبر مادة فيلمية لا تزيد عن 50 ثانية أو دقيقة، علاوة على توفير خدمات لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة بزيارة المتحف والتعرف على المقتنيات والمعروضات.
ويضم المتحف بالعتبة مقتنيات نادرة، وكان الملك فؤاد الأول قد أمر بإنشاء متحف البريد بمناسبة استضافة مصر للمؤتمر العاشر للبريد العالمى عام 1934، ليتم من خلاله توثيق تاريخ البريد المصرى.
ويعد مبنى البريد بالعتبة من أشهر المباني التراثية بمصر، ويوجد داخله تمثال للخديوى إسماعيل، كما يتضمن نجمتين الأولى بأعلى المبنى من الداخل والثانية في أرضية المبنى، وهذه النجمة هى مركز القاهرة ويبدأ من خلالها قياس المسافة من القاهرة الى المحافظات الأخرى.
وتعد الهيئة القومية للبريد من أعرق المؤسسات المصرية القديمة، حيث انتقلت ملكيتها من البوسطة الأوروبية إلى الحكومة المصرية فى 2 ينايرعام 1865، بقرار من الخديوي إسماعيل بعدما قام بشرائها لشعوره بأهمية البوسطة الأوروبية آنذاك، بسبب انتشار المراسلات الحكومية وايضا للأفراد، ويعتبر هذا اليوم يوما تاريخيا وعيدا للبريد كل عام.
كانت مكاتب البريد فى الماضى تقدم خدمات لبيع طوابع الملح والصودا وتذاكر الحجاج وتذاكر السفر والبواخر وسندات الدين وقسائم السندات وورق الدمغة، وأيضا خدمات التلغراف والتليفون نظير أجر يدفع لمصلحة التليفونات.
والقاهرة الخديوية، هي منطقة قلب القاهرة فى فترة الخديوى إسماعيل، وتبدأ من كوبري قصر النيل، حتى منطقة العتبة، بما حوته من دار للأوبرا القديمة التى احترقت فى عام 1971، ومبني للبريد، ومقر هيئة المطافئ، إلي جانب ما تفرع منها من شوارع وطرق.
أقسام المتحف
ومتحف البريد المصري هو متحف يحكى قصة الهيئة القومية للبريد منذ تأسسه وإلى الآن، وتعود فكرته إلى الملك فؤاد، وتحتوى على كنوز نادرة تعود بعضها لـ150 عاما، ويتضمن عدة أقسام منها القسم التاريخي و يحتوي على نماذج لتطور الكتابة والرسالات على مر العصور المختلفة، كـلوحة نارمر و محابر من الحقبة الفرعونية والحقبة الرومانية والحقبة القبطية.
ويتضمن المتحف أقسام منها لأدوات البريد وبه مجموعات متنوعة من الحقائب البريدية ومحافظ الطوابع والأختام القديمة والحديثة وصناديق خطابات آلية ويدوية، و قسم الملابس يحتوي على أنواع مختلفة من الملابس لكبار الموظفين ولرؤساء الأقسام والموزعين، و قسم الخرائط والإحصاءات و يحتوي على خرائط ورسومات بيانية وإحصائية تظهِر تطور أعمال المصلحة من مراسلات مسجلة أو عادية، ويظهر هذا القسم الطرود البريدية و قسم الطوابع يحتوي على مجموعات من الطوابع المصرية والأجنبية وألواح لصنع الطوابع.
كما يحتوى المتحف أيضا على مجموعة من النماذج التى تسرد خطوات العمل في صنع طوابع، ويضم تصنيفا فريدًا لمجموعات الطوابع، أما قسم البريد الجوي يحتوي على نماذج مختلفة من الحمام الزاجل ونماذج لبعض الطائرات من شركة الطرق الجوية الإمبراطورية وشركة خطوط الطيران الهولندية، ونموذج لأول خطاب ورد إلى الإسكندرية من لندن في 17 أغسطس 1929، وأول خطاب أُرسِلَ بالبريد الجوي.