شهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم الإثنين، احتفال عيد الشرطة وذلك بمجمع الاحتفالات والمؤتمرات بمقر أكاديمية الشرطة فى القاهرة الجديدة، بحضور اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، وعدد من الوزراء والشخصيات العامة والقيادات الأمنية وأسر الشهداء.
ووضع الرئيس السيسى فور وصوله لأكاديمية الشرطة، إكليلًا من الزهور على النصب التذكارى، وعزفت موسيقى الشرطة السلام الجمهورى لدى وصول الرئيس لأكاديمية الشرطة.
وعرضت الداخلية فيلم بعنوان "ايد واحدة" من بطولة الفنان الكبير أحمد خليل، يجسد بطولات الشرطة، وعرضت الداخلية أغنية لأبناء شهداء الشرطة، أكدوا خلالها اصرار ذويهم على التضحية من أجل الوطن، وأنهم سيكونون امتدادًا لمسيرتهم، قائلين: "اما نجيب حقهم لإما نروح لهم".
وقال الرائد صلاح الحسينى، مصاب الشرطة، فى كلمة مؤثرة أنه إذا كان فقد ذراعه الأيمن أثناء انقاذ طفلة من تفجير، فإنه سيحمى مصر بذراعه الأيسر، وذلك أثناء احتفالات عيد الشرطة بحضور الرئيس السيسي.
وقدمت الداخلية عرضًا لجهودها خلال عام، فى مواجهة الجريمة بشتى صورها أبرزها ضبط محمود عزت القيادى الإخوانى وضبط خلايا إرهابية.
وأعلنت الداخلية عن افتتاح مركز لتدريب قوات حفظ السلام ـ خلال أيام ـ بأكاديمية الشرطة، كأول مركز من نوعه بالمنطقة ويحتوى على قاعدات وأماكن للتدريب، فضلًا عن تطوير المواقع الشرطية أبرزها مبنى مديرية أمن الجيزة الجديد، ورفع كفاءة 160 مقرا للأحوال المدنية، وإنشاء منصة إلكترونية لتقديم الخدمات للمواطنين.
بدورها، قالت أرملة الشهيد اللواء ياسر عصر، فخورخ بتكريم زوجى الشهيد، مضيفة: "تكريمنا النهاردة شرف لا يضاهيه شرف، وتاج فوق رأسنا وده شيء متوقع من سيادة الرئيس، الذى يهتم بأسر الشهداء ويقدم لهم الدعم وبأشكر وزارة الداخلية اللى واقفين جنبنا".
وقالت أرملة الشهيد فى تصريحات لها: "زوجة كل ضابط عارفة بنسبة 90% انها هتكمل لوحدها، وشايفين أن ده شيء واجب ومش فضل وبلدنا تستاهل اكثر من كده".
ووجهت رسالة إلى الضباط قائلة: "حابة أقول لكل الضباط أن مصر تستاهل وادفع فيها دم ناس غالية علينا".
وبشأن زوجها قالت الزوجة:"ياسر كان متفانى فى عمله بدرجة كبيرة، ويعشق عمله وأداء الواجب، وانزعج عندما تم تداول صوره على السوشيال عقب إطفاء حريق بالسكة".
وبدأت قصة معركة الشرطة فى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952، حيث قام القائد البريطانى بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" باستدعاء ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة فما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطانى وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
وكانت هذه الحادثة اهم الأسباب فى اندلاع العصيان لدى قوات الشرطة أو التى كان يطلق عليها بلوكات النظام وقتها وهو ما جعل إكسهام وقواته يقومان بمحاصرة المدينة وتقسيمها إلى حى العرب وحى الإفرنج ووضع سلك شائك بين المنطقتين بحيث لا يصل أحد من أبناء المحافظة إلى الحى الراقى مكان إقامة الأجانب.
هذه الأسباب ليست فقط ما ادت لاندلاع المعركة بل كانت هناك أسباب أخرى بعد إلغاء معاهدة 36 فى 8 أكتوبر 1951 غضبت بريطانيا غضبا شديدا واعتبرت إلغاء المعاهدة بداية لإشعال الحرب على المصريين ومعه أحكام قبضة المستعمر الإنجليزى على المدن المصرية ومنها مدن القناة والتى كانت مركزا رئيسيا لمعسكرات الإنجليز وبدأت أولى حلقات النضال ضد المستعمر وبدأت المظاهرات العارمة للمطالبة بجلاء الإنجليز.
وفى 16 أكتوبر 1951 بدأت أولى شرارة التمرد ضد وجود المستعمر بحرق النافى وهو مستودع تموين وأغذية بحرية للانجليز كان مقره بميدان عرابى وسط مدينة الإسماعيلية، وتم إحراقه بعد مظاهرات من العمال والطلبة والقضاء علية تماما لترتفع قبضة الإنجليز على أبناء البلد وتزيد الخناق عليهم فقرروا تنظيم جهودهم لمحاربة الانجليز فكانت أحداث 25 يناير 1952.
وبدأت المجزره الوحشية الساعة السابعة صباحا وانطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلا ومدافع الدبابات (السنتوريون) الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقه أو رحمة وبعد أن تقوضت الجدران وسالت الدماء أنهارا، أمر الجنرال إكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة.
وتملكت الدهشة القائد البريطانى المتعجرف حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة لكنه متأجج الحماسة والوطنية، وهو النقيب مصطفى رفعت، فقد صرخ فى وجهه فى شجاعة وثبات: لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة. واستأنف البريطانيون المذبحة الشائنة فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء الطاهرة.
وبرغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز (لى إنفيلد) ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم فى المعركة 56 شهيدا و80 جريحا، بينما سقط من الضباط البريطانيين 13 قتيلا و12 جريحا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير 1952.
ولم يستطع الجنرال إكسهام أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا. وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم وحتى تظل بطولات الشهداء من رجال الشرطة المصرية فى معركتهم ضد الاحتلال الإنجليزى ماثلة فى الأذهان ليحفظها ويتغنى بها الكبار والشباب وتعيها ذاكرة الطفل المصرى وتحتفى بها.