تمكنت الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة، في شرطة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، من تحقيق قفزة في علم الجريمة تتمثل في تطبيق "بصمة الذاكرة" لأول مرة في قضية قتل، وذلك عبر استخدام جهاز تحليل ذكي مُتخصص يقيس نسبة ارتفاع الموجهات الدماغية عند مشاهدة المشتبه به للأدوات المستخدمة في ارتكاب الجريمة، أو مكان وقوعها، ويقدم تحليلاً دقيقاً حول حجم وجود هذه الأدوات في ذاكرته، وأقر المتهم تفصيلياً بالواقعة بعد نجاح الجهاز في تمييزه بين عدد من الأشخاص الذين تواجدوا في مكان الجريمة. وفقا لصحيفة الإمارات اليوم.
وكشف مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة، الدكتور أحمد عيد المنصوري أن خبراء علم النفس الجنائي من الكوادر المواطنة بالإدارة طوروا تطبيق "بصمة الذاكرة" في مهام عملهم، وعكفوا على إجراء العديد من التجارب على مدار عام، إلى أن تمكنوا من تطبيقها بنجاح في أول قضية، لافتاً إلى أنه المتوقع أن يسهم استخدام هذا النوع من البصمات في خدمة العمل الشرطي وسرعة التحقق من هوية مرتكبي الجريمة، وتقديم الأدلة إلى الجهات القضائية لتحقيق العدالة.
وأكد أنه في ظل توجيهات القائد العام لشرطة دبي الفريق عبد الله خليفة المري، ومتابعة مساعده لشؤون البحث الجنائي اللواء خبير خليل إبراهيم المنصوري، تحرص الإدارة على تطبيق أحدث التقنيات الذكية وتقنيات الذكاء الإصطناعي في مهام عملها بمختلف التخصصات العلمية، ومنها علم النفس لما لها من أهمية بالغة في الوصول إلى الأدلة، التي تساعد في الكشف عن الجرائم وتقديم الأدلة إلى النيابة العامة والجهات القضائية.
وحول المنهج العلمي لتطبيق بصمة الذاكرة، أوضح مدير إدارة علم الجريمة المقدم خبير نفسي جنائي، محمد عيسى الحمادي، أن تطبيق هذا النوع من البصمات يعتمد بشكل مباشر على علم النفس، مشيراً إلى أن ذاكرة الشخص تُخزن الأحداث والتفاصيل الحياتية والتجارب فيها، وعند ظهورها أمامه مرة أخرى يتم تحفيز الدماغ ويصدر موجات نتيجة استعادته لهذه الأحداث، وبالتالي يمكن قياس مدى معرف الشخص للأحداث من خلال قياس هذه الموجات والتي تعُرف باسم ."P300"
وقال الحمادي، إن شرطة دبي تمتلك الجهاز الذي يقيس هذه الموجات، الذي يتكون من برنامج ذكي يقيس بدقة الموجات الصادرة عن الدماغ بعد مشاهدة الشخص الصور المتعلقة بمكان أو أداة الجريمة، ثم يقدم قراءة تحليليه دقيقة حول ما إذا كان الشخص أو المشتبه به كان متواجداً في مكان الجريمة، وفيما إذا كان يعرف الأداة المُستخدمة أو حتى يعرف صورة الضحية من خلال ترددات الموجات ومدى ارتفاع نسبتها".
وشرح أن الشخص أو المشتبه به، يتذكر بشكل لا إرادي عند مشاهدته أي صورة تتعلق بالجريمة تفاصيل يوم الحادثة، فترتفع الموجات الدماغية لديه دون قدرته على التحكم بها، لافتاً إلى أن شرطة دبي عملت خلال عام كامل على التحقق من دقة قراءات الجهاز من خلال إجراء العديد من الاختبارات على الموجهات الدماغية، وصولاً إلى تحقيق نتائج علمية دقيقة ومنها تطبيق البصمة في قضية قتل.
أكد أن استخدام بصمة الذاكرة، سيساهم في دعم الأدلة الجنائية الأخرى في أي قضية، حيث يتم إعداد تقرير خاص صادر عن إدارة علم الجريمة لتزويده إلى الجهات الشرطية والنيابة والقضاء لتحقيق العدالة.
وحول تفاصيل قضية القتل التي استخدمت شرطة دبي بصمة الذاكرة فيها، أفاد بأن القضية تمثلت في وقوع جريمة قتل بمستودع يعمل به عدد من الأشخاص، لافتاً إلى أن الشرطة عرضت صور مسرح الجريمة على المتواجدين في المكان، وأظهر الجهاز معرفة أحدهم وتذكره لأدوات الجريمة.
ولفت إلى أن خبراء شرطة، اختاروا الصور بعناية شديدة، بحيث تكون على صلة بالواقعة ولا يعرفها إلا من تسبب بارتكابها، مشيراً إلى أنه بعد انتهاء الجلسات أصدر الجهاز تقريراً مفصلاً للخبراء حول هوية الجنائي الذي أقر بتفاصيل الواقعة وطريقة ارتكابها.