تواجه الحكومة الإيطالية تحديات كبيرة مع مستقبل غامض واحتمالية اللجوء إلى انتخابات مبكرة، مثل كل عام تقريبا، وتشكيل حكومة جديدة التى تعتبر الـ 67 فى تاريخ إيطاليا، والذى لا يتجاوز الـ 74 عامًا، وذلك بعد إعلان زعيم حزب "إيطاليا حية"، ماتيو رينزى، فى مؤتمر صحفى استقالة ممثلى حزبه فى الحكومة، وهم وزيرة السياسات الزراعية تيريزا بيلانوفا، ووزيرة الأسرة وتكافؤ الفرص إيلينا بونيتى، ووكيل وزارة الخارجية إيفان سكالفاروتو، وإعلان رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبى كونتى، تقديم اسقالته غدا.
وقال كونتى، حسب صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية، "إن غايتى تتمثل فى التوصل إلى اتفاق يوفر آفاقا سياسية واضحة للحُكم"، حيث من المتوقع أن يتم تشكيل تحالف سياسى جديد مع الوسطيين ومن تم وصفهم بنواب البرلمان "المسئولين"، يمكنه من تشكيل حكومة جديدة تحظى بالأغلبية البرلمانية الضرورية لحكمه، والتى فقدها باستقالة وزيرين يوم 13 يناير الماضى ينتميان لحزب "فيفا إيطاليا"، الذى يقوده رئيس الوزراء السابق، ماتيو رينتزى، على خلفية الخلاف حول أسلوب إدارة أزمة وباء كورونا فى البلاد.
وأشار رينزى إلى أنه أحاط رئيس الوزراء جوزيبى كونتى بشأن الاستقالات فى رسالة وجهها اليه، ونوه بأن ايطاليا "تمر بأزمة سياسية كبيرة، ونحن نناقش المخاطر المرتبطة بوباء كورونا"
وعن سؤاله حول مغزى فتح أزمة حكومية خلال الجائحة وما ينجم عنها من تداعيات صحية واقتصادية، قال "هناك حالة طوارئ مأساوية يجب معالجتها، ولكنها لا يمكن أن تكون الشيء الوحيد الذى يبقى الحكومة على قيد الحياة"، وأضاف رينزى "الاستجابة للوباء تعنى وجود الرغبة والحاجة إلى فتح مواقع الانشاءات والبناء والتحرك وفقًا لسياسات صناعية"، مشيرا إلى أن "ربما هناك أسباب فى أن إيطاليا هى الدولة التى لديها أكبر عدد من الوفيات (مقارنة بتعداد السكان) بينما ينهار الناتج المحلى الإجمالي".
ولم يعلن كونتى إلى الآن قبوله أو رفضه لاستقالة ممثلى حزب "إيطاليا حية" من الجهاز التنفيذى وهو قرار سيحدد مسار الازمة السياسية فى ايطاليا خلال الساعات أو الايام القليلة القادمة.
وكان فى البداية، أعرب كونتى عن أمله بألا تسفر الأزمة الحالية داخل حزب الائتلاف الحاكم عن استقالة حكومته، وقال للصحفيين: "آمل ألا تصل الأزمة إلى هذا الحد، وذلك فى معرض رده على سؤال للصحفيين بهذا الصدد عند خروجه من لقاء مع رئيس الجمهورية سيرجو ماتاريلا بقصر الرئاسة فى العاصمة روما، مساء أمس الأربعاء"، حسبما قالت وكالة "آكى" الإيطالية.
كما نفى كونتى الرغبة فى تعويض برلمانيى حزب (فيفا إيطاليا) أو إيطاليا حية، بآخرين للاحتفاظ بالأغلبية البرلمانية، حيث قال "لطالما قلت أن الأمر يتطلب أغلبية صلبة لتنفيذ عمل الحكومة، وليس من الممكن البحث عن أصوات هنا وهناك".
وقد نفى حزب (فورتسا ايتاليا) بزعامة سيلفيو برلسكونى، الذى يعتبر الأقرب إلى الحكومة مقارنة بأحزاب المعارضة الأخرى، النية فى تقديم الدعم البرلمانى لرئيس الوزراء كونتى.
انتخابات مبكرة
وأشارت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية إلى أنه إذا سقطت الحكومة، فقد تسعى أحزاب التحالف إلى صياغة ميثاق جديد والاتفاق على فريق جديد من الوزراء، مع كونتى أو بدونه كرئيس للوزراء، ومع ذلك، إذا فشل كل شيء آخر، فسيتعين على البلاد إجراء انتخابات وطنية مبكرة.
وقال وزير الخارجية والتعاون الدولى الإيطالى لويجى دى مايو، أن "علينا إيجاد حل لأزمة الحكومة فى غضون 48 ساعة، إذا أرادت القوى السياسية الاقتراب منا، فلا بأس، وإلا فإننا سنضطر للتوجه نحو التصويت"، حسبما قالت وكالة "آكى" الإيطالية.
وأضاف ، دى مايو مساء أمس "نحن نعمل على توطيد الأغلبية على أساس برنامج مبتكر، وإذا لم تكن هناك أصوات كافية الآن، فلن تتوفر لحكومة كونتي الثالثة، وإن لم يكن بالإمكان فعل أي شيء آخر، فيجب ترك الكلمة الأخيرة إلى المواطنين"، مشيرا الى أن "التصويت يوم الأربعاء أو الخميس على تقرير وزير العدل ألفونسو بونافيدي، سيكون تصيتا على الحكومة".
وفي إشارة إلى الأزمة التي أثارتها استقالة وزراء حزب إيطاليا حية، قال دي مايو: "إذا بدأت حملة السياسات في غضون 10 أيام، فمن المؤكد أنه لن تعود لدينا بعد الآن حكومة تتمتع بصلاحيات النقض ضد شركات الأدوية وسنفقد خطة التعافي". واختتم بالقول: "أعتقد أن الانتخابات في الوقت الحالي، تضع المواطنين والشركات على المحك".
اسباب الانقسم الحكومى
وتعتبر من أهم الأسباب التى أدت إلى الانقسام الحكومى فى إيطاليا هى أزمة كورونا ، وخطة الانعاش، والتى تنص على ما يقرب من 220 مليار يورو في المجموع ، 144.2 للمشاريع الجديدة و 65.7 للمشاريع القائمة. بالتفصيل ، 27.62 مليار متوخاة في مشروع الانتعاش من أجل "الدمج والتماسك" ؛ تم تأكيد الأموال (التي تمت زيادتها بالفعل) للصحة ، لتصل إلى 19.72 مليارًا ، كما تم تأكيد "الجزء" الأكثر بروزًا مع 68.90 مليار لفصل "الثورة الخضراء والتحول البيئي" ؛ تم تخصيص 46.18 مليار لفصل "الرقمنة والابتكار والتنافسية والثقافة".
وقال زعيم حزب "التحرك" وعضو البرلمان الأوروبي كارلو كاليندا لصحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية إن الأزمة في الحكومة الإيطالية سببها شخصان لا يمتلكان الشعور بالمسؤولية.
وأضاف أن "هذه الأزمة برمتها غير مفهومة، فقد تحدث رينزي لمدة ساعة عن عدم كفاية كونتي، وكأنه لم يكن هو نفسه جزءًا من الحكومة أبدًا، ثم قال إنه ليس لديه مانع من أن يكون كونتي رئيس الوزراء. فإما أنه مرتبك جدًا أو منافق جدًا".
وأضاف كاليندا "من ناحية أخرى، انتقل كونتي من الحصن الى السير في الميدان، بموقف شخص يعتقد أنه أب الوطن، كذلك لأن الحزب الديمقراطي جعله يؤمن بذلك، مضيفًا أن "الديمقراطيين عرّفوه بأنه نقطة مرجعية كبيرة للإصلاحيين، بعد بضعة أشهر من وصفه بأنه دمية بيد سالفينى"، لذا "فبين رينزي وكونتي كانت المواجهة بين شخصين غير مسؤولين".
وأوضح زعيم التحرك "أنا أؤيد بناء حكومة أكبر مع صيغة أورسولا، على غرار ما حدث في أوروبا، مع رئيس وزراء مناسب للحظة الدرامية التي تمر بها إيطاليا، لأن تشكيل حكومة أوسع أعتقد أنه أصعب مع الأسلوب المتبع".
وأشار كاليندا الى أن "إدارة الأزمة تمت من خلال اتخاذ مواقف متطرفة. كثير من الأمور تعتمد على الحزب الديمقراطي، الذي يستحوذ على الكرة في الملعب"، مضيفا أنه فى الوقت نفسه لا يوجد شخص آخر يستطيع اخراج ايطاليا من الأزمة التى تمر بها فلا أحد يتمتع بحكمة جيدة فى الطبقة السياسية الحاكمة".
المرشحون للحكومة الجديدة
يعتبر ، الرئيس السابق للبنك المركزى الأوروبى، ماريو دراجى ، ابرز المرشحين لتولى منصب رئيس الحكومة الإيطالية الجديدة ، حيث انه يطلق عليه لقب "منقذ اليورو" وبالتالى فإنه يتم الاعتماد عليه للتوصل لحل للازمة الاقتصادية الكبيرة التى تمر بإيطالية.
وكان قضى ماريو دراجى على رأس البنك المركزي الأوروبي، ثماني سنوات أدار خلالها الخبير الاقتصادي الإيطالي سياسات نقدية ومصرفية تتكئ على الكثير من الحنكة والدراية خاصة خلال أزمة الديون بمنطقة اليورو.
دراجي كان شغل في السابق منصب محافظ المصرف المركزي الإيطالي وقبل ذلك كان أحد مديري بنك جولدمان ساكس بلندن، وحقق نجاحات هامة على صعيد تخفيض حجم الدين الإيطالي، وأسهم في الإصلاح الاقتصادي في روما.