عقدت وزارة الأوقاف، ندوة للرأى تحت عنوان "إعلاء قيمة الوطن وشرف التضحية من أجله"، فى مبنى الإذاعة والتليفزيون، تحدثت فيها نيفين حسن مختار الواعظة بوزارة الأوقاف، راوية عبد المنعم خليل الواعظة بوزارة الأوقاف، وفى كلمتها بينت الواعظة نيفين مختار أن وثيقة المدينة التى وضعها النبى (صلى الله عليه وسلم) فى بداية بناء الدولة كانت تطبيقًا لمبدأ المواطنة المتكافئة.
وأضافت الواعظة نيفين مختار: "فلو أخذنا من هذه الوثيقة ما نصت عليه من مبادئ لوجدنا أن مجتمع اليوم فى حاجة لهذه المبادئ، فعندما تنص الوثيقة على أن غير المسلمين لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، فقد حققت مبدأ المواطنة بمعناها الكامل دون تفرقة بين مسلم وغير مسلم، حتى يتحقق الأمن الذى يعد أعظم النعم التى منَّ الله بها على هذا الوطن، يقول النبى (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِى سِرْبِهِ مُعَافًى فِى جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا”.
وتابعت الواعظة نيفين مختار: "وبفضل الله تعالى هذه النعم المذكورة فى الحديث الشريف توافرت فى وطننا العزيز مصر وهى : الأمن، الصحة، القوت، وتتطلب هذه النعم الشكر لله (عز وجل)، يقول تعالى : ” وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ”، مشيرةً إلى أن المقاصد الكلية لهذا الدين تتمثل فى الحفاظ الكليات الست وهى : الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض، والوطن، فالإنسان الحر الأبى يفتدى وطنه بنفسه وماله، وإذا ضاع الوطن ضاعت بضياعه الكليات الأخرى فى هذا الوطن على أقل تقدير، والنبى صلى الله عليه وسلم علَّمنا حب الوطن والحنين إليه، فعندما أخرجه قومه من وطنه الغالى على قلبه أخذ ينظر إلى مكة ويقول : “واللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، وَلَوْلاَ أَنِّى أُخْرِجْتُ مِنْكِ؛ ما خَرَجْتُ”، وظل حنينه إلى وطنه حتى وهو فى صلاته، وتمنى أن تكون قبلته فى الصلاة تجاه بيت الله الحرام، حيث وطنه الأول الذى يحن إليه حنين الغريب إلى بلده، حتى أكرمه الله تعالى وأجاب دعاءه، يقول تعالى : ” قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ”.
وفى كلمتها أكدت الواعظة راوية عبد المنعم خليل أن النبى (صلى الله عليه وسلم) عندما توجه إلى المدينة المنورة قام بإنشاء دولة مدنية قوية، حيث وضع النبى (صلى الله عليه وسلم) أسسًا ثلاثة لبناء هذه الدولة، الأول : بناء المسجد الذى لم يقتصر دوره على الوعظ والإرشاد فقط، بل ليكون وسيلة من وسائل الإصلاح الاجتماعى داخل المجتمع، الثانى : المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار، حيث أسقط النبى (صلى الله عليه وسلم) الفوارق التى تفرق بين المسلمين بعضهم البعض، كما أزال العصبيات القبلية التى كانت موجودة فى هذه البيئة، والثالث : وثيقة المدينة التى حددت نظام الحياة بين المسلمين وغير المسلمين، كما أنها كفلت حرية العقيدة بين الجميع، حتى يقف الجميع صفا واحدًا فى الدفاع عن الوطن ضد أى اعتداء خارجي.
كما أوضحت أن التضحية من أجل الوطن لها مراتب متعددة، وأعلى مرتبة هى بذل النفس والنفيس من أجل الوطن، بل تُعد من أرقى المراتب، لأن الله (عز وجل) ذكر من يضحى بنفسه من أجل وطنه فى كتابه العزيز، حيث قال : ” وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”، فضلًا عن أن ذاكرة الأمة تخلدهم، ففى كل وقت أو مناسبة تتذكر الأمة الشهيد بما قام به من أعمال تجاه وطنه.
وبينت الواعظة راوية خليل، أن القران الكريم والسنة النبوية المطهرة أكدا على حب الأوطان وأنه أمر فِطرى جُبلت عليه النفوس، يقول تعالى: “وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ”، حيث قرن الله سبحانه وتعالى الجلاء عن الوطن بالقتل، وقال أيضًا (عز وجل) : “قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا”، فجُعل القتال ثأراً للجلاء من الوطن، وتعلمنا حب الوطن من النبى (صلى الله عليه وسلم) فعن أَنَسٍ (رضى الله عنه) قال : « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَأَبْصَرَ جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا» أى من حب المدينة، لأنها وطنه المبارك وداره الطيبة، مختتمةً حديثها بالتأكيد على ضرورة أن يقتنى الشباب والنشء سلسلة “رؤية” مشروع وزارة الأوقاف العملاق، والتى تبرز ضرورة حب وقيمة الوطن.