تعاون من وراء الستار، وتنسيق خارج دائرة القانون جمع زعيم جماعة يمينية متطرفة بدوائر الأمن وإدارات إنفاذ القانون داخل الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تكشف أحداث اقتحام الكونجرس الدامية في 6 جانباً من "العالم السري" الذى تضمن صفقات مع الشيطان تراها بعض دوائر الأمن الأمن ضرورة ملحة.
ومن بين صفقات العالم السري، ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها الخميس، من تعاون جمع زعيم "براود بويز" وإدارات أمنية داخل البلاد، وسط مخاوف من تنامي دور اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وخروجه عن السيطرة.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن زعيم براود بويز، انريك تاريو تحول بمرور سنوات من مجرم مدان بجرائم سرقة ونهب وأعمال عنف، إلى واجهة سياسية بفضل تعاونه مع الشرطة والمباحث الفيدرالية التي تجاهلت تلك الجرائم مقابل الاستعانة به لتقديم "خدمات خاصة"، قبل أن تصبح جماعته هدفاً رئيسياً في التحقيقات الجارية حول وقائع اقتحام الكونجرس، التي خلفت 5 قتلي وعشرات المصابين.
العلاقة التي جمعت "تاريو" مع الشرطة والمباحث الفيدرالية كشف تفاصيلها بحسب الصحيفة وثائق محكمة وأحد مسئولي الادعاء السابقين في الولايات المتحدة، حيث قالت نيويورك تايمز: "الكشف المذهل بأن تاريو، الذى يقود واحدة من الجماعات المتطرفة الأسوأ سمعة، يشير إلى أن أنه ساعد الأف بى أى والشركة المحلية فى ملاحقة أكثر من 12 من المتهمين قبل 10 سنوات، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز.
وجاءت تلك الأنباء فى الوقت الذى يخضع تاريو نفسه للتحقيق لدوره فى تشجيع جماعته على مسيرة "أوقفوا السرقة" فى واشنطن فى 6 يناير، بعدما اقتحم حشد من مئات الأشخاص مبنى الكابيتول لتعطيل تصديق الكونجرس على انتخابات الرئاسة.
وكتبت المدعية السابقة فانيسا جوناس فى بريد إلكترونى تقول إن تاريو "كان متعاونا مثل العديدين الذين سعوا لتقديم معلومات ومحاولة الحصول على مساعدة".
وتظهر أوراق المحكمة التى توثق لجلسة عام 2014 حيث سعى تاريو لتخفيف عقوبته فى قضية احتيال، أنه ساعد ضباط إنفاذ القانون فى ولايته فلوريدا فى التحقيق مع الكيانات الإجرامية ومقاضاتها بما فى ذلك أعمال المقامرة غير القانونية وبيع المنشطات وحلقة تهريب المهاجرين.
ورد تاريو على هذه المعلومات قائلا أنه لا يعرف أيا من هذا، ولا يتذكر شيئا منه.
وكان تاريو البالغ من العمر 36 عاما محور تركيز تحقيق الإف بى أى الموسع حول هجوم الكابيتول الذى أدى حتى الآن إلى اعتقال أكثر من 150 شخص، منهم ستة على الأقل من جماعته براود بويز.
وتقول نيويورك تايمز إن التاريخ الإجرامى لتاريو يعود إلى عام 2004 على الأقل، عندما تمت إدانته بسرقة دراجة بخارية قيمتها 50 ألف دولار. وفى عام 2012، تم اتهامه بالتزوير فى ميامى فى صلة بخطة لبيع حمولات من اختبارات مرض السكرى التى سرقها شركائه فى الجريمة من حافلة فى كنتاكى. وحكم عليه بالسجن 30 شهرا. وقال محاميه فى هذا الوقت جيفرى فيلر إن تاريو من الشخص المحب للتسويق.
وفى عام 2014، ذهب فيلر إلى المحكمة لمطالبة القاضى الفيدرالى لتخفيف حكمه، وقال إن موكله تعاون بطريقة مذهلة فى قضيتين فيدراليتين أخرتين، مما أدى إلى مقاضاة 13 شخص. وأشار المحامى إلى أن موكله عمل متخفيا لصالح أقسام الشرطة فى ميامى، ووضع نفسه فى خطر فى بعض الأحيان.
وقالت القاضية جوان لينارد أنها ترى أن المتهم قدم مساعدة حقيقية فى التحقيق وملاحقة أشخاص متورطين فى سلوك جنائى. وخفضت حكمه فى النهاية إلى 16 شهرا.
وتقول نيويورك تايمز إنه على الرغم من عدم وجود دليل أن تاريو ظل يساعدا السلطات، إلا أن محاميه كان يعتقد فى ذلك الوقت أن موكله جيد فى هذا الأمر، حيث قال فى الجلسة إنه طوال عمله فى المحاماة لم يكن لديه موكل مثمر من حيث التعاون فى أى اتجاه.
وكانت السلطات فى واشنطن قد ألقت القبض على تاريو قبل أحداث اقتحام الكونجرس، لاتهامه بحرق لافتة تخص حركة حياة السود مهمة، لكنه نشر صور على الإنترنت لحث أتباعه على المشاركة فى مسيرة 6 يناير.
ومن ناحية أخرى، أصدرت وزارة الأمن الداخلى الأمريكية نشرة الإرهاب الوطنى الأربعاء، لتحذر من الاحتمال المتزايد بوقوع أعمال عنف من قبل أشخاص بدافع عدائى للحكومة، مما يشير إلى أن أحادث اقتحام الكابيتول قد تشجع المتطرفين وتمهد الطريق لهجمات إضافية. ولم تكشف الوزارة عن أى مؤامرة محددة، لكنها أشارت إلى بيئة تهديد متزايدة فى جميع أنحاء الولايات المتحدة تعتقد أنها ستستمر لأسابيع بعد تنصيب بايدن.