بطل جديد فى المجتمع الأقصرى لا يعرف الكثير عن تحدياته وبطولته فى مكافحة الظروف التى تعرض لها فى الصغر بإصابته بضعف فى السمع ومشكلات فى النطق للكلمات، حيث كافح تلك الظروف الصحية ونجح فى تحقيق حلمه والإلتحاق بكلية الصيدلية بجامعة جنوب الوادى ليضرب مثالاً فى المثابرة والإجتهاد، ويصبح نموذج يحتذى به فى المجتمع المصرى.
اليوم السابع إلتقى بالشاب المكافح عبد الرحمن سعدى جمعة، إبن مدينة الأقصر، والذى بدأ سرد قصته بكلمات بالكاد تخرج من فمه فهو يعانى من مشكلات فى النطق وولد من الأطفال ضعاف السمع، قائلاً:- "انا اسمى عبد الرحمن سعدى طالب فى السنة الثالثة بكلية الصيدلة بجامعة جنوب الوادى، وعندما كنت فى المدرسة لم أكن سعيد فى البداية لاننى لم أكن أعرف أجيب مثل باقى الأطفال فى الفصل، ولكن فى الصف الرابع الابتدائى بدأت أستطيع أن أجب على الأسئلة وكنت وقتها سعيد، لأنى كنت فى أولى وتانية وثالثة ورابعة أجلس بمفردى فى المدرسة والفصل، ولكن فى الصف الخامس الابتدائى تعرفت على صديق وجلس معى وطلب منى أن ألعب معه وهو صديق إلى الآن".
وأضاف النموذج الملهم فى الكفاح الصيدلى عبد الرحمن، أنه فى بداية المراحل التعليمية كان يخاف من التعامل مع أصحابه وبعد تعرفه على صديقه ناصر فى الصف الخامس الإبتدائى بدأ فى التعامل دون خوف وساعده فى الإندماج مع الأطفال بالمدرسة، ووقتها شعر بسعادة كبيرة بأنه أصبح مثل الجميع والكل يتعامل معه بصورة طبيعية، موضحاً أنه فى بداية دراسته الجامعية كان يجلس بمفرده أيضاً لكونه لم يفهم المحاضرات حتى وقف معه بعض الطلبة والأساتذة حيث كان يسأله الجميع "إزاى انت ضعيف سمع ودخلت الكلية؟؟"، ولكنهم رأونى بعد ذلك متميز وبدأت أكتسب أصدقاء فى الكلية وألعب معهم كرة قدم وبلاى ستيشن.
وأكد عبد الرحمن، أنه كافح كثيراً حتى يستطيع الإندماج بصورة طبيعية مع أصدقاؤه فى كل المراحل العمرية، حيث أن من يعانى من ضعف السمع لا يستطيع التواصل بشكل جيد، ولكنه استطاع التفوق فى الدراسة ووصل لتلك المرحلة التى جعلت الجميع يحترمه ويحب التعامل معه، قائلاً:- "يجب على من يعانى من ضعف السمع ألا يعيش بمفرده ويتعامل مع الناس حتى يتعلم تدريجياً التعامل معهم، وكذلك البحث عن من يشجعه على التواصل مع الناس ومع الوقت ستتعلم التواصل وتفهم الدراسة وتفهم أصحابك وتعرف تذاكر.
تابع، وانا فى الثانوية العامة لم أكن أعرف دروس معينة وكنت أسأل أصحابى والأساتذة فى المدرسة، وأهم شىء عدم الخوف أجلس مع الناس واتعلم واتحدث ولو فشلت ليس مشكلة حاول مرة أخرى، لأنه مع التكرار ستنجح فى التواصل وتعيش طبيعى، ولو حدثت مشكلة معك فى المرة الأولى طبيعى، استمر وأكمل وستنجح".
ومن جانبها قالت والده الشاب عبد الرحمن نموذج التحدى لإصابته بضعف السمع، أنها إكتشفت لدى وصوله عمر سنة أنه من ضعاف السمع وتوجهت به للقاهرة لمتابعة حالته، حيث أنه ضعف السمع عنده عبارة عن حس عصبى ويحتاج لسماعه، وكان وقتها لم يكن إنتشر موضوع القوقعة لضعاف السمع، وتم البدء فى رحلة علاج له وتجربة عدة أنواع من السماعات لمدة عامين لكى يسمع بصورة طبيعية ولكنه لم توجد أية إستجابة، موضحةً أنه بعد فترة من عدم الإستجابة بدأت زراعة القوقعة وتم إجراء العملية له فى مستشفى عين شمس التخصصى وكان وقتها يبلغ من العمر 5 سنوات.
وأضافت والدة الشاب عبد الرحمن فى لقاؤها لـ"اليوم السابع"، أن إبنها يستعد خلال عام ونصف ليصبح صيدلى ويرفع رأس والدته التى كافحت معه طوال فترة طفولته حتى حقق حلمه وحلمها بالإلتحاق بكلية الصيدلة، موضحةً أنه بعد إجراء عملية القوقعة لإبنها تم البدء فى علاجه بجلسات التخاطب المكثف فى مدينة نصر، كما تم العمل على تأهيله ليصبح طفل قادر على التعامل مع أقرانه قبل التقديم له فى التعليم، وبالفعل قدمت له والدته فى مدرسة بوسط مدينة الأقصر وإلتحق بها وسط الأطفال الطبيعيين جداً، وخلال الأجازات الصيفية بنهاية العام تسافر به لعمل جلسات تخاطب له لتحسين حالته كلما كان يكبر سنة شيئاً فشيئاً.
وأوضحت أنه ظل فى المدارس الطبيعية مع أقرانه حتى وصل لمرحلة الثانوية وكان يحلم منذ طفولته بأن يصبح صيدلى، وخلال فترة الثانوية العامة كان مجتهداً للغاية ويذاكر أكثر من 10 ساعات يومياً لتحقيق حلمه فى ظل الظروف التى كان يعيشها طوال فترة طفولته، وبالفعل نجح فى الثانوية العامة وحصل على مجموع 98% وإلتحق بكلية الصيدلة بجامعة جنوب الوادي.
وأوضحت والدة الصيدلى عبد الرحمن سعدى، أنها سعيدة وفخورة للغاية بإبنها عبد الرحمن والتفوق الذى كان فيه طوال فترة الدراسة وتحقيقه لحلمه، موضحةً أنها فى طفلولته ولدى علمها بحالته الصحية والأزمة التى ستلازمه طوال حياته كان صدمة كبيرة لها ولأسرته بالكامل حيث أنه لا يوجد أحد مصاب بهذا الأمر فى العائلة من قبل، وهى لا تعلم شيئ عن هذا المرض ولكنها قررت تحمل الطريق مع ابنها فى القاهرة حيث أنه فى طفولته لم يكن يوجد أطباء متخصصون فى هذا النوع من المرض بالأقصر، وظلت تتعلم معه جلسات التخاطب حتى تساعده فى الحياة اليومية، وأنها لم تيأس نهائياً وقامت بتغيير عدة سماعات فى طفولته حتى وصلت لمرحلة زراعة القوقعة بدعم من والدتها رحمها الله والتى ساندتها فى رعاية إبنها، كما أنه كان يغضب بعض الشيئ من عدم قدرته على التواصل بصورة طبيعية مع أقرانه بالمدرسة والمراحل التعليمية المختلفة ولكنه تحدى هذا المرض وكان يحب المذاكرة والمواد العلمية وكان متفوق فيها، وكانت حياته كلها مذاكرة وحب للكتب والتعليم حتى وصل لهذا التفوق الدراسى الكبير وأصبح حالياً مثالاً ملهما فى المجتمع والجميع يحبه من جيرانه وأسرته.
فيما قال أحمد سعدى جمعة شقيق عبد الرحمن الأصغر، البالغ من العمر 19 سنة وطالب بالفرقة الثانية فى كلية التجارة بجامعة جنوب الوادى، أنه منذ خروجه للدنيا وجد عبد الرحمن شقيقه الأكبر يعانى من ضعف السمع وكعادة الأطفال كانا يتشاجران مع بعضهم البعض، موضحاً أنه عندما كبرا فى المدارس كان يحاول دمجه فى المجتمع ويحاول أن يروح عنه بالخروج مع أصدقاؤه للتعامل والتعايش معه فى حياته بصورة طبيعية، قائلاً:- "بعد فترة من خوفه من الناس، وجدته يجلس مع صديقه "ناصر" الذى ساعده فى المدرسة ليكون طبيعى مثل باقى أصحابهم، وكان يحب كرة القدم وكنت أصطحبه معى فى الملاعب للاستمتاع معنا وكنت أحرص عليه دوماً خوفاً عليه بسبب ضعف السمع".
وأضاف شقيق عبد الرحمن الأصغر، أنهما حالياً فى المرحلة الجامعية سوياً وفى نفس الجامعة بجنوب الوادى فى محافظة قنا، ويلتقيان يومياً فى الجامعة ويتشاركان كل شيئ كباقى الأشقاء، ولدى حدوث أية مشكلة بينهما يتم حلها قبل اليوم التالى فهما يحبان بعضهما كثيراً، قائلاً:- "أنا بعتز بأخويا الكبير عبد الرحمن مرشدى فى الحياة ودائماً يقف فى ضهرى، ويسندنى وأنا وقاف فى ضهره لآخر يوم فى عمرى لأنه أخى وحبيبي".