انتهت المباحثات القصيرة بين السفير البريطانى فى القاهرة رالف ستيفنون، ورئيس الوزراء على ماهر باشا، إلى اقتراح بأن يكتب السفير إلى «ماهر» مذكرة بما تم بينهما حول الإجراءات، بعد حادث «حريق القاهرة» يوم 26 يناير، 1952، والذى أسفر عن حرق 700 منشأة، ومقتل 36 وجرح 522، وإقالة الملك فاروق للحكومة الوفدية، برئاسة مصطفى النحاس، وتكليف على ماهر بتشكيل حكومة جديدة، ولم تتوصل التحقيقات حول الحادث إلى الجهة المنفذة، ما أدى إلى تعدد الاجتهادات، التى كان أقواها اتهام المخابرات البريطانية، «راجع، ذات يوم، 26 و27 و28 يناير 2021».
أدى الحريق إلى تدخل مباشر من الاحتلال البريطانى، لمحاولة إجهاض المقاومة المسلحة للفدائيين ضد الاحتلال فى القناة، حسبما يؤكد المؤرخ الدكتور محمد أنيس، فى دراسته «حريق القاهرة»، قائلا: «بدأت إنجلترا فى فرض شروطها فى أعقاب سقوط وزارة الوفد، بدليل ما جاء فى خطاب السفير البريطانى إلى على ماهر، يوم 30 يناير، مثل هذا اليوم، 1952».
نص الخطاب حسبما يذكر «أنيس» فى دراسته: «عزيزى رئيس الوزراء، فكما طلبت أنت هذا الصباح، أرسل إليك المذكرة التالية للخطوات التى بحثناها فى مناقشتنا القصيرة.
1 - أحداث 26 يناير: لقد أبلغتك عن حالة المشاعر فى إنجلترا والمشاعر السائدة بين المواطنين الإنجليز هنا، وحثثتك على ضرورة معاقبة جميع المذنبين، بمن فى ذلك المنظمون والزعماء السياسيون، وبمن فى ذلك أيضا أولئك الذين تراخوا فى السيطرة على الموقف وسمحوا بالمظاهرات، وأؤكد على المسؤولية الشخصية لكل من وزير الداخلية السابق فؤاد سراج الدين، ووزير الشؤون الاجتماعية السابق عبدالفتاح حسن، ولقد رأيت فخامتكم الأسف العميق من جانب الحكومة المصرية للتفريط الذى حدث فى القاهرة، كما أظهرت نواياك للتحقيق الكامل لإظهار جريمة المسؤولين ولمعالجة موضوع التعويض.
2 - التحقيق فى مذابح نادى الترف: لقد طلبت من سيادتكم تنظيم التحقيق القضائى، بحيث أن شهادة شهود العيان تسجل بالصورة الفوتوغرافية، وفى كل الأحوال يجب أن تظل أسماؤهم فى طى الكتمان، ولقد تعهدت بإعطاء الأوامر تبعا لذلك.
3 - الرقابة على الأسلحة: طالبت بضرورة وجود رقابة على الأسلحة الخاصة فى القاهرة، وغيرها من المدن.
4 - حثثت فخامتكم على ضرورة وجود خطة حقيقية متقنة للحماية السريعة للجسور التى تؤدى إلى منطقة الجزيرة إذا اشتعل الاضطراب.
5 - وطالبت بالتسهيلات المالية وغيرها مما لا بد من إعطائها، لتمكين الرعايا الإنجليز الذين يرغبون فى مغادرة مصر، بحيث يأخذون معهم ممتلكاتهم الشخصية وأموالهم، ولا بد من إجراء تجهيزات خاصة لتسهيل الإجراءات الرسمية، فيما يتعلق بالمدرسين والموظفين الذين طردتهم حكومة الوفد، وتعهدت سيادتكم بعمل كل ما تستطيع فى هذا الصدد، وأضفت بأنك ترغب فى تشجيع الموظفين والمدرسين على الانتظار لبعض الشىء قبل أن يقرروا ترك مصر، وأنك لا تستطيع أن تقوم بذلك علنا، وعلى كل حال فكل التسهيلات الممكنة سوف تعطى لأولئك الذين قرروا بصفة نهائية ترك مصر.
6 - الإجراءات الإدارية: طالبت أنت فى إلحاح أن محافظ منطقة القنال، عبدالهادى بك الغزالى، يجب أن يسمح له بالحضور إلى القاهرة، والعودة إلى المنطقة، وأنك سوف تعطى الأوامر للحركة الحرة للموظفين عندى بالسفارة، وطلبت أنت منى إيقاف زيارتى الخاصة للمنطقة، حتى يصل محافظ القنال إلى القاهرة ثم يعود، وقلت أنا إنه، على كل حال، ليست فى نيتى زيارة المنطقة خلال الأيام القليلة المقبلة، لكننى كنت أصر على الحركة الحرة لموظفى السفارة، وقلت إنه لا توجد صعوبة أمام هذا، كذلك أعطيت أنت عزمك على زيارة المنطقة بأسرع ما يمكن، لإقامة صلة مع السلطات والأعيان هناك، واقترحت أنا ضرورة مناقشة هذا الموضوع مرة أخرى قبل أن تقرر الذهاب إلى المنطقة.
7 - الصحافة المتطرفة: لقد طالبت بضرورة اتخاذ إجراءات ضد صحف مثل «الجمهور المصرى»، وقلت أنت إنه بينما سيكون من المستحيل إصدار تشريع له صفة عامة، إلا أن خطوات عملية ستتخذ ضد هذه الجريدة أو تلك من التى تدعو إلى العنف.
8 - لقد قررنا أن الخطوة الأولى التى يجب اتخاذها فى الوقت الراهن هى تهدئة الموقف، وأكدت أن حكومة فخامتكم لا تنوى الاشتراك فى الخطوات المعادية لإنجلترا مثل قوانين «عدم التعاون»، التى كانت تدرسها حكومة الوفد، إننى أحث سيادتكم على ضرورة إخماد «الإرهاب» فى منطقة القنال، وقلت لك كذلك إن الخطوات الوحيدة التى تحتاجها فى سبيل ذلك، هى السماح للسلطات المحلية فى القنال بالتعاون مع السلطات العسكرية البريطانية فى حفظ النظام ووافقت أنت على ذلك، وذكرت أن هذه هى إحدى المسائل التى تريد مناقشتها مع محافظ القنال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة