"إذاعة القرآن الكريم من القاهرة".. كلمات اعتاد عليها وألفها الملايين فى مصر والعالم منذ إنشاء إذاعة القرآن الكريم فى مارس عام 1964، والتى تؤدى دورا متميزا فى نشر الثقافة الإسلامية وصحيح الدين وتلاوات القرآن الكريم بصوت مشاهير القراء، لتصبح بمثابة مدرسة تربوية متكاملة داخل كل بيت مصرى وفى الشارع وفى المحلات العامة ووسائل المواصلات، لا تفارق مسامع وقلب هؤلاء الملايين وتتصدر بما تقدمه كافة الإذاعات.
مع احتفال إذاعة القرآن الكريم هذا العام بمرور 57 عامًا على إنشاء الإذاعة الأكثر انتشارًا فى مصر والعالم العربى، كان لـ "اليوم السابع"، هذا الحوار مع الدكتور حسن مدنى رئيس إذاعة القرآن الكريم، والذى كشف لنا عن خطط تطوير الإذاعة وما تم بها وكيفية اعتماد قراء القرآن الكريم.
فى بداية الحوار رفض الدكتور حسن مدنى، وصف البعض لإذاعة القرآن الكريم بأنها أصابها الجمود وعدم التطور، قائلاً: "نعمل وفق خطط يومية ونكون مستعدون لأى خبر أو حدث طارئ، كما أن لدينا خطط أسبوعية وخطط للمناسبات وخطة لمدة ثلاثة أشهر أو لدورة إذاعية، ونكون قادرين على تغيير هذه الخطة فى أى لحظة لتتناسب مع الحدث، فمثلا أزمة كورونا تعاملنا خلال الجائحة لتوضيح رؤية الدين بها، وكيفية التعامل مع الأوبئة من المنظور القرآنى والسنة وكيفية الوقاية من خلال توظيف كل البرامج فى ذلك، كما أننا حتى فى ظل جائحة كورونا لم نتخل عن الأمسيات الدينية بعد غلق المساجد فقدمناها من خلال ستديوهات الإذاعة".
وحول تصدر إذاعة القرآن الكريم الإذاعات أكد مدنى أنها التقارير التى يصدرها مركز بحوث الاستماع والمشاهدين والمستمعين، تؤكد ذلك، فالإذاعة مازالت فى الصدارة محليا وعالميا، كما أن الإذاعة تتلقى الكثير من الرسائل والتليفونات من دول العالم سواء بمقترحات أو إشادات بالإذاعة، قائلاً: "كم من إذاعات أنشئت باسم إذاعة القرآن الكريم إلا أن الإذاعة المصرية لها الصدارة فى العالم كله، وأنا شخصيا أستفيد يوميا من هذه البرامج".
يستكمل مدنى حديثه عن التطوير والارتقاء بإذاعة القرآن الكريم، قائلاً: "حينما توليت إذاعة القرآن قمت بمساندة رئيس الإذاعة محمد نوار وزملائى بحذف البرامج المتشابهة التى لا تقدم ولا تضيف جديدا وأفسحنا المساحة للقرآن الكريم، فشبكة القرآن الكريم هى شبكة متخصصة فنحن نقدم القرآن الكريم مرتلا ومجودا ولدينا 5 من القراء الكبار يرتلون القرآن بالتناوب آناء الليل وأطراف النهار هم الشيخ "عبد الباسط عبد الصمد، محمود على البنا، محمود خليل الحصرى، ومصطفى إسماعيل، محمد صديق المنشاوى" .
ولفت مدنى إلى أن أى قارئ حديث لا يتم إذاعة تلاواته قبل اعتماده رسميا ومروره باختبارات لجنة القراء فى الإذاعة، مؤكدًا أن القارئ له لجنة مختصة باختياره وهو متعاون من الخارج، وكل قارئ معتمد له دور فمنهم من يتلو 5 دقائق أو نصف ساعة أو 15 دقيقة، وأحدث القراء المعتمدين لدى الإذاعة "السيد الغيطانى ومحمد أحمد فتح الله"، قائلاً:"لا يعد قارئا للقرآن الكريم من لم تعتمده اللجنة".
وأكد الدكتور حسن مدنى أهمية إذاعة القرآن الكريم لقارئ القرآن، قائلاً: "الإذاعة بمثابة مكتبة عملاقة تحفظ تراث القارئ وتلاواته، وتستعيد هذا التراث بين الحين والآخر فمثلا يوم رحيل الدكتورة عبلة الكحلاوى، استعدنا لها حلقة عن مسيرة حياتها فى برنامج سيرة ومسيرة وبعض الأحاديث التى كانت تقدم عن الأسرة والمجتمع".
وأشار مدنى إلى أن الإذاعة بدأت فى الفترة الأخيرة تبث إعلانات بين البرامج والتلاوات القرآنية، لكن بشروط صارمة أهمها أن يتفق الإعلان مع وقار وسمت إذاعة القرآن مثل إعلانات الأعمال الخيرية ولا تقبل الإذاعة أية إعلانات تخالف وقارها الذى اعتاده المستعون".
وردا على انتقاد تعمد إذاعة القرآن الكريم، إذاعة التواشيح الدينية فى أوقات متأخرة بعد منتصف الليل وكذلك تقديم موعد برنامج قطوف من حدائق الإيمان ليذاع 11 مساء بدلا من منتصف الليل قال مدنى:" التواشيح الدينية نذيعها ليلا لأنها ارتبطت بالسهرات الليلية، غير أننا نذيع منها مقتطفات فى أوقات مختلفة، أما برنامج قطوف من حدائق الإيمان فتقديمه كان بناء على طلب المستمعين خاصة كبار السن الذين ينامون مبكرًا".
قاطعنا الدكتور حسن مدنى بسؤاله عن اختفاء البرامج التى كانت تقدم مواد تراثية مثل برنامج من التسجيلات النادرة، ومن أعلام القراء، فبادر بالإشارة إلى أن برنامج من التسجيلات النادرة مازال يذاع ولكن تحت مسمى "من تسجيلاتنا الخارجية"، أما أعلام القراء فالإذاعة تعد الآن لبرنامج جديد وهو "أئمة القراء" والذى يهدف لتعريف الناس بأصحاب القراءات مثل حفص ورش وسيقدمه الإذاعى فوزى عبد المقصود مع عدد من المتخصصين فى كلية القرآن الكريم بطنطا، كما تعد الإذاعة لبرنامج آخر اسمه "اقرأوا القرآن"، يقدمه عماد الدين عبد الخالق حول القراءات والأحكام، وبرنامج ثالث "دلالات فى ختام الآيات".
وأكد رئيس إذاعة القرآن الكريم الاهتمام برامج السنة النبوية مثل برنامج فى نور النبوة، ومع السنة النبوية، وأقوال الرسول وفى ظلال الهدى النبوى، وحول اختفاء الأحاديث القدسية أوضح مدنى أن البرنامج الخاص بها انتهى منها بالفعل ولذلك تم وقفه لفترة محددة على أن يعود مجددًا ولكن يتم الاستعانة ببعض الأحاديث القدسية فى سياق البرامج، وفى سياق الفترات المفتوحة.
"ضيوف الإذاعة من أهل التخصص ولا نتعامل مع الهواة".. بهذه العبارة أوضح مدنى كيفية اختيار الضيوف الذين يتحدثون فى البرامج الدينية بإذاعة القرآن الكريم، قائلاً: "لدينا فترات مفتوحة ونهتم بتقديم الفتاوى وصحيح الدين، فمثلا فترة كل يوم جمعة بين السائل والفقيه نستضيف بها العلماء المتخصصين فى شأن الإفتاء، بالإضافة لبرنامج بريد الإسلام الذى يقدم صباحا ومساء وهو برنامج مسجل، ونبذل من خلال هذه البرامج جهدا كبيرا لتقديم الفتاوى الصحيحة، وأؤكد لك على جزئية مهمة فنحن لا نتعامل فى هذه الإذاعة إلا مع أهل التخصص والاختصاص فلا نتعامل مع أى هاو مثلما يحدث فى الفضائيات، نتعامل فقط مع الذين درسوا فى الأزهر الشريف ويعملون إما فى الأزهر أو الأوقاف أو الإفتاء أو مجمع البحوث الإسلامية، أو بعض الأساتذة المتخصصين فى الشريعة الإسلامية ببعض كليات الحقوق ودار العلوم، وهذا يساعدنا فى تقديم صحيح الدين ووسطية الدين الإسلامى والشرح الحقيقى للدين والمفاهيم الصحيحة للدين الإسلامى".
واختتم رئيس إذاعة القرآن الكريم حواره لـ"اليوم السابع"، بالتأكيد عن رضاه عما قدمه فى الإذاعة خاصة قبل بلوغه سن المعاش فى 25 مارس المقبل، قائلاً: "راض بما قدمته مع زملائى وسأستمر فى تقديم برنامج من "أقوال الرسول" خاصة وأن القانون يسمح بذلك بعد بلوغ سن المعاش".