توافرات خلال العام 2020 أدلة دامغه على اتساع نطاق انشطة التجنيد التى تقوم بها الاستخبارات العامة التركية فى بلدان الاتحاد الأوروبى ، وتبين لأجهزة مكافحة التجسس الأوروبية أن نشاط المخابرات التركية التجنيدى للعملاء يهدف فى المقام الأول الى جمع المعلومات والتأثير السياسى من خلال عمليات العمل النفسى والاعلامى على من يراهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خصوما لسياساته من خلال اشاعة الفوضى والتوترات الداخلية اعتمادا على مبررات مضللة .
وأكدت المصادر نفسها ان النمسا وفرنسا تتصدران قائمة البلدان الاوروبية الأعلى استهدافا من جانب أنشطة وعمليات المخابرات التركية مقارنة بباقى دول الاتحاد الأوروبى ، وانه يتم انتقاء العملاء وتجنيدهم فى كلا البلدين بعناية شديدة مع مراعاة تواجدهم فى مواقع عمل مهمة وفى مقدمة من تسعى الاستخبارات التركية الى استمالتهم وتجنيدهم المقاولون وأصحاب الشركات المدنية المتعاقدة او المتعاملة مع الحكومات والهيئات ذات الطبيعة الأمنية و العسكرية ومقاولو المشروعات الدفاعية .
وبحسب تقرير أوروبي .. تشكل الرابطة الوطنية لاتراك المهجر ذراعا سريا للاستخبارات العامة التركية فى تنفيذ عمليات معظم عمليات التجنيد والاستهداف تلك وهو النشاط الذى التى بانت خطورته فى تقرير صدر عن المركز الاوروبى لمكافحة التطرف ونشرت أجزاء منه المنصات الاعلامية الاوروبية المهتمة بالشأن المخابراتى ومكافحة التجسس .
ويبين التقرير الأوروبى بالادلة الدامغة وبالاسماء تورط وكالة اتراك المهجر التابعة للرئاسة التركية وأذرع العمل الأهلى المرتبطة بها فى انشطة تجنيد وتشغيل لعملاء التجسس من الأتراك المقيمين فى خارج تركيا لاغراض العمل او الدراسة ، وكذلك تعمل وكالة اتراك المهجر كذراع للنظام الحاكم فى تركيا لممارسة الضغط والابتزاز السياسى حال نشوب خلاف بين تركيا وأي من جيرانها فى منطقة الاتحاد الاوروبى من خلال تجييش الطلبة الاتراك المغتربين لتنظيم الفعاليات الاحتجاجية الحاشدة للرأى العام .
ومع احتدام التدخل التركى فى ليبيا والصراع على ثروات شرق المتوسط لجأت تركيا الى المنظمات الانسانية والخيرية والثقافية كأذرع عمل مكشوفة تتولى تنفيذ خطة الاستخبارات التركية السرية لتوسيع قاعدة العملاء والمبلغين عبر اراضى الاتحاد الاوروبى وكل ذلك كان يتم تحت مظلة الوكالة الوطينة لاتراك المهجر .
ووفقا للتقرير الاوروبى تقوم الاستخبارات التركية Turkish intelligence agency MIT بزرع عملاء لها فى كافة مراكز صنع القرار الاوروبية المهمة التى تتعامل مع الاتراك وغير الاتراك وكذلك تنشط الاستخبارات التركية فى اوساط الجاليات الاسلامية فى بلدان الاتحاد الاوروبى بقصد البحث والانتقاء لجيل جديد من العملاء والجواسيس لحساب الدولة التركية .
كما لجأت الاستخبارات التركية خلال العام 2020 الى استخدام المنظمات غير الحكومية وشبه الرسمية وفى مقدمتها وكالة التعاون والتنسيق التركية (TİKA ) .
ولفت التقرير الى انه مما يؤكد ارتباط وكالات التعاون الدولى شبه الحكومية التركية بعمل الاستخبارات التركية وبأنشطتها قيام الرئيس التركى رجب طيب اردوغان بتعيين حقان فيدان رئيسا للاستخبارات التركية العامة فى العام 2010 وكان يعمل قبل ذلك فى وكالة التعاون والتنسيق الدولى التركية TİKA السابق الاشارة اليها ، وقد نجح فيدان فى تجنيد و تشغيل اعداد كبيرة من العملاء لحساب تركيا خلال فترة ادارته لتلك الوكالة .
وتشابكا مع عمل الوكالة السابقة .. استخدمت الاستخبارات التركية كذلك ما يعرف بالمبادرة الرئاسية التركية لرعاية اتراك المهجر ( YTB) diaspora agency ) وهى الوكالة التى يتبعها ما يعرف بمعهد يونس عميرى الثقافى للمغتربين الاتراك ( the Yunus Emre Institute ) و تتبعها كذلك مؤسسة المعارف التركية Maarif Foundation وهى المؤسسة المسئولة عن نشر الافكار الاردوغانية وإحياء ما يسمى بدولة الخلافة تحت غطاء افكار التكامل الاسلامى .
ويتواجد على الأراضى الأوروبية مالا يقل عن خمسة ملايين تركى ما بين دارس وعامل او مقيم بصفة دائمة او موظف دولى ، وتشكل تلك الكتلة البشرية الكبيرة مجالا حيويا لعمل الاستخبارات التركية لتنفيذ عمليات تجنيد وتجسس سواء باستخدام عملاء من اتراك المهجر او للتجسس على اتراك المهجر فى عموم البلدان الاوروبية .
و لما كان الشباب التركى الدارس فى دول الاتحاد الاوروبى يشكل قطاعا كبيرا من الاتراك المقيمين فى أوروبا ، كان من الطبيعى ان تقوم الاستخبارات التركية بتفعيل ذراع سري للتواصل معهم واختراق صفوفهم اما لتجنيد عملاء منهم او لمراقبة تحركاتهم وكشف اية توجهات معارضة من جانبهم تجاه النظام التركى ، وتعد هيئة رعاية الطلبة الاتراك فى الخارج Uluslararası Öğrenci ve Öğrenci Aktivitelerini Destekleme Derneği, or Wonder) هى الذراع الاكثر اهمية لدى الاستخبارات التركية العامة للقيام بتلك المهمة وهى الهيئة التى لاحظت الاستخبارات النمساوية نشاطا غير عادى لها فى الفترة الاخيرة بين شباب الاتراك الدارسين فى النمسا .
ويقول خبراء مكافحة التجسس فى اوروبا ان تحليل اوجه انفاق الرابطة الوطنية لاتراك المهجر ومشروعاتها فى بلدان الاتحاد الاوروبى و بخاصة فى النمسا وفرنسا يشى بوجود اهداف خفية وراء الانشطة الظاهرة لعمل تلك الوكالة .
وخلال العام 2020 ، كشف مكتب حماية الدستور فى ألمانيا والذى يعد أعلى مؤسسة استخبارات ومكافحة تجسس فى البلاد عن قيام المخابرات التركية بإدخال تطبيق خبيث من انتاجها فى هواتف محمولة من الانتاج التركى وتزويد استخبارات أنقرة للمقيمين الأتراك فى ألمانيا من عملائها بتلك الهواتف الذكية للتجسس على معارضى اردوغان على الأراضى الالمانية .
وجاء فى تقرير سربته الاستخبارات الالمانية للصحافة ان تطبيق الهواتف الذكية التجسسى قد تم فى مدينة بادن وكذلك مدينة ويتينبيرج الواقعتين فى جنوب غرب ألمانيا على الحدود مع سويسرا وفرنسا حيث يتركز غالبية الرعايا الاتراك على الاراضى الالمانية بما فى ذلك المعارضين الاتراك ، و يسكن فى مدينتى بادن وويتينبيرج نحو ثلاثة ملايين نسمة يمثل الرعايا الاتراك نسبة 15 فى المائة منهم .
ونبه تقرير الاستخبارات الالمانية – الذى نشرت دورية انتليجينس نيوز مقاطع منه – الى ان تواصل عملاء المخابرات التركية مع الرعايا الاتراك من المنشقين على نظام اردوغان عبر تلك الهواتف يسمح للمخابرات التركية بالنفاذ المباشر الى ملفات هواتف المعارضين واختراق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى وبيان ارقام من يتواصلون معهم وهو ما يمكن من مراقبتهم ومعرفة اتصالاتهم وتحركاتهم بصورة دائمة ، لكن الاستخبارات الالمانية المحت الى ما قد يكون اخطر من ذلك وهو احتمالية استهدافهم من الاستخبارات التركية وتصفيتهم على الاراضى الالمانية .
وقالت الاستخبارات الالمانية فى تقرير لها ان نشاط الاستخبارات التركية مكشوف تماما لرجال الاستخبارات الالمانية وان نشاط الاستخبارات وجمع المعلومات الذى يقوم به رجال المخابرات التركية يتم تحت اغطية متعددة ويستهدف شريحتين اساسيتين من الاتراك المقيمين على الأراضى الالمانية وهما عناصر حزب العمال الكردستانى وأنصار المعارض التركى – حليف اردوغان السابق – فتح الله جولن الذى يتهمه نظام اردوغان بدعم المحاولة الانقلابية التى شهدتها تركيا فى يوليو من العام 2016 .
وكشفت الاستخبارات الالمانية فى تقريرها كذلك ان اعضاء حزب العدالة والتنمية التركى الذى يتزعمه اردوغان عادة ما يتم تجنيدهم للتجسس على الاتراك الموجودين فى المانيا ، وان جامعى المعلومات التابعين لمخابرات اردوغان عادة ما تستخدم المنظمات المدنية التابعة لحزب العدالة والتنمية فى المانيا كغطاء على انشطتهم التجسسية على معارضى اردوغان من المقيمين على الاراضى الألمانية .