صنعت من اليأس دافعا، وبحثت عن طريق تسلكه نحو الرزق الحلال، دون أن تعبأ بكلام الآخرين ولا بنظراتهم لها، أو تغتر لكونها طالبة جامعية، لكنها بكل فخر امتهنت مهنة والدها لمساعدته فى الإنفاق على أشقائها الصغار.
على بعد أمتار من مستشفى الأربعين الخيرى بمدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية، تقف "آية" الشهيرة بالمهندسة آية على عربة فول أصبحت من معالم المنطقة، لتقدم لزبائنها ساندوتشات فول، نظيفة وبسعر أقل مصحوبة بابتسامة جميلة تخفى خلفها آثار الكفاح والمسؤولية الكبيرة التى تحملتها فى صغرها لكونها الابنة الكبرى لأسرتها، ورغم عملها لساعات طويلة إلا أنها دائمة مبتسمة مرددة جملة "فخورة بمهنتى".
"اليوم السابع" التقى "آية محمد محمد عرفة" 20 سنة طالبة بالفرقة الثانية بكلية الزراعة جامعة قناة السويس، ومقيمة بمدينة العاشر من رمضان بالشرقية، لتروى قصة كفاحها، قائلة: أنا الابنة الكبرى لأسرتى، والدى صاحب الـ 48 عاما من منطقة عين شمس بمحافظة القاهرة، وحضر للإقامة بمدينة العاشر مع نهاية عام 1997، ولدى ثلاثة أشقاء هم "أميرة" 19 سنة طالبة بالفرقة الأولى بكلية التجارة، و" أسماء" بالصف السادس الإبتدائى و" أحمد" بالصف الرابع الإبتدائي، وكان والدى، يعمل شيف كبير فى مطاعم سياحية كبرى، وبحلول عام 2009 تعرض لأزمة صحية دخل على أثرها المستشفى وتابع فترة بالأدوية إلى أن قام بإجراء عملية قلب مفتوح، عام 2012، وهنا تغيرت حياتنا حيث نصحه الأطباء بعدم التعرض للوقوف أمام النار لكونه شيف، فقرر أن يشترى عربة فول ويقف عليها على بعد أمتار من منزلنا، وكنت أساعده منذ كنت تلميذة بالصف الثالث الإبتدائي، ومع مرور الأيام تواليت وشقيقتى" أميرة" بمساعدة والدتى كل شيء من تحضير الفول وقيام شقيقى " أحمد " 9 سنوات بمساعدتى صباحا بشراء العيش، و" أسماء" تساعدنى فى نقل الفول والسلطة إلى عربة الفول، قبل الذهاب إلى مدرستها.
وأردفت : والدتى" سماح" 40 عاما الشهيرة بالمنطقة بأم آية، تساعدنا قبل ذهابها إلى عملها حيث تعمل عاملة فى مدرسة بالعاشر من رمضان، وهى كانت تذاكر معنا حيث كانت غير متعلمة وحصلت من محو الأمية على دبلوم صنايع، كانت معانا فى الدراسة، وبسبب الأوضاع المادية رفضت دخول الثانوية العامة، والتحقت دبلوم صنايع خمس سنوات قسم صناعات غذائية، وكنت من الأوائل على مدرستى والتحقت بكلية الزراعة، وأمى حاليا تحاول عمل تسوية بعد حصولها على الدبلوم.
وعن عدد الساعات التى تعمل بها قالت: استيقظ مع نسمات الفجر للصلاة، وتعاونى والدتى فى نقل قدرة الفول إلى العربة المتواجدة على بعد أمتار من المنزل، أقف على عربة الفول من الخامسة والنصف حتى الثانية عصرا يوميا، ما عدا ثلاثة أيام أذهب فيها إلى جامعتى، فأقف من الفجر حتى السابعة صباحا وبعدها أتوجه إلى جامعتى وتتولى شقيقتى" أميرة" المهمة، التى عليها دور كبير أيضا، فهى تقوم بكل مهام المنزل وعليها دور كبير به، وتعرضت الفترة الأخيرة إلى حادث تصادم اكتشفنا بعده إصابتها بورم سرطانى بالساق تم استئصاله منذ أشهر بمستشفى حكومى وتسير حاليا على مشاية، وهى طالبة بالفرقة الأولى بكلية التجارة جامعة قناة السويس، معى بذات الجامعة، نذهب سويا للجامعة وفى حال عدم وجود محاضرات لدى أى منا تتولى الأخرى الوقوف على عربة الفول، متابعة أنها تعود من جامعتها عصرا إلى العربة وتعاونها " شقيقها" أسماء" تساعدها كثيرا فى الوقوف معها على العربة ونقل الأشياء للمنزل بعد العمل، للاستراحة وتناول وجبة الغذاء، ثم يبدأ فى تجهيز الفول لليوم التالى، رافضة نسب كل شى لها مشيدة بدور أشقائها الصغار فى مساعدتها فى العمل معاها على عربة الفول، موضحة أن الزبائن تحبها كثيرا وتناديها "المهندسة أية".
وعن أحلامها وطموحاتها قالت: كانت أمنيتى الالتحاق بالكليات الشرطية والعسكرية، لكن لكونى تعليم فنى لم أتمكن من ذلك، وأتمنى أن أكون مهندسة كبيرة، وذلك لم يمنعنى من التخلى عن مساعدة والدى فى الوقوف على عربة الفول.
وتابعت: كل الذى أتمناه هو عمل معاش لوالدى لكونه مريض قلب، ومساعدة والدتى فى التسوية بالدبلوم الذى حصلت عليه فى عملها، ومساعدتنا فى تقنين وضع عربة الفول.