- كان يشبه "رفيع بيه" فى "الضوء الشارد" وتمنى بطولة "واحة الغروب" وحزينة لأن المهرجانات الفنية تجاهلت تكريمه.. كان موجوعا على مصر ورفض تقديم برنامج بعد ثورة يناير وابتعد عن السينما عندما شعر أنها لا تشبهه
- كنت مستبعدة الارتباط بفنان وأول ما شفته حسيت إن حاجة هتجمعنا
تمر هذه الأيام، الذكرى الخامسة لوفاة الموهوب المحترم ممدوح عبدالعليم، الذى رحل عن عالمنا بشكل مفاجئ فى 5 يناير 2016، بسبب أزمة قلبية مفاجئة، أصابته وهو يقوم بتمرينات رياضية فى نادى الجزيرة.
ممدوح عبدالعليم، هذا الموهوب ذو البصمة الخاصة جدا والمختلفة بين أبناء جيله، يبكيك حين تراه فى أدوار الطالب الوطنى الحالم فى فيلم «البرىء»، وتصدقه وتحيا مشاعره وهو يجسد أدوار الشاب الفنان ابن الطبقة الوسطى الذى يرتبط بطبيبة من عائلة أرستقراطية فى مسلسل «الحب وأشياء أخرى»، تراه الفتى الوسيم الذى يجيد الأدوار الرومانسية، فيبهرك حين يبدع فى أدوار الصعيدى والفلاح، فى رائعة «خالتى صفية والدير»، ودوره الخالد «رفيع بك العزايزى» فى مسلسل «الضوء الشارد»، تراه مبدعا فى الأدوار الجادة فيبهرك بأدائه الكوميدى وهو يؤدى دور رامى قشوع، فى فيلم «بطل من ورق»، بل تراه ينتنوع فى أدائه، حتى فى الدور الواحد ويكفيك أن ترى تطور شخصية على البدرى فى الملحمة الدرامية «ليالى الحلمية»، لتتأكد أنك أمام فنان يستطيع إبهار المشاهد دائما وأن يفاجئه بما لا يتوقعه، حتى أنه أجاد فى الأعمال الاستعراضية حين قدم فيلم «سمع هس» وشارك فى إنتاجه، تدرك أن هذا الموهوب كان فى جعبته الكثير من المواهب والإمكانيات التى لم يفصح عنها جميعا، حتى صدمت وفاته الجميع وأحزنتهم.
ممدوح عبدالعليم الذى أبدع فى أدوار «الرومانسى، والبرىء، والصعلوك، والضابط، والرئيس، والصعيدى، والفلاح» وفى الأدوار التاريخية، ومنها طارق بن زياد، وذو النون المصرى.
وأثرى السينما بالعديد من الأفلام التى وصل عددها إلى 40 فيلما حاز عنها عشرات الجوائز، ومنها: «رومانتيكا، وسمع هس، وكتيبة الإعدام، والبرىء، والحرافيش، والحب المر»، ورغم تألقه ابتعد عنها، حين لم يجد ما يقنعه، ويليق به، فاتجه للدراما التليفزيونية التى قدم فيها أروع الأعمال.
شارك العمالقة فى بدايته، وكان جديرا للوقوف أمامهم، فوقف أمام أحمد زكى، ونور الشريف، ويحيى الفخرانى، ومحمود ياسين، ومحمود عبدالعزيز، وحاز احترامهم جميعا، وقدروا موهبته.
وفى ذكرى وفاة الموهوب المحترم ممدوح عبدالعليم، الذى قضى أغلب سنواته عمره القصير يبدع ويثرى الفن، تحدثنا مع زوجته الإعلامية شافكى المنيرى.
تحدثت شافكى المنيرى عن زوجها الراحل وكأنه لم يرحل، وكأنه يعيش معها ومع ابنتهما الوحيدة «هنا» التى رآها ممدوح عبدالعليم وحلم بها قبل مولدها بـ3 سنوات، وكشف ذلك فى حوار قبل وفاته، وكأن الأب الشاب أيقن أنه سيترك ابنته مبكرا، فأراد أن يعيش معها حتى قبل مولدها، ونشرت الزوجة بعد رحيل زوجها وحبيبها كتابا كشفت خلاله العديد من الجوانب التى لا يعرفها عنه أحد، خاصة الجانب الإنسانى، وتفاصيل حياتها معه، وشخصيته، بعنوان «أيام فى بيت المحترم»
سيرة المحترم
«الكلام عن ممدوح لا ينتهى، لأنه على بالى وفى حياتى دائما، رغم مرور 5 سنوات على وفاته»، هكذا بدأت الزوجة الوفية حديثها لـ«اليوم السابع» عن زوجها الراحل.
وتابعت: «ممدوح كان مهتما أن يترك سيرة طيبة، وأن تكون صفة المحترم ملتصقة باسمه، واستطاع أن يكسب حب واحترام الجمهور فى حياته وبعد مماته، لذلك كان حريصا على رسالته الفنية، فخرج من الدنيا بسيرة طيبة ورسالة وأعمال محترمة، وكان فى حتة لوحده بين أبناء جيله».
«فى حياته الحقيقية يشبه تماما شخصية رفيع بيه العزايزى، فى مسلسل الضوء الشارد، الذى كان فاتحة خير عليه، بأخلاقه والتزامه وهيبته وصفاته وحسمه».
تتحدث شافكى المنيرى عن مسيرة عطاء الراحل الموهوب قائلة: «ممدوح بدأ حياته الفنية من سن 8 سنوات عندما شارك فى مسلسل الجنة العذراء، مع كريمة مختار، وإخراج نور الدمرداش، حتى آخر أعماله وهو مسلسل السيدة الأولى، أى أنه أعطى عمره فى الفن 50 عاما بين التليفزيون والسينما والمسرح، وكان يحرص على أن يختار أعماله جيدا».
تؤكد الزوجة المُحبة، أن زوجها الموهوب كان يرفض العديد من الأعمال التى يراها لا تناسبه، وتفسر ذلك قائلة: «كان بيختار كويس، وكلما نضج كان يرفض العديد من الأعمال التى لا يجد نفسه فيها، هو اختار بمزاجه، اختار إنه يعتذر عن أدوار، وألا يظهر فى العديد من البرامج، خاصة التى تدفع أموالا كثيرة مقابل استضافة النجوم، لأنه كان يرى أنه فنان يظهر حين يكون لديه ما يقوله للجمهور، حتى أنه اتعرض عليه أن يقدم برنامجا بعد ثورة يناير، ولكنه رفض، وقال أنا مش مذيع».
تؤكد الإعلامية شافكى المنيرى، أن الفنان ممدوح عبدالعليم رفض الحصول على أى مقابل مادى عندما ظهر فى عدد من البرامج التى تدفع للفنانين قائلة: «أتحدى حد يقول إنه خد أى فلوس مقابل استضافته فى أى برنامج».
المشوار السينمائى
تشير «المنيرى» إلى أسباب ابتعاده عن السينما، رغم تألقه فيها، وتقديمه عددا من أهم الأفلام وحصوله على العديد من الجوائز: «ممدوح توقف عن السينما لما حس إنها مش شبهه، بعد أن قدم 40 فيلما، واعتذر عن العديد من الأعمال واتجه للدراما التليفزيونية»،
وتكشف أن الفنان الراحل اعتذر عن المشاركة فى فيلم «يوم للستات»، وقال: «مش شايف نفسى فى الدور، وأرى إن الفنان فاروق الفيشاوى الأنسب لأدائه».
«كان صاحب مبدأ وكان لا يرضى عن فكرة المبالغة فى أجور النجوم، ولم يكن يتقاضى أجرا مرتفعا، ولا تهمه مساحة الدور بقدر أن يكون دورا مؤثرا، وكلما نضج أكثر، كان يرفض أعمالا أكثر ويدقق فى اخياراته، لذلك كانت أعماله كلها علامات فى تاريخ السينما والدراما، وكان مثقفا وقارئا جيدا ومتابعا للسينما العالمية والمسرح الإنجليزى».
«كان بيحب دوره فى فيلم «البرىء» جدا، لأنه كان يراه دورا عميقا، ومش لازم الدور يكون كبيرا، كان ممكن يكتفى بأنه يظهر فى مشاهد قليلة لو كان الدور مؤثرا، ودوره فى فيلم «البرئ» كان محوريا، وبيشارك نجوم كبار زى محمود عبدالعزيز، وأحمد زكى».
تتحدث عن مشاركته وإنتاجه لفيلم استعراضى وهو فيلم «سمع هس»، قائلة: «ممدوح كان معجون فن، ومتعدد المواهب منذ طفولته بيغنى ويرقص ويلعب بيانو، ورياضى يمارس العديد من الرياضات ومنها التنس والإسكواش، وكانت لديه لياقة بدنية عالية وكل هذه المواهب تساعد الفنان، وساعدته على تقديم فيلم استعراضى لأنه كان بيحلم إن جيله يقدم سينما مختلفة».
أما المسرح، فأشارت «المنيرى» إلى أن زوجها الراحل قام ببطولة عدد قليل من المسرحيات، منها مسرحيتان شعريتان، الأولى «بالأحضان» التى كتبها صلاح جاهين، وسافر بها إلى محافظات الصعيد وقت أحداث الكشح، ولم يتقاض عنها أى أجر، ومسرحية أخرى لفؤاد حداد.
وعن أحب أعماله إليه، أوضحت أن الفنان ممدوح عبدالعليم، لم يكن يحب مشاهدة أعماله، ولكن كانت أحبها إلى نفسه مسلسلات: «الضوء الشارد، وخالتى صفية والدير، وحكايات مجنونة، وليالى الحلمية، وشط إسكندرية، والشراقى، والحب وأشياء أخرى»، مؤكدة أنه كان يتمنى أن يقوم ببطولة مسلسل عن رواية «واحة الغروب»، وتحدث مع الكاتب بهاء طاهر لأن الرواية أعجبته، وتمنى تقديمها فى عمل فنى، قائلة : «ممدوح كان قارئا جيدا ومتابعا».
الحبيب صاحب المبادئ وابن الأصول
تتحدث عن الجانب العائلى فى حياة ممدوح عبدالعليم، موضحة أنه ينتمى لعائلة من أعيان محافظة المنوفية، وتولت العمودية، وكان عمه سفيرا بالأمم المتحدة، ووالده رجل أعمال ومثقف ومحب للفنون، وأخوته أطباء ومهندسون، ومنهم من حصل على دكتوراه فى الاقتصاد، وممدوح هو الوحيد الذى اتجه للفن».
وبحب تتحدث عن صفات زوجها الراحل: «كان بارا جدا بأهله ووالده ووالدته، ولم يكن يشغله عنهما أى شىء مهما تعددت انشغالاته الفنية، ورغم رحيلهما قبل وفاته بثلاث سنوات ظل مداوما على زيارة قبرهما وبرهما بعد وفاتهما».
تنتقل إلى الحديث عن لقائها الأول به فى لندن، أثناء تصوير مسلسل «ليالى الحلمية» قائلة: «عمرى ما كنت أتخيل أن أتزوج فنانا، لأن حياة الفنان مليئة بالصخب والأضواء، ولكن عندما قابلته لأول مرة حسيت إن فى حاجة هتجمعنا من أول سلام بيننا».
« كان لقاؤنا الأول يوافق عيد الفطر، وكنت أقيم فى لندن مع أسرتى، ورأيته إنسانا مختلفا، وتبادلنا أرقام التليفونات».
تضحك وهى تتذكر هذه الفترة، قائلة: «رجع مصر لكن كنا بنتكلم، كنا أول اتنين حبينا بعض على الموبايل، ووقتها كان الموبايل لسه اختراع جديد».
تتحدث عن صفاته: «ممدوح كان هادئا جدا، وقليل الكلام ومنظما جدا، وفى نفس الوقت دمه خفيف وكوميدى».
سألناها عما روجه البعض فى حياته من أنه كان منعزلا، فأجابت: «ممدوح كان فى لقاء مع محمود سعد، وقال له إن البعض يشير إلى أنه منعزل، فانفعل ممدوح، وقال يعنى أنا منعزل علشان مابتشوفنيش فى مهرجانات، أو مابتشوفنيش فى المجتمع اللى انت عاوز تشوفنى فيه، أنا راجل عايش حياتى الطبيعية وسط الناس».
وأوضحت: «ممدوح لما توقف عن السينما، ماكانش بيروح المهرجانات، لأنه ماكانش بيحب يروح مكان مالوش فيه، وكان بيشارك لما بيكون له أفلام، وحصل على العديد من الجوائز، وكان رياضيا، ويتابع كل أنشطة وتدريبات ابنتنا هنا، وكل تفصيلة خاصة بها، كما كان يرعى والده ووالدته، وله صداقات كتير فى الوسط الفنى».
أصدقاء رفيع بيه
تتحدث عن علاقات الفنان الراحل بالوسط الفنى. سواء من جيله أو الجيل الأكبر قائلة: «هشام سليم حبيبه وأخوه، لدرجة إنا لما بيشوفنى ينادينى مرات أخويا، وصداقتهما كانت قوية جدا، وكان كتير يرشحوا بعض فى الأعمال، ولما يعتذر أحدهما عن عمل لا يقوم به الآخر إلا بعد أن يستأذن صديقه، كما جمعته علاقة قوية بالفنان محمد رياض، وجمعتهم الثلاثة أعمال قوية، وكذلك النجمات اللاتى شاركنه العديد من الأعمال، ومنهن ليلى علوى، وإلهام شاهين وصابرين، وهالة صدقى، وآثار الحكيم».
أما عن علاقته بالجيل الأكبر، فأضافت قائلة: «ممدوح كانت له مكانة خاصة مع الجيل الأكبر منه، وجمعته بهم علاقة حب واحترام، وكان الفنان يحيى الفخرانى حبيبه، وقريبا منه بشكل كبير، حيث شاركه ممدوح العديد من الأعمال على مدى تاريخه الفنى وأهمها ليالى الحلمية، وعندما ارتبطنا، وعلم الفخرانى، قال إنه كان يجب أن يكون مع ممدوح وهو يخطبنى لأنه والده، وكان ممدوح ينادى نور الشريف وصلاح السعدنى ومحمود ياسين بلقب الخال من شدة حبه واحترامه لهم، وعندما أنتج الفنان فاروق الفيشاوى فيلم مشوار عمر، أسند دور البطولة لممدوح مع مديحة كامل، أما الفنان أحمد زكى، فقد حضر العرض الخاص بفيلم رومانتيكا، الذى حصل ممدوح على 10 جوائز عن دوره فيه».
التكريم يليق به
بحزن تقول الزوجة المحبة الوفية: «أنا حزينة وموجوعة وزعلانة من المهرجانات الفنية، معقولة مع كل العطاء الفنى لممدوح عبدالعليم لا يتم تكريمه بعد وفاته من أى مهرجان، لا القاهرة السينمائى ولا مهرجان الإسكندرية اللى أخد منه فى حياته 10 جوائز عن فيلم رومانتيكا، ولا مهرجان الأقصر اللى كان بيدعمه دايما حتى فى أصعب الظروف»، وتقول بحسرة: «ممدوح عبدالعليم اسم يليق به التكريم».
وتابعت: «أشكر المركز الكاثوليكى لأنه كان أولى الهيئات التى كرمت اسم ممدوح عبدالعليم بعد رحيله، وجمعية أصدقاء الفنانين، لكن كان يجب تكريم اسمه من المهرجانات الكبرى، لأنه أعطى الفن منذ أن كان عمره 8 سنوات وحتى وفاته».
وتؤكد الإعلامية شافكى المنيرى، أن من بين الأشياء التى خففت عنها، قيام وزارة الثقافة بتعليق لافتة «عاش هنا» على منزلهما الذى عاش فيه الفنان ممدوح عبدالعليم، تزامنا مع ذكرى وفاته الخامسة، وبنجاح الكتاب الذى أصدرته عنه ونفاد طبعاته الثلاث، مؤكدة أنه صدقة جارية على روح زوجها الراحل.
وأشارت «المنيرى»، إلى أن الفنان الراحل ممدوح عبدالعليم أصابته حالة من الحزن بعد ثورة يناير، وما تلتها من أحداث، قائلة: «كان موجوعا وقلقا جدا على مصر، وتوقف فترة عن العمل، واعتذر عن أعمال كتير، وكان يبكى من قلبه مع الأحداث الصعبة التى شهدتها مصر».