لا تزال تداعيات أحداث اقتحام الكونجرس على يد مجموعة من أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب تلقى بظلالها على الولايات المتحدة، وسط دعوات متزايدة من السياسيين الديمقراطيين وبعض الجمهوريين لعزل ترامب أو الإطاحة به من السلطة، ومحاولة من الأخير لتهدئة الوضع بدعوة للمصالحة وتعهد بانتقال سلس ومنظم للإدارة الجديدة فى 20 يناير.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إنه مع تبقى أقل من أسبوعين على أداء الرئيس المنتخب جو بايدن اليمين الدستورية، بدا أمس أن الأمور خرجت عن السيطرة بالنسبة لإدارة ترامب. ففى غضون 24 ساعة، انعقد الكونجرس مرة أخرى بعد أن تم اقتحام مبنى الكابيتول من قبل حشد مؤيد لترامب، وصدق المجلس التشريعى رسميا على انتصار بايدن رغم اعتراض أكثر من 100 مشرع جمهورى ، ووجد الكونجرس نفسه على مقربة من محاكمة عزل ثانية لترامب.
حيث أعربت مجموعة متزايدة من المشرعين، ومنهم جمهورى واحد على الأقل، عن دعمها لتجريد ترامب من سلطته بموجب التعديل الخامس والعشرين للدستور الأمريكى، حتى عندما قيل إن نائب الرئيس مايك بنس، الذى سيتعين عليه قيادة هذه العملية، يعارض الفكرة.
ودعا كبار الديمقراطيين إلى الإطاحة فورا بترامب، وطالبت نانسى بيلوسى والسيناتور وزعيم الأقلية بمجلس الشيوخ تشاك شومر، نائب الرئيس مايك بنس باستخدام التعديل الخامس والعشرين، الذى يسمح له وللحكومة بتولى صلاحيات الرئاسة من ترامب. وقالا إنه لو رفض بنس التحرك، فإن الديمقراطيين مستعدون لعزل ترامب. وقالت بيلوسى إنه على الرغم من تبقى 13 يوم فقط، فإن أي يوم يمكن أن يكون مرعب لأمريكا، ووصفت أفعال ترامب يوم الأربعاء بالفتنة.
وفى مجلس الشيوخ، تضاءل عدد الجمهوريين المدافعين عن ترامب علنا، وقال الناب أدم كينسينجر، أن يدعم استخدام التعديل الـ 25 للدستور، فيما قال نائب آخر وهو ستيف ستيفيرز إنه لا يعارض الخطوة لو قرر أعضاء المجلس المضى قدما فيها.
كما أعلن عددا من كبار مسئولى الإدارة الحالية استقالتهم، بينهم وزيرة التعليم بيتسى ديفوس ووزيرة النقل إيلان كاو، فى خطوة متأخرة ورمزية من قبل من وقفوا بجانب ترامب حتى رغم ترويجه لمزاعم لا أساس لها بشان تزوير الانتخابات ورفضه مرارا قبول خسارته، بحسب الصحيفة.
وفى البيت الأبيض، قالت المتحدثة كيلى ماكنانى، إن البيت الأبيض بأكمله يدين العنف، وتحدثت لدقيقتين فقط ولم تتلقى أسئلة من الصحفيين، ولم تذكر اسم الرئيس أو خطابه الذى كان سببا فى إشعال العنف فى الكابيتول.
من جانبه، نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقطع فيديو جديد عبر فيه عن غضبه إزاء أعمال العنف والفوضى التى شهدها مقر الكونجرس. وبعد حظر وسائل التواصل الاجتماعى لحسابات ترامب عقب أحداث 6 يناير، قال ترامب إن المحتجين "دنسوا مقر الديمقراطية الأمريكية"، مؤكدا على أنه "ساخط" إزاء الهجوم.
وأضاف أن العواطف كانت فى ذروتها بسبب الانتخابات، وأن الوقت قد حان الآن لاستعادة الهدوء .ودعا ترامب إلى "المصالحة"، وقال إن الوقت قد حان كى يعمل الأمريكيون معا لهزيمة الوباء وإنعاش الاقتصاد.
كما أكد أنه ستكون هناك إدارة جديدة في العشرين من الشهر الجاري، قائلا إنه سيعمل على "انتقال منظم وسلس للسلطة".
من ناحية أخرى، قدم أعلى ثلاثة مسئولون أمنيون فى الكابيتول استقالتهم بعد يوم من أحداث اقتحام الكونجرس. وأعلنت رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى فى مؤتمرها الصحفى الأسبوعى استقالة بول إيرفينج، مسئول الأمن بالمجلس من منصبه، وقال السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية، إنه قبل استقالة مايكل ستينجر، مسئول الأمن بمجلس الشيوخ. كما يغادر ستفين ساند، مسئول شرطة الكونجرس منصبه فى 16 يناير بعدما دعت بيلوسى لاستقالته، وقال إن ساند لم يهاتفهم حتى منذ وقوع الأحداث.
وقال ساند فى خطاب الاستقالة، إنه سيستخدم فترته المتبقية من الإجازة المرضية مدفوعة الأجر، وهى 55 يوما، بعد ترك منصبه الحالى.
وفى سياق آخر، قالت وكالة بلومبرج الأمريكية إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يعد قائمة كاسحة للأفراد الذين يأمل أن يصدر عفوا عنهم فى الأيام الأخيرة من رئاسته، والتى تشمل كبار الموظفين فى البيت الأبيض وأفراد من عائلته، وربما نفسه، بحسب ما ذكرت مصادر مطلعة على الأمر.
وأوضحت المصادر أن ترامب يأمل أن يصدر العفو فى 19 يناير، وهو آخر يوم عمل كامل له فى المنصب، ويقوم بمراجعة أفكاره حاليا كبار المستشارين ومكتب المستشار القانونى للبيت الأبيض، وفقا للمصادر.
وأوضحت بلومبرج أن السؤال الأهم الذى يواجه الفريق القانونى لترامب ربما يكون ما إذا كان الأخير يملك سلطة العفو عن نفسه، وهو الأمر الذى تناقش فيه مع كبار مساعديه فى الأسابيع الأخيرة، بحسب المصادر. وسبق أن زعم ترامب أن لديه السلطة لتحقيق ذلك، وإن كان هذا الأمر محل نزاع قانونى ولم يحاول أى رئيس من قبل القيام به.