حقوق الشراء والبيع من المشكلات التي يواجهها المستهلكون في مصر، فعلى الرغم من صدور قانون جديد لحماية المستهلك وتبعه إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، فإن كثيرا من المشكلات لا تزال تواجه المواطنين، وخصوصا في عمليات شراء الأجهزة المنزلية أو ما يعرف بـ"السلع المعمرة"، خلال فترات الأوكازيون.
ويتم من خلال سوق البيع والشراء وعلى رأسها شبكة الإنترنت إبرام الكثير من العقود يوميًا، وقد يتم إبرام المئات منها خلال لحظاتٍ؛ بسبب لجوء البائع إلى عرض سلعه وبضائعه، لأجل بيعها عبر الإنترنت، كما يلجأ المشتري إلى شراء ما يرغب من سلع وبضائعٍ عبر الإنترنت؛ وذلك إما لأنهما يرجحان سرعة التعاقد الإلكتروني عبر الإنترنت، أو لأن المشتري يبحث عن ضمان جيد للسلعة، أو لأن المشترى يبحث عن السلع النادرة ليحصل عليها بسعر منخفضٍ نسبيًا، أو لأجل حصوله على السلع النادرة من السوق الإلكترونية بسهولة أكثر نسبيًا.
هل القانون ضمن حماية السلع المستعملة؟
في التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على الضمانات القانونية التي يقدمها بائع أو مورد السلعة للمستهلك المصرى، والفرق بين ضمان مطابقة المبيع للمواصفات وضمان العيوب الخفية، وهل يمتد الضمان للمنتجات أو السلع المستعملة، وذلك في الوقت الذى تجرى المادة 22 فى قانون حماية المستهلك المصرى 181 لسنة 2018 على أنه: " يلتزم المورد بضمان السلع المعمرة ضد عيوب الصناعة لمدة عامين على الأقل من تاريخ استلام المستهلك للسلعة، وذلك مع عدم الإخلال بأي ضمانات أو شروط قانونية أو اتفاقية أفضل للمستهلك" – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض محسن جمال .
في البداية - يصدر رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الصناعة، قرارا بتحديد السلع المعمرة وفقا للمعايير التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وفي حالة المنتجات التي تحتاج إلى تركيب أو تشغيل من جانب المورد تحسب مدة الضمان من تاريخ التركيب أو التشغيل الفعلي، بحد أقصى شهران من تاريخ استلام المستهلك للمنتج، ويجب أن يسلم المورد إلى المستهلك إيصالا مبينا به تاريخ التشغيل الفعلي" – وفقا لـ"جمال".
واستحدث هذا القانون الخاص بحماية المستهلك حقوقا وقواعد قانونية تهدف إلى حماية الطرف الضعيف في العقد نظرا لانعدام التوازن في عقود الاستهلاك التي تربط بين المستهلك والتاجر أو المورد، من بين هذه الحقوق الحق في الضمان القانوني للعيوب أو ضمان مطابقة المبيع للمواصفات المتطلبة فيه.
أنواع الضمانات:
أولا: الضمان القانوني للعيوب أو ضمان مطابقة المبيع للمواصفات
هو ضمان يمنحه القانون للمستهلك ويطبق في جميع الأحوال، ولا يجوز تضمين شرط في العقد ينص على إلغائه أو الحد من مدته أو مفعوله، كما أنه حق مجاني لا يجوز للبائع أن يلزم المستهلك بأداء مبلغ مالي إضافي مقابل الاستفادة منه، ويجب على المورد قبل إبرام العقد، إبلاغ المستهلك بوجود هذا الضمان القانوني لمدة عامين، كما يجب أن تحدد في شروطها العامة للبيع شروط تنفيذها ومحتواها، وفي حالة عدم الحصول على شهادة الضمان أو ضياعها يحق للمستهلك المطالبة بتطبيق الضمان القانوني عن طريق تقديم عقد البيع أو فاتورة الشراء أو أي وثيقة أخرى مماثلة – الكلام لـ"جمال".
تطبيقات عملية
ومن الناحية العملية، على سبيل المثال، إذا كان المشتري قد تسلم شهادة ضمان مدتها عام واحد في حين أن القانون ينص على مدة عامين كقانون حماية المستهلك المصري، فبعد مرور العام الأول يظل المشتري محميا بالضمان القانوني إلى حين انصرام مدة عامين من تاريخ تسلم المنتج ولا يحق للبائع أو الصانع أن يرفض تفعيل الضمان بعلة انصرام مدة الضمان الواردة في شهادة الضمان أو العقد.
وفي مثال آخر إذا كان المشتري قد تسلم شهادة ضمان مدتها ثلاث سنوات في حين أن القانون ينص على ضمان مدته سنتين، فهنا تكون للضمان الاتفاقي قيمة، فبعد مرور مدة العامين يستفيد المشتري من الضمان الاتفاقي الإضافي الذي يمنحه الصانع أو المورد إلى حين انتهاء مدة 3 سنوات من تاريخ تسلم المنتوج، إذن من الأفضل أن يكون المشتري على علم بمدة الضمان القانوني في بلده عند اقتنائه جهازا الكترونيا، وأن يطالب البائع بمنحه شهادة ضمان بمدة أطول من مدة الضمان القانوني أو على الأقل بنفس المدة لأنه في الأصل لا يجوز للتاجر أن يمنح المستهلك ضمانا أقل من الضمان القانوني.
ثانيا: الضمان الاتفاقي أو الإضافي:
وهو الضمان الاختياري الذى يمكن للبائع أو الصانع أن يمنحه للمشتري كما يجوز أن يتم البيع بدونه، وعمليا لا تكون له قيمة إلا إذا كانت مدته تفوق مدة الضمان القانوني، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون بمقابل مادي أي يمكن رفع الثمن بناء على مدة الضمان الإتفاقى التي تفوق تلك المحددة في القانون، وتُلزم أغلب القوانين بأن يكون كتابة وأن تحدد بدقة مدته ونطاقه وشروطه، وتنص بعضها صراحة على أن مصاريف النقل والإرسال المترتبة عن تنفيذه يتحملها المورد.
ثالثا: ضمان العيوب الخفية فى المنتج
وهو الضمان الى رتبه القانون المدنى للمستهلك فى المواد 447 إلى 455 كانت ولازالت القوانين تنص في شقها المتعلق بالقانون المدني على ضمان العيوب الخفية، ويقصد بضمان العيوب الخفية، وجوب قيام البائع بتسليم المشتري الشيء المبيع خالياَ من العيوب التي تقلل من قيمته أو من نفعه، حيث يهدف المشتري بموجب عقد البيع أن ينتفع بالمبيع بصورة مفيدة، وهذا يلقي على عاتق البائع التزاماَ بضمان العيوب الخفية التي تنقص من قيمة المبيع أو نفعه، وتجعله غير صالح لتحقيق الانتفاع المقصود منه .
الفرق بين ضمان مطابقة المبيع للمواصفات وضمان العيوب الخفية:
1- كلاهما يعدان ضمانا قانونيا أي منصوص عليهما في القانون، إلا أن ضمان العيوب الخفية لا يضمن إلا العيوب الخفية دون العيوب الظاهرة التي يمكن للبائع اكتشافها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، على عكس ضمان الصلاحية أو ضمان المطابقة الذي يلتزم فيه البائع بضمان العيوب سواء كانت ظاهرة أو خفية.
2- كما أن العيب في ضمان العيوب الخفية يشترط فيه أن يكون قديما أي قبل إبرام عقد البيع، وهو شرط غير موجود في الضمان المنصوص عليه في قانون حماية المستهلك، فمجرد وجود عيب بالمنتوج سواء قبل إبرام عقد البيع أو بعده يعتبر مبررا لمطالبة المستهلك بتنفيذ الضمان بشرط أن لا يكون هو المتسبب فيه.
3- ومن حيث عبء الإثبات ففي ضمان العيوب الخفية يكون عبء الإثبات على عاتق المشتري الذي يُلزَم بإثبات أن العيب كان موجودا قبل البيع، في حين يكون هذا العبء على عاتق البائع في الضمان القانوني للعيوب أو ضمان مطابقة المبيع للمواصفات، بالتالي فعلى البائع أن يثبت أن العيب لم يكن موجودا بالجهاز عند البيع.
4- كما أنه تحتسب مدة ضمان العيوب الخفية من تاريخ إبرام عقد البيع في حين تحتسب مدة ضمان مطابقة المبيع للمواصفات المتفق عليها أو المشار إليها من طرف الصانع من تاريخ تسليم المنتج للمشتري.
5- يختلف ضمان العيوب الخفية المنصوص عليه في إطار قواعد القانون المدني، عن الضمان الاتفاقي أو الإضافي فى حين أن أنواع الضمان الثلاثة المذكورة تهدف كلها إلى ضمان عيوب السلعة أو المنتج.
رأى محكمة النقض في حماية السلع المستعملة
وعن إشكالية السلع المستعملة ومدى جريان الضمان عليها من عدمه، فقد تصدت محكمة النقض لتلك الإشكالية في الطعن المقيد برقم الطعن رقم 22130 لسنة 88 قضائية، حيث أكدت على خضوع السلع المستعملة لأحكام قانون حماية المستهلك، واعتبار البائع في حكم المورد؛ ما يلزم خضوعه لأحكام القانون، وهو الحكم الذي أقرته هيئة المحكمة كمبدأ قانوني جديد بعد أن أدانة بائع أمتنع عن استرجاع سلعة معيبة أو إبدالها، مؤكدة خضوعه للقانون "أيًا كانت صفته".
وتعود تفاصيل الواقعة وفقا لأوراق القضية، عندما صدر حكم جنائي ضد بائع سيارة مستعملة لمستهلك، لإدانته بجريمة مخالفة الالتزام الواقع عليه بصفته "مورد" بامتناعه عن استرجاع سلعة معيبة أو إبدالها بناء على طلب المشتري، وهو الحكم الذي لم يلق قبوله ليطعن أمام النقض، وادعى البائع أمام النقض بأن حكم إدانته أغفل ما نصت عليه المادة الثامنة من قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنة 2006 بشأن المدة المحددة للمستهلك لإرجاع أو استبدال السلعة المعيبة، وأن قانون حماية المستهلك لا يسري على الواقعة، لكون السيارة محل الجريمة مستعملة، فضلا عن إيراد الحكم على خلاف الثابت بالأوراق أنه مورد رغم أنه مجرد بائع، ما يستوجب إلغاء الحكم، وهو ما رفضته المحكمة ليصبح حكمها نهائيا وباتا.
قانون حماية المستهلك يسري على السلع المستعملة
وقالت المحكمة في حكمها، إن المادة 1 من قانون حماية المستهلك - في تعريفها للمنتجات - أنها السلع والخدمات المقدمة من أشخاص القانون العام والخاص، وأنها تشمل السلع المستعملة التي يتم التعاقد عليها من خلال مورد، مشددة على أن السيارة محل الاتهام تخضع للقانون.
ووفقا لـ"المحكمة" - أن بائع السلعة المستعملة يخضع لأحكام القانون أيًا كانت الصفة التي يخلعها على نفسه سوءا كان موردا أو بائعا، موضحة أن المادة الأولى من قانون حماية المستهلك قد عرفت المورد بأنه كل شخص يقوم بتقديم خدمة أو بإنتاج أو استيراد أو توزيع أو عرض أو تداول أو الاتجار في أحد المنتجات أو التعامل عليها وذلك بهدف تقديمها إلى المستهلك أو التعاقد أو التعامل معه عليها بأية طريقة من الطرق.