حالة من الغضب تسود دوائر الولايات المتحدة السياسية بعد يومين من اقتحام مبني الكونجرس من قبل أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واعتباره "المحرض الرئيسي" بحسب وسائل إعلام أمريكية وساسة من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس المنتخب جو بايدن.
وفي الوقت الذي تسود فيه تحركات لعزل ترامب من منصبه بعد ليلة الاشتباكات التي شهدها الكونجرس الأمريكي والتي خلفت 5 قتلي وعشرات المصابين، أعلن ترامب مقاطعة حفل تنصيب الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن.
وتعهد دونالد ترامب فى تغريدة على "تويتر"، الجمعة، بمواصلة دعم أنصاره وأن يكون لهم "دور كبير" بعد يوم من نشره مقطع فيديو يعد فيه بانتقال سلس للسلطة، إثر إقرار الكونجرس رسميا فوز جو بايدن بانتخابات الرئاسة رغم اقتحام عدد من أنصار ترامب لمبنى الكابيتول.
وكتب ترامب على تويتر "قائلا"، إن "نحو 75 مليون شخص ممن أدلوا له بأصواتهم سيكون لهم دور كبير في المستقبل ولفترة طويلة. لن يتعرضوا للازدراء أو يعاملوا بطريقة ظالمة بأي شكل من الأشكال أو بأي طريقة" دون أن يفصح عن أى تفاصيل أخرى.
وبحسب تقرير نشرته "بي بي إس"، الأمريكية يناقش الديمقراطيين سبل عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يتبقي في ولايته 12 يوماً ، تفصل الأمريكيين عن حفل التنصيب الذي يحل 20 يناير، وتبدأ معه ولاية جو بايدن رسمياً.
ومن المقرر أن يعقد أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين اجتماعًا حزبيا، وهو الأول منذ الأحداث يوم الأربعاء في مبنى الكابيتول، وناقشت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي احتمال مساءلة ترامب وعزله مع فريقها، بعد ساعات من إعلانها أن مجلس النواب كان على استعداد للتصرف إذا لم يطالب نائب الرئيس مايك بنس والمسؤولون الآخرون بالمادة 4 من التعديل الخامس والعشرين – والتي تقضي بالإزالة القسرية لترامب من السلطة من قبل حكومته الخاصة.
وعلى الرغم من أن ترامب لديه أقل من أسبوعين في منصبه، إلا أن المشرعين وحتى البعض في إدارته بدأوا مناقشة خيارات إقالته بعد ظهر الأربعاء، حيث شجع ترامب حشد مؤيديه فى البداية على السير في مبنى الكابيتول، ثم رفض إدانة الاعتداء العنيف بقوة وبدا أنه يبرره.
وقالت النائبة كاثرين كلارك، وهي عضو في القيادة الديمقراطية في مجلس النواب ، إن التحركات الإجرائية قد تسمح لهم بالتحرك بشكل أسرع بكثير مما فعلوه في محاكمة ترامب العام الماضي.
ودعت بيلوسي والزعيم الديمقراطي في مجلس الشيوخ ، تشاك شومر، حكومة ترامب إلى استدعاء التعديل الخامس والعشرين للدستور لإجبار ترامب على ترك منصبه قبل تنصيب بايدن في 20 يناير متحديه العديد من أعضاء مجلس الوزراء بالاسم ، بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الخزانة ستيف منوشين.
وسألت بيلوسي: "هل يقفون إلى جانب هذه الأعمال؟ هل هم مستعدون للقول إن هذا الرجل الخطير لن يلحق المزيد من الضرر ببلدنا خلال الـ 13 يومًا القادمة؟ ..هل تضمنون ذلك؟"
وألقى معظم الديمقراطيين والعديد من الجمهوريين اللوم مباشرة على ترامب بعد أن اقتحم مئات المحتجين الذين يحملون أعلام ترامب وملابسه مبنى الكابيتول يوم الأربعاء، وتسببوا فى دمار وعمليات إجلاء جماعية، وكان الرئيس قد حث أنصاره على الاحتجاج حيث كان الكونجرس يعد الأصوات الانتخابية التي أكدت فوز جو بايدن.
في المقابل، قال السناتور الأمريكى الجمهورى بن ساس، إنه لا يمانع بحث مواد المساءلة بحق ترامب بعدما حث الرئيس مؤيديه على الزحف إلى مبنى الكونجرس، حيث وقعت أعمال شغب أسفرت عن مقتل خمسة، وقال فى مقابلة مع سي.بي.إس نيوز "فى مجلس النواب، إذا اجتمعوا وشرعوا فى عملية. سأدرس بالتأكيد أى المواد التى يمكنهم استخدامها لأنني، وكما وصلني، أرى أن الرئيس لم يحترم القسم الذى أداه".
بدوره، أكد آدم شيف، رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب الأمريكى، أن بقاء ترامب كل يوم فى منصبه يعتبر أكبر خطر على الولايات المتحدة، لافتًا إلى أنه يجب أن يترك منصبه ويستقيل، وغرد شيف على حسابه بموقع "تويتر"، قائلا: "أشعل دونالد ترامب الفتيل الذى انفجر فى مبنى الكابيتول. كل يوم يبقى فيه فى المنصب يشكل خطرا على الجمهورية".
وشدد آدم شيف، رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب الأمريكي، على ضرورة استقالة ترامب من منصبه أو تفعيل التعديل 25 من الدستور، قائلا: "يجب أن يترك ترامب منصبه على الفور ، من خلال الاستقالة ، التعديل الخامس والعشرين".
وبموجب الدستور الأمريكي، يتم عزل الرئيس استناداً للتعديل الخامس والعشرين ، وهي مادة تم التصديق عليها عام 1967 وتم اعتمادها في أعقاب اغتيال جون إف كينيدي عام 1963 ، ويتناول سحب سلطات الرئيس والذى يحتوى على القسم 4 ويعالج المواقف التى يكون فيها الرئيس غير قادر على القيام بالمهمة لكنه لا يتنحى طواعية.
ويقول خبراء قانونيون إن واضعي التعديل الخامس والعشرين يقصدون بوضوح تطبيقه عندما يكون الرئيس عاجزًا بسبب مرض جسدي أو عقلي. ولكن جادل البعض أيضًا بأنه يمكن أن ينطبق على نطاق أوسع على رئيس غير لائق بشكل خطير للمنصب.
ومن أجل التذرع بالتعديل الخامس والعشرين ، سيحتاج نائب الرئيس مايك بنس وأغلبية أعضاء حكومة ترامب إلى إعلان أن ترامب غير قادر على أداء واجبات الرئاسة وعزله وفي هذا السيناريو ، سيتولى بنس حكم البلاد لحين تنصيب الرئيس المنتخب.
وستكون هناك حاجة إلى أغلبية ثلثي مجلسي الكونجرس لإبقاء ترامب على الهامش. وقال بول كامبوس ، أستاذ القانون الدستوري في جامعة كولورادو ، إن مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون قد يؤجل ببساطة التصويت على النزاع الجوهري حتى تنتهي ولاية ترامب، وأضاف إن التعديل الخامس والعشرين سيكون وسيلة مناسبة لإقالة ترامب من منصبه ، وله ميزة أنه أسرع من المساءل، وقال: "يمكن أن يصبح بنس رئيسًا على الفور ، في حين أن المساءلة والإدانة قد تستغرق بضعة أيام على الأقل".
وإذا وافقت أغلبية بسيطة من أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 على توجيه الاتهامات، والمعروفة باسم "مواد العزل"، تنتقل العملية إلى مجلس الشيوخ، الغرفة العليا، التي تعقد محاكمة لتحديد التهمة التي ستوجه للرئيس، ويتطلب الدستور تصويت ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ لإدانة وعزل الرئيس.
ويذكر أنه فى ديسمبر 2019 عزل مجلس النواب الأمريكي الذي يقوده الديمقراطيون ترامب سابقًا بتهم إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونجرس بسبب جهوده للضغط على أوكرانيا للتحقيق مع بايدن ونجله، وبرأ مجلس الشيوخ الذي يقوده الجمهوريون ترامب في فبراير 2020.