يقيم متحف ريكس معرضاً شاملاً عن البورتريهات الأوروبية لعصر النهضة من المجموعات الدولية اعتباراً من أكتوبر الحالى، ويضم المعرض أكثر من مئة من بعض أشهر أعمال الرسامين مثل هانس هولباين وألبريخت دورر وتيتيان وباولو فيرونيسى، وهناك أعمال مهمة أيضاً وفرتها متاحف فى بازل ولندن ومدريد وواشنطن.
وكان الأباطرة ذو النفوذ والأمراء المسرفون والتجار الأثرياء، يرحبون برسم بورتريهات لهم فى أوائل القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وقال مدير متحف ريكس بأمستردام، تاكو ديبيتس: "لم ترغب أوروبا القوية والثرية فى أن تنسى"، وذلك عند افتتاح معرض "تذكرنى".
بدأت الموجة الأولى من رسم البورتريهات فى أوروبا فى قرابة العام 1470، وكانت هناك رغبة عميقة مشتركة بين الأباطرة والتجار والرسامين وهى ألا يتم نسيانهم بعد وفاتهم، وقال ماتياس أوبل أمين المتحف: "أنه خوف من الزوال"، وأراد الرعاة أن يتم تذكرهم، وأراد الآباء ما يذكرهم بأطفالهم أو بأسرهم.
وكان هناك دائماً رغبات أخرى فى اتجاه اللوحات البورتريه، فلوحة لوجه شخص كانت تعنى أيضاً أن تشع بالسلطة والطموح والثراء والحكمة، وكان الإمبراطور تشارلز الخامس، على سبيل المثال، جعل تيتيان يرسمه ممتطياً لجواد. وجرى رسم ابنه فيليب الثانى مرتدياً درعاً لامعاً من رأسه لقدميه. وكانت الرسالة واضحة هنا يقف حاكمٌ.
وبدء عصر البورتريه فى أوروبا، فى عام 1504م، حين أنهى ليوناردو دافنشى لوحته "الموناليزا"، وأهداها إلى ملك فرنسا فرانسوا الأول، وهى اللوحة التى طالت شهرتها كل من يعرف شيئاً عن ألف باء الفن، وثمة عوامل عديدة تضافرت فى صناعة هذه الشهرة لا مجال هنا لذكرها، لكن العامل الأساسى الذى يقف وراء استحقاقها لشهرتها هو فى كونها أول بورتريه "نفسى" فى تاريخ الفن.
ومع بداية التحولات الاجتماعية العميقة فى أوروبا، والتى تتمثل فى تزايد نفوذ الإقطاعيين المحليين واستقلاليتهم عن الكنيسة والسلطات السياسية المركزية.
فأصبح حصول النبلاء على بورتريهات تمثلهم تعبيراً عن المكانة الرفيعة، والأمر نفسه ينطبق على البرجوازية التى سحبت بساط النفوذ من تحت الإقطاع القديم بدءاً من القرن السابع عشر، وتوجت انتصارها بالثورة الفرنسية عام 1789م، ومن النادر أن نتحدث عن فنان لم يرسم بورتريهاً واحداً مهما كان ميله العام أو اختصاصه. حتى إن عدداً من هؤلاء يدين بشهرته جملة وتفصيلاً إلى فن البورتريه الذى أتقنه، وشكّل به مفصلاً فى تاريخ الفن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة