سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 18أكتوبر 1935.. الأمير فاروق يصل لندن للالتحاق بالتعليم.. والحكومة البريطانية تذلل كل العقبات لضمان سفره إليها تنفيذا لخطتها

الإثنين، 18 أكتوبر 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 18أكتوبر 1935.. الأمير فاروق يصل لندن للالتحاق بالتعليم.. والحكومة البريطانية تذلل كل العقبات لضمان سفره إليها تنفيذا لخطتها الملك فاروق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أبحرت الطرادة الإنجليزية «ديفونشير» بالأمير فاروق ومعيته إلى «بورسعيد» يوم 6 أكتوبر 1935، ومنها استقل الباخرة «ستراشهيرد»، ووصل إلى لندن فى 18 أكتوبر، مثل هذا اليوم 1935، وتم استقباله استقبالا رسميا، ثم انتقل إلى مقر إقامته فى قصر «كنرى هاوس»، حسبما تذكر الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «فاروق وسقوط الملكية فى مصر».
 
كان «فاروق» عمره 15 عاما وثمانية شهور «مواليد 11 فبراير 1920»، وكان سفره لتلقى تعليمه فى البلد الذى يحتل مصر، لأنه سيكون خلفية والده الملك فؤاد، وتكشف «سالم» أن هذه القضية كانت معركة فى حد ذاتها شغلت الحكومة البريطانية.. تذكر: «منذ البداية حاولت بريطانيا أن تقصى أى اتجاه لفؤاد فيما يختص بإضفاء الأسلوب الإيطالى على تعليم فاروق، إذ تعلم كيف نما فؤاد «والده» وترعرع فى إيطاليا، وبالتالى فهى تمثل له النموذج التعليمى الذى يود أن يراه منعكسا على ابنه».
 
وضعت بريطانيا خطتها.. تذكرها سالم قائلة: «بدأت بضرورة أن يخضع الأمير الصغير للتعليم الإنجليزى، ويكون فى بريطانيا ذاتها»، وتتلقى الحكومة البريطانية من القاهرة تقارير عن الظروف التى يعيش فيها بعد أن بلغ تسع سنوات، ورعايته على يد مربيتين بريطانيتين، وتلقى دروسه على أيدى مدرسين إنجليز ومصريين، وقيامه بألعابه الرياضية يمرنه عليها مدرب فرنسى، وكانت هذه الخطة هى القضية الرئيسية فى لقاء رئيس الوزراء عبدالفتاح يحيى باشا مع السفير البريطانى «مايلز لامبسون» بمقر السفارة البريطانية بالقاهرة، حين ذهب «الباشا» لتهنئة «لامبسون» يوم 19 فبراير 1934 باستلام مهام عمله فى مصر.
 
يذكر كمال عبدالرؤف، فى كتابه «الدبابات حول القصر» قول لامبسون فى مذكراته: «انتهزت الفرصة وأبلغت عبدالفتاح يحيى باشا أن ملك بريطانيا طلب سفر ولى العهد الأمير فاروق إلى بريطانيا ليكمل تعليمه هناك، وكان رئيس الوزراء المصرى متفهما ومتعاونا، لكنه أبلغنى أن الصعوبة الوحيدة فى أن الملك فؤاد قضى أيام شبابه فى إيطاليا، وتعلم هناك اللغة الإيطالية، وأنه يقاسى من عقدة أنه لم يتعلم اللغة التركية فى وقت مبكر، وهو مصمم ألا يقع ابنه فاروق فى نفس الخطأ، ولهذا فهو مهتم جدا بتعليمه اللغة التركية منذ الآن».
 
رد «لامبسون» بأن هذا الأمر يمكن تسويته، وأن الأمير فاروق إذا سافر ليدرس فى كلية «ايتون» يمكن إحضار مدرس يعطيه حصصا إضافية هناك فى اللغة التركية.. يكشف «لامبسون» ما حدث بعد ذلك، وطبقا لعبدالرؤوف فإنه قال: «بعد ذلك أفهمنى رئيس الوزراء أن الملك فؤاد وافق على سفر ابنه فاروق إلى إنجلترا، ولكنه يفكر فى أن يؤجل الرحلة حتى يبلغ الأمير 16 عاما، وقد عارضت هذه الفكرة بشدة، وطلبت أن يسافر فى أسرع وقت، وقال لى عبدالفتاح يحيى باشا أنه أقنع الملك فؤاد أن الأمير يجب أن يسافر كشاب عادى وألا تذهب معه حاشية ملكية حتى لا يفسد هناك، ووافق الملك فؤاد على هذا الرأى».
 
كان السفير البريطانى يذلل كل العراقيل، ومنها كما يذكر «عبدالرؤف»، أن دخول فاروق أكاديمية «وولوتش» الحربية، غير ممكن قبل بلوغه الثامنة عشر، وهنا رأى «لامبسون» أنه من المرغوب فيه أن يتلقى فاروق بعض المعلومات عن العادات والطرق البريطانية، وأن عليه أن يذهب قريبا ويختلط بالبريطانيين.
 
اقتنع الملك فؤاد، ومضى البحث عن الرفقاء فى هذه الرحلة العلمية، وحبذ لامبسون أن يكون أحمد حسنين رائدا لفاروق ورئيسا للبعثة ومهمته العناية بشؤونه، واختير عزيز المصرى نائبا للرائد وكبيرا للمعلمين، بمعنى أن يراقب الدروس التى يتلقاها الأمير، وعمر فتحى الحارس الأمين، والدكتور عباس الكفراوى الطبيب الخاص، وصالح هاشم أستاذ اللغة العربية وعلوم الدين، كما ألحق بالبعثة سكرتيرا خاصا.
 
بذلت الحكومة البريطانية جهودها كى يشعر الأمير باهتمامها به..تذكر «سالم» أن الملك البريطانى دعاه لمأدبة خاصة فى قصره تحضرها الملكة، وأشاد بهذا اللقاء فى برقية إلى الملك فؤاد أثنى فيها على ولى العهد، والتقى فاروق بإدوارد أمير ويلز وصارا صديقين، وكان يذهبان معا لمشاهدة مباريات كرة القدم فى نهاية كل أسبوع.. تؤكد سالم: «بذلك نلمس أن الخطة التى وضعتها السياسة البريطانية نفذت، وتمكنت من أن تحتضن ولى العهد وتؤثر عليه وتجعله يذوب فى المجتمع الإنجليزى، ليصبح لديه الانتماء لهذا الوطن، وبالتالى يصبح سهل الانقياد، سلسا فى اتباع المشورة البريطانية».
 
يذكر «أحمد بهاء الدين» فى كتابه «فاروق ملكا» أنه فيما كان عزيز المصرى الثائر القديم المتعصب لوطنه الذى يكره الإنجليز يريد أن ينشئ فاروق تنشئة عسكرية خشنة، ويحدثه عن جده إبراهيم باشا بالذات، وعراقة الشعب المصرى وكفاحه وأبطاله، كان أحمد حسنين وهو رجل طموح يعلمه «مغامرات الليل».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة