واصلت الأحزاب الألمانية الفائزة في مارثون الانتخابات الأخير مشاوراتها المبدئية لتشكيل حكومة ائتلافية ينتهي معها عصر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي أدارت ألمانيا وشكلت سياسات القارة العجوز علي مدار أكثر من 16 عاماً كاملة.
وبعد أن أظهرت نتائج الفرز النهائي للأصوات تشتت المشهد السياسي بتآكل تدريجي لرصيد الأحزاب الكبيرة وصعود الأحزاب التي كانت إلى عهد قريب توصف بالصغيرة، وضرورة تشكيل الحكومة من 3 أحزاب .
وكانت الانتخابات التى أجريت يوم 26 سبتمبر أسفرت عن فوز الحزب الاشتراكي الديمقراطي بفارق ضئيل عن التحالف المسيحي ، حيث حصد الاشتراكيون الديمقراطيون 25.7 % من الأصوات في حين تراجع التحالف المسيحي، الذي تنتمي إليه المستشارة ميركل، إلى مستوى قياسي، ولم يحصل إلا على 24.1% من الأصوات بعد 16 عاما في الحكم.
وكان المرشحان الرئيسيان لمنصب المستشارية، أولاف شولتز وأرمين لاشيت قد أعلنا سعيهما لقيادة الحكومة المقبلة، وفى الوقت الذى يتمتع فيه شولتز بفرصة أفضل لقيادة الحكومة الجديدة، إلا أن الدستور الألماني يتيح أيضا لثاني أكبر حزب في البرلمان إمكانية قيادة الحكومة.
وأعلن حزب الخضر الألمانى، بدء مباحثات للتفاوض على القواسم المشتركة لتشكيل الحكومة الألمانية مع الحزب الديمقراطي الحر قبل تحديد الحزب الذي سيتحالفون معه لتشكيل الحكومة هل هو الاشتراكى الديمقراطى وهو الحزب الفائز فى انتخابات البوندستاج او البرلمان الماضية، أو التحالف المسيحى برئاسة أرمين لاشيت الفائز بالمركز الثانى.
وأوضح حزب الخضر الألماني أن التحدث إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي يوم الأحد المقبل سيكوت حول إمكانية المشاركة في حكومة اتحادية جديدة، حيث قالت زعيمة الحزب، أنالينا بريبوك، إن التحالف المسيحي دعا حزبها أيضا إلى إجراء محادثات حول تشكيل ائتلاف حاكم الأسبوع المقبل، وفقًا لما نشرته دويتش فيله.
وجاء إعلان بيربوك بعدما أعلن الحزب الديمقراطي الحر اعتزامه إجراء محادثات استكشافية حول المشاركة في تشكيل حكومة جديدة مطلع الأسبوع المقبل مع التحالف المسيحي أولا، ثم الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وكان الخضر والليبراليون بدأوا محادثات رباعية حول المشاركة في الحكومة الألمانية المقبلة بحضور زعيمي حزب الخضر، أنالينا بيربوك وروبرت هابيك، وزعيم الحزب الليبرالي كريستيان ليندر والأمين العام فولكر فيسينج.
وأعلن الحزبان أن هدفهما هو إيجاد خطوط أساسية لتعاون سياسي ووضع "بداية جديدة" لسياسة الحكومة، وقد عزم الحزبان - وهما يمثلان أقوى شريكين محتملين في أي ائتلاف ثلاثي قادم - على إجراء محادثات ثنائية بينهما أولا قبل البدء في إجراء محادثات حول تشكيل ائتلاف ثلاثي سواء مع تحالف ميركل المسيحي أو الحزب الاشتراكي.
ويشجع عدد من الأكاديميين والمتتبعين على حكومة تجمع الخضر والليبراليين والاشتراكيين، لأسباب عديدة، أولها أن من سيشكلها هو الحزب الذي فاز في الانتخابات، أي الاشتراكي الديمقراطي، وثانيها لأن كل هذه الأحزاب حققت ارتفاعا في هذه الانتخابات عن نسخة عام 2016، وثالثها لاستطلاعات الرأي التي ترفض أن يكون مرشح الاتحاد المسيحي، أرمين لاشيت، على رأس المستشارية، غير أن تشكيل حكومة من هذه الأحزاب الثلاثة يواجه صعوبات، أهمها الاختلافات بين الليبراليين والاشتراكيين على عدة قضايا، مقابل قربهم من المسيحيين المحافظين.
وأعلن الحزب الديمقراطي الحر الذى يمثل الليبراليون، اعتزامه إجراء محادثات استكشافية حول المشاركة في تشكيل حكومة جديدة في البلاد مطلع الأسبوع المقبل مع تحالف المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي أولا، ثم مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ومن جهة أخرى، أرسل لاشيت، بخطاب إلى منافسه مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أولاف شولتز هنأه فيه على تحقيق حزبه زيادة في نسبة الأصوات المؤيدة له خلال انتخابات البرلمان الاتحادي التي جرت يوم الأحد الماضي".
يذكر أن الحكومة المقبلة ستكون مكونة بالضرورة من ثلاثة أحزاب لتشكيل أغلبية مستقرة، في ظل استبعاد المراقبين لائتلاف كبير بين الاشتراكيين والمحافظين وبالتالي فإن حزب الخضر والحزب الليبرالي سيلعبان دور "صناع الملوك" وفي حال توافقهما، قد يحددان اسم المستشار المقبل، وفي حال قرر طرفا الائتلاف الحاكم الحالي، كما هو مرجح، عدم مواصلة ائتلافهما، سيتعين على كل منهما إقناع الحزبين اللذين لهما أجندات سياسية مختلفة تماما، بالانضمام إليهما لتشكيل ائتلاف حاكم ثلاثي وهو أمر غير مسبوق منذ الخمسينات، ويعتبر هذا تحولا في حسابات تشكيل الحكومات في ألمانيا، الذي قد يستغرق أسابيع أو حتى شهورا.