سجلت قضية "سفاح الجيزة" رقماَ قياسياَ جديداَ كأولى القضايا التى يطبق فيها مبدأ "العدالة الناجزة"، فبعد الكشف عن خيوط القضية منذ 350 يومًا أسدل القضاء المصرى الستار، على قضية من أخطر قضايا العصر، حيث رفضت محكمة النقض، الثلاثاء الماضى، الطعن المقدم من دفاع "القذافى فراج" المعروف إعلاميا بـ"سفاح الجيزة"، فى واقعة قتل صديقة "رضا"، بعد أن أصدرت قرارا بإحالة أوراقه لمفتى الجمهورية، وذلك الحكم نهائى بات لا يجوز الطعن عليه.
وفى حقيقة الأمر- فى فترة زمنية لم تتخط الأسبوعين، وبعد صدور حكمين بالإعدام على المتهم قذافى فراج عبد العاطى، 49 عامًا، والمعروف إعلاميًا بـ"سفاح الجيزة"، ينتظر "قذافي" خلال أيام النطق بالحكم الثالث بالإعدام أمام محكمة جنايات الإسكندرية، التى أحالت أوراق المتهم إلى مفتى الجمهورية فى أولى جلسات محاكمته فى السادس من مارس الماضى، بتهمة القتل العمد لإحدى ضحاياه فى محافظة الإسكندرية، وبذلك يكون حكم عليه فى 3 قضايا بالإعدام منهم قضية تأييد فيها الحكم بشكل نهائى وأخرى تنتظر رأى المفتى، وثالثة تنتظر تحديد جلسة أمام محكمة النقض، أما الرابعة والأخيرة فلا يزال يحاكم على إثرها، ما يؤكد أنها أول قضية يطبق فيها مبدأ "العدالة الناجزة".
بعد مرور عام كامل
قذافى فراج الشهير بـ"سفاح الجيزة" حملت قصته ضربا من الخيال السينمائى فى فصول كثيرة، وجرائم ارتكبها المتهم بين محافظتى الجيزة والإسكندرية، وأصبح سافكا لدماء المقربين منه، طمعا فى أموالهم، فمنذ 5 سنوات اخفى المتهم جرائمه البشعة أسفل سريره دون أن يعلم أحد، حتى جاءت الصدفة لتقود رجال المباحث لاكتشاف هذا القاتل الخارج عن القانون الذى ارتكب 4 وقائع قتل ارتكبها السفاح بحق كل من صديق عمره "رضا"، وزوجته وشقيقتها وسيدة أخرى وأخفى جثثهم بدفنها فى مقابر أعدها لذلك داخل شقته، حتى تم القبض عليه وإحالته للمحاكمة فى 4 قضايا قتل، وفى 2 منهم حصل فيهما على حكم الإعدام، وتم تأييد الإعدام فى واحدة الثلاثاء الماضى، نظير ما اقترفت يداه من جرم بحق ضحاياه.
وأما عن مسألة تنفيذ حكم الإعدام ومصير القضايا الأخرى – يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض – عبد الرحمن عبد البارى الشريف - أن الحكم الصادر من محكمة النقض فى إعدام "سفاح الجيزة" حكم نهائى وبات لا يجوز الطعن عليه، مؤكدا بأن الحكم الصادر ضد "القذافى" ينتظر تصديق عليه من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبعدها تقوم النيابة العامة وقطاع السجون بتحديد موعد لتنفيذ حكم الإعدام، وفى حال التنفيذ يكون مصير القضايا الأخرى إلى مآل بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاته.
تنفيذ حكم الإعدام ضد "القذافى"
وبحسب "الشريف" فى تصريح لـ"اليوم السابع" - طبقا للمادة 155 من دستور 2014، بأن فى حالة صدور حكم نهائى بالإعدام لـ"سفاح الجيزة" من محكمة النقض، يحق لرئيس البلاد، إصدار قرارا بالعفو عن العقوبة كليا أو تخفيف الحكم فيها بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، وفى حالة لم يصدر قرارا بعفو رئاسى للمتهم بإلغاء العقوبة أو تخفيفها، خلال فترة 14 يوما، يتم تحديد موعد تنفيذ الإعدام بقرار من النيابة العامة وتقوم مصلحة السجون فى وزارة الداخلية بتنفيذ حكم الإعدام.
مواد قانونية متعلقة بأحكام الإعدام
وسرد الخبير القانونى المواد القانونية المتعلقة بأحكام الإعدام كالتالى:
هناك عدد من الضوابط والشروط نص عليها قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بتنفيذ عقوبة الإعدام، حيث حددتها المواد من 470 وحتى 477 من القانون.
المادة 470:
متى صار الحكم بالإعدام نهائيا، وجب رفع أوراق الدعوى فورا إلى رئيس الجمهورية بواسطة وزير العدل، وينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو بإبدال العقوبة فى ظرف 14 يوما.
المادة 471: يودع المحكوم عليه بالإعدام فى السجن بناء على أمر تصدره النيابة العامة على النموذج الذى يقرره وزير العدل إلى أن ينفذ فيه الحكم.
المادة 472: لأقارب المحكوم عليه بالإعدام أن يقابلوه فى اليوم الذى يعين لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيدا عن محل التنفيذ، وإذا كانت ديانة المحكوم عليه تفرض عليه الاعتراف أو غيره من الفروض الدينية قبل الموت، وجب إجراء التسهيلات اللازمة لتمكين أحد رجال الدين من مقابلته.
المادة 473:
تنفذ عقوبة الإعدام داخل السجن، أو فى مكان آخر مستور، بناء على طلب من النائب العام.المادة 474: يجب أن يكون تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور أحد وكلاء النائب العام ومأمور السجن وطبيب السجن أو طبيب آخر تندبه النيابة العامة ولا يجوز لغير من ذكر أن يحضروا التنفيذ إلا بإذن خاص من النيابة العامة ويجب دائما أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور.
ويجب دائمًا أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور، ويجب أن يتلى من الحكم الصادر بالإعدام منطوقه والتهمة المحكوم من أجلها على المحكوم عليه، وذلك فى مكان التنفيذ بمسمع من الحاضرين، وإذا رغب المحكوم عليه فى إبداء أقوال، حرر وكيل النائب العام محضرًا بها. وعند تمام التنفيذ يحرر وكيل النائب العام محضرًا بذلك، ويثبت فيه شهادة الطبيب بالوفاة وساعة حصولها.
المادة 475: لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام فى أيام الأعياد الرسمية أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه.
المادة 476: يوقف تنفيذ عقوبة الإعدام على السيدة الحبلى والى شهرين من وضعها، ويتم وقف تنفيذ حكم الإعدام فى حالة تبين وضعها لطفل "حي" وتخفيفه للمؤبد.
المادة 477: تدفن الحكومة على نفقتها جثة من يحكم عليه بالإعدام ما لم يكن له أقارب يطلبون القيام بذلك، ويجب أن يكون الدفن بغير احتفال ما.
كيف تم تطبيق العدالة الناجزة؟
وفى سياق أخر – يقول الخبير القانونى والقاضى السابق أحمد عبد الرحمن الصادق، أن قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله والطعن بالنقض حقق العدالة الناجزة المنشودة، فالعدالة البطيئة نوع من الظلم، ولكن التعديل الاخير يختصر إجراءات التقاضى، ويواجهه ثغرات بطء التقاضى من رد القضاة والاستماع للشهود والأحكام الغيابية وكفالة حق الدفاع، وأخيرا الطعن بالنقض وجعله على درجة واحدة، وتصدى النقض لموضوع الدعوى فى حالة قبول الطعن.. الخ، وهذه الإجراءات كفيلة بتحقيق العدالة الناجزة والقصاص السريع خاصة فى قضايا الرأى العام وقضايا الإرهاب.
وبحسب "الصادق" فى تصريح لـ"اليوم السابع" - أسفر التطبيق العملى لإجراءات الطعن بالنقض عن مشكلات عملية متعددة تعوق سرعة صدور الاحكام وتأخر القصاص، حيث أنه بعد إصدار القانون رقم 11 لسنة 2017 الذى عالج أوجه القصور، وذلك على النحو التالى: لقد أجازت المادة - 12- من قانون الإجراءات الجنائية: أنه للدائرة الجنائية بمحكمة النقض عند نظر الموضوع، إقامة الدعوى، طبقًا لما هو مقرر بالمادة -11- من قانون الإجراءات الجنائية وتكون لها طبقًا لهذه المادة الصلاحيات الجنائية لمحكمة الجنايات، وإذا تم الطعن فى الحكم الذى يصدر فى الدعوى الجديدة، فلا يجوز أن يشترك فى نظرها أحد القضاة الذين قرروا إقامتها من قبل.
كيف يتم نظر الجلسات وفقا للقانون الجديد؟
ووفقا للقاضى السابق - كما أجازت المادة -277- من ذات القانون: "أنه يجب أن يُكلف الشهود بالحضور بناءً على طلب الخصوم بواسطة أحد المحضرين أو رجال الضبط قبل الجلسة بأربع وعشرين ساعة، ويعلن لشخصه أو فى محل إقامته بالطرق المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، إلا فى حالة التلبس بالجريمة، فإنه يجوز تكليفهم بالحضور فى أى وقت ولو شفهيًا بواسطة أحد مأمورى الضبط القضائى، وللمحكمة أن تسمع شهادة أى شخص يحضر من تلقاء نفسه لإبداء معلومات فى الدعوي".
ويضيف: كما قررت المادة -289- من قانون الإجراءات الجنائية: "أنه يجوز للمحكمة أن تقرر تلاوة الشهادة التى أبديت فى التحقيق الابتدائى أو فى محضر جمع الاستدلالات أو أمام الخبير، إذا تعذر سماع الشاهد لأى سبب من الأسباب، بينما أجازت المادة -384- من قانون الإجراءات الجنائية"، كما أنه إذا صدر أمر بإحالة متهم بجناية إلى محكمة الجنايات ولم يحضر هو أو وكيله الخاص يوم الجلسة بعد إعلانه قانونًا بأمر الإحالة، يكون للمحكمة أن تحكم فى غيبته، ويجوز لها أن تؤجل الدعوى وتأمر بإعادة تكليفه بالحضور، ومع عدم الإخلال بسلطة المحكمة المنصوص عليها بالمادة -380- من قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بضبط المتهم وإحضاره وحبسه - يكون الحكم حضوريا إذا مثل المتهم أو وكيله الخاص بالجلسة.
حضور المحكوم عليه غيابيا
وحددت المادة -395- الفقرتان الأولى والثانية من القانون: أنه إذا حضر المحكوم عليه فى غيبته، أو قبض عليه، أو حضر وكيله الخاص وطلب إعادة المحاكمة قبل سقوط العقوبة بمضى المدة، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويعرض المقبوض عليه محبوسًا بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيا حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يجوز للمحكمة فى هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابى، فإذا تخلف المحكوم عليه فى غيبته أو وكيله الخاص عن حضور الجلسة المحددة لإعادة نظر دعواه، اعتبر الحكم ضده قائما.
الطعن لمرة واحدة فقط
أوضحت المادة - 39- من قانون إجراءات الطعن بالنقض أنه إذا قُدم الطعن أو أسبابه بعد الميعاد تقضى المحكمة بعدم قبوله شكلا، وإذا كان الطعن مقبولا وكان مبنيا على مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، تُصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، وإذا كان الطعن مبنيا على بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فيه، تنقض المحكمة الحكم، وتنظر موضوعه، ويتبع فى ذلك الأصول المقررة قانونا عن الجريمة التى وقعت، ويكون الحكم الصادر فى جميع الأحوال حضوريا.
كما أوجبت المادة- 44- من قانون إجراءات الطعن بالنقض أنه إذا كان الحكم المطعون فيه صادرا بقبول دفع قانونى مانع من السير فى الدعوى، أو صادرا قبل الفصل فى الموضوع، وترتب عليه منع السير فى الدعوى ونقضته محكمة النقض، أعيدت القضية إلى المحكمة التى أصدرته للحكم فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين، ولا يجوز لمحكمة الإعادة أن تحكم بعكس ما قضت به محكمة النقض. وحددت المادة- 46- من قانون إجراءات الطعن بالنقض “ أنه مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة، إذا كان الحكم صادرا بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم، وذلك فى خلال ستين يومًا من تاريخ صدور الحكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة