ـ وزير الطاقة: 100مليون دولار إضافية لتأمين استيراد الوقود
ملف الطاقة فى لبنان من أكثر الملفات تعقيدا، بل يعد الملف الأهم لما يرتبط به من أمور حياتية يومية للبنانيين، وبلغت أزمة الوقود ذروتها مؤخرا بعد الارتفاع الجنونى فى أسعار البنزين بمعدل تجاوز 90 ألف ليرة للصفيحة دفعة واحدة، حيث ارتفع سعر صفيحة البنزين عيار 95 أوكتان إلى 302700 ليرة لبنانية، وصفيحة البنزين 98 أوكتان إلى 312 ألفا و700 ليرة لبنانية، ليزيد سعر الصفيحة حوالى 60 ألف ليرة دفعة واحدة، وسط توقع بارتفاع مستمر في الأسابيع المقبلة بعد ارتفاع سعر برميل النفط عالميا، ويواكبه ارتفاع في سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية التي صارت حاليا في أدنى مستوياتها بعد تخطي سعر الدولار عتبة 20 ألف ليرة لكل دولار، حيث بات مصرف لبنان يوفر دولارات لاستيراد الوقود وفق سعر صرف منصة "صيرفة".
الأحصنة والدراجات بدائل
وأصيب اللبنانيون بصدمة وأصبح انتقالهم إلى مقار أعمالهم هما يوميا يبحثون عن بدائل له، فلجأ البعض للدراجات البخارية، وآخرون للأحصنة كبدائل للسيارات .
من بين هؤلاء، رائد مرعب أستاذ فيزياء، لجأ لامتطاء فرسه ليذهب به إلى المدرسة بدلا من استخدام السيارة بسبب أزمة الوقود التي يعانى منها لبنان، وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان عدة صور للمعلم الذي وصل إلى مدرسته الثانوية على ظهر حصان .
"رائد" من بلدة خربة داوود العكارية شمال لبنان، وقال في حديث لموقع العين الإخبارية إن المدرسة تبعد عن منزله 25 كيلومتراً فهي على الحدود اللبنانية السورية، أي أن كلفة الوصول إليها في سيارته كبيرة جداً مع وصول سعر صفيحة البنزين إلى ما يفوق الـ300 ألف ليرة، من هنا قرر امتطاء الفرس والانطلاق إلى عمله وقد استغرقت الرحلة ساعتين للوصول وفي طريق العودة استغرقت ساعتين ونصف الساعة.
وقال المدرس: "لجأت إلى فرسي للتنقل في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها، فشراء البنزين بسعره المرتفع يعتبر كارثة، من هنا أتنقل بها لقضاء جميع مشاويري".
مدرس يستخدم الحصان للوصول الى المدرسة
ليست هذه الحالة الوحيدة بل سبقه طبيب ذهب لعمله مستخدما الدراجة البخارية، وغيره كثيرون .
محطات البنزين
وقال عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، وفق "سكاي نيوز عربية" ، إنها صدمة للمواطن اللبناني وهذا طبيعي لما يترتب عليه من أعباء، وأضاف "لا تقع المسؤولية على أصحاب المحطات ولا ذنب لأصحاب شركات استيراد المحروقات، فالأسباب مردها إلى ارتفاع سعر برميل النفط عالميا وارتفاع سعر صرف الدولار، وأسعار المحروقات تتأثر بهذين العاملين".
ولفت إلى أن "أسعار المحروقات سترتفع في المرات المقبلة أيضا، بسبب ارتفاع أسعارها عالميا"، مشيرا إلى أنّ "ارتفاع الأسعار سيكون بسبب تدهور سعر الليرة في السوق السوداء".
وأضاف البراكس"وصل أمس سعر برميل النفط عالميا إلى 85 دولارا وكل التوقعات تشير إلى أنه سيستمر بالارتفاع خصوصا بعد الانفتاح وإعادة التواصل بين الدول وعودة حركة الطيران شبه الطبيعية، إضافة الى الحركة التجارية بين البلدان التي عادت طبيعية أيضا بعد ازمة كورونا ما زاد الطلب على النفط".
واعتبر ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية، أن الارتفاع الجنوني في أسعار البنزين شكل ضربة موجعة للمواطن ولأصحاب المحطات معا، وكان الله بعون المواطن الذي لا أعرف كيف سيتحمل هذا الارتفاع الجنوني دفعة واحدة".
وأوضح أبو شقرا "راتب المواطن أصبح بقيمة 4 صفائح بنزين ولا علم لدينا على أي سعر للدولار وضع الجدول وكان يجب تقسيم هذا الارتفاع على دفعات".
وعزا أبو شقرا السبب "للقرار الذي اتخذه مصرف لبنان بالتوافق مع وزارة الطاقة وقضى بتغيير سعر صرف الدولار من 16 ألف ليرة إلى 20 ألف ليرة لتمويل استيراد مادة البنزين مما ساهم في هذا الفرق".
ساعات الظلام
ليس هذا الجانب الوحيد لأزمة الطاقة فى لبنان، فقد سبق هذا الارتفاع فى أسعار البنزين ساعات قضاها لبنان فى ظلام بعد أن انقطعت شبكة الكهرباء عن معظم أنحاء لبنان نتيجة توقف إنتاج المعلمين الرئيسين فى البلاد وهما الزهرانى ودير عمار، وأوضح وزير الطاقة الدكتور وليد فياض أن لبنان يعتمد على الوقود العراقي، بواقع 83 ألف طن شهريا، وأن الانقطاع الذى أصاب محركات المعامل بسبب تأخر وصول الشحنة المقررة على متن الباخرة.
وقود عراقى وغاز مصرى وكهرباء أردنية
وعلى صعيد الحل تحاول الحكومة اللبنانية حل أزمة الطاقة المستمرة في البلاد عبر "معالجة بشكل هيكلي"، ويعلق وزير الطاقة قائلا إننا نسعى إلى حل جذري كي يحصل لبنان على وقود بسعر أرخص، وأن يكون مطابقا للمواصفات البيئية وبشكل مستدام أكثر عبر إمدادات الغاز من مصر، وفى هذا السياق يزور فياض مصر حاليا لاستكمال مفاوضات نقل الغاز المصرى إلى لبنان .
وبناء على اتفاقية بين بيروت وبغداد يحصل لبنان من العراق على 83 ألف طن شهريا من الوقود وهو ما يخصص لتوليد الكهرباء، ولكن المشكلة لا تتحدد بالكمية فقط بل أيضاً بوضع المعامل على المدى الطويل خصوصاً أنها تحتاج إلى تأهيل.
وتقول شركة "كهرباء لبنان" إن الوقود العراقي مع الغاز المصري وكهرباء الأردن يمكن أن يوفروا للبنان إمدادا يتراوح بين 8 و 12 ساعة إضافية، وهذا يعتبرُ إنجازاً فى ظل الظروف الحالية لتى يمر بها لبنان.
ومن جانبه أوضح فياض، أن المحادثات جارية لتذليل عقبات استيراد الطاقة من الأردن، بما يناسب لبنان من حيث الكلفة والإطار التعاقدي المُلاَئِم للطرفين، موضحا أن المفاوضات مع الوزيرة الأردنية هالة زواتي تتقدم بشكل كبير والمفاوضات الآن تتمحور على التوصل إلى صيغة نهائية والتعريفة المناسبة للطرفين".
وفى هذا الصدد، أوضح وزير طاقة لبنان أن العمل جار حاليا لتذليل عقبات استقدام الطاقة من الأردن، بما يناسب لبنان من حيث الكلفة والإطار التعاقدي المُلاَئِم للطرفين، مشيرا إلى أن المفاوضات مع الوزيرة الأردنية هالة زواتى تتقدم بشكل كبير والمفاوضات الآن تتمحور على التوصل إلى صيغة نهائية والتعريفة المناسبة للطرفين.
وأضاف فياض قائلا "نريد أن نصل إلى حل جذري كي يحصل لبنان على فيول بسعر أرخص، وأن يكون مطابقا للمواصفات البيئية وبشكل مستدام أكثر عبر إمدادات الغاز من مصر"، ياتى هذا فى إطار محاولات الحكومة اللبنانية حل أزمة الطاقة المستمرة في البلاد عبر معالجة هيكلية وليست حلول مؤقتة .
وعلى صعيد الأزمة ذاتها، هناك أمر مهم يتعلق بسرعة معالجة خطوط الكهرباء بين الأردن وسوريا من جهة وبين سوريا ولبنان من جهة أخرى، معتبرة أن استصلاح تلك الخطوط يحتاج إلى وقتٍ ولبنان لا يمكن أن ينتظر إتمام تلك العملية من دون كهرباء. كذلك هناك ضبابية بشأن التمويل الذي سيحصل لبنان عليه لاستصلاح خطوط النقل الموجودة لديه لاستجرار الكهرباء عبر سوريا، كما أن البنك الدولي لم يبت بعد بقيمة التمويل ولا بإمكانية إعطائه ولا أي شيء يتعلق به".
وفى سياق الحلول العاجلة للأزمة، كشف وزير الطاقة عن موافقة مجلس الوزراء والمصرف المركزي للحصول على 100 مليون دولار لاستيراد الوقود ومن المتوقع أن يساعد هذا الأمر على رفع ساعات التغذية الكهربائية بحلول أواخر الشهر الجاري.