في كتابه الماتع "خفايا حصار السويس " يرصد المؤرخ الراحل حسين العشى بدقة تفاصيل أحداث ما جرى يوم 24 أكتوبر 1973، حينما حاولت القوات الإسرائيلية احتلال محافظة السويس، لكنها فشلت بفضل المقاومة الشعبية في المدينة، حيث يشير الى أنه عندما وصلت الموجة الأولى من الدبابات الإسرائيلية الى ميدان الأربعين استعد محمود عواد –حامل RPG – من كمين الأربعين لاطلاق أول قذيفة على الدبابة الأولى، وأطلق محمود بالفعل القذيفة الأولى فأصابت أول دبابة في برجها إصابة سطحية ولم تؤثر على الدبابة التي واصلت سيرها في مقدمة الطابور .
بعد دقائق سمع أفراد الكمين أصوات الدبابات ومجنزرات الموجة الثانية تهدر في الطريق الى ميدان الأربعين تتقدمها دبابة "سنتوريون" ضخمة، ويشير الكاتب الى أن القدر كان على موعد تاريخى مع "إبراهيم سليمان "، حيث امسك بـ RPG وطلب من زميله أن يعد له قذيفة بجوار الخندق ،ترقب إبراهيم قدوم الدبابة الضخمة في بداية طابور الموجة الثانية حتى أصبحت على مرمى الار بى جى ويدوس إبراهيم على الزناد لتنطلق القذيفة التاريخية وتستقر أسفل برج الدبابة الرهيبة، التي يختل توازنها ويستدير برجها وتتحول ماسورة البرج إلى حيث كان يقف إبراهيم سليمان و5 من أبطال المقاومة .
ويبدو للحظات أن هناك قذيفة ستنطلق من ماسورة الدبابة لتطيح بأفراد الكمين، إلا أن عناية الله تجعل الماسورة تتجه إلى الأرض وكأنها تنحنى إحتراما لأبطال السويس بحسب تعبير المؤلف
وفقا للتفاصيل التي يرصدها العشى فقد صرخ إبراهيم سليمان من الفرح وهلل كل من في الشارع والقابعون في المنازل المحيطة في انتظار هذه اللحظة ليصفق إبراهيم سليمان وبيديه وهو جالس القرفصاء، ويصرخ بأعلى صوته "ياسلام عليك يابو خليل ..ياجن" .
وينتقل إبراهيم سليمان سريعا الى ناحية الخندق الايسر ليطلق القذيفة الثانية على حاملة الجنود التي توقفت بعد إصابة الدبابة الأولى ويتوقف نتيجة لذلك كل الطابور المدرع ، وتتكدس الدبابات والسيارات المدرعة امام مبنى قسم شرطة الأربعين، ويخرج آلاف الجنود والمواطنون إلى ميدان الأربعين والمنطقة الواقعة أمام القسم يطلقون النار بكل الغل الذى يحمله قلوبهم للعدو نحو الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية مشيرا الى ان التعليمات صدرت لهم بترك الدبابات والعربات للاحتماء بالمبنى المجاور لهم وهو مبنى قسم شرطة الأربعين.
ومما يشير إليه الكاتب أن البطل محمد عواد أحرق 16 دبابة للعدو الاسرائيلى، كانت متكدسة أمام قسم شرطة الأربعين بسكب كميات من البنزين عليها، وبحسب الكاتب فإنه لم يكن القتلى أو الدبابات المحطمة أهم ماتركه العدو بل الشئ الذى تركه في شوارع السويس دون أن يتمكن من سحبه أو إنقاذه هو البقية الباقية من سمعة الجيش الإسرائيلي التي داستها أقدام شعب السويس في هذا اليوم المجيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة