اتفاقيات متتالية أبرمتها شركات التكنولوجيا العملاقة مع دوائر الأمن والاستخبارات ووزارات الدفاع ومؤسسات إنفاذ القانون في العديد من دول العالم ، في خطوات كانت محل جدل كبير ما بين مؤيد يري في ذلك ضرورة لمواكبة التحديات الأمنية باستخدام تقنيات حديثة ، ومعارض يري في توسع الاعتماد علي تقنيات تكنولوجية في أرشفة وحفظ المعلومات عالية السرية مخاطرة عالية.
ومؤخراً، دخلت شركة أمازون في اتفاقيات وصفقات تعاون مشترك مع وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون ووكالات الاستخبارات البريطانية حيث استعانت بها الجهات الحكومية لحفظ وتخزين لتطوير أنظمة الحماية التكنولوجية للمعلومات السرية الخاصة بمختلف إدارات وإدخال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على عملياتها لمساعدة العملاء المنتشرين حول العالم.
وأخر الصفات كانت مع أجهزة الاستخبارات البريطانية حيث كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز تفاصيل الصفقة التي حصلت فيها أمازون الأمريكية لخدمات الانترنت على عقد لحفظ وتخزين مواد سرية في صفقة تهدف لتعزيز استخدام تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي في عمليات الوكالات.
وقالت الصحيفة إن وكالة مقر الاتصال الحكومي GCHQ دعمت شراء نظام عالي الأمان، والذي سيتم استخدامه من قبل وكالتي MI5 و MI6 إلى جانب إدارات حكومية أخرى مثل وزارة الدفاع التي ستستخدم النظام خلال العمليات المشتركة.
وبحسب الصحيفة البريطانية، تم توقيع الاتفاقية هذا العام مع أمازون، ويقول مؤيدوها ان الصفقة التي تبلغ قيمتها مليار جنية إسترليني ستعزز استخدام تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة.
وبحسب تقرير الصحيفة، من المرجح أن تثير الصفقة مخاوف بشأن السيادة، حيث أن كميات هائلة من البيانات الأكثر سرية في المملكة المتحدة ستستضيفها شركة تكنولوجيا أمريكية واحدة، وقالت المصادر إن أمازون لن يكون لديها أي وصول إلى المعلومات الموجودة على المنصة السحابية.
وقال عملاء سريين بريطانيين في وقت سابق إنهم تبنوا الذكاء الاصطناعي (AI) بشكل كامل للكشف عن أنماط في البيانات العالمية لمواجهة التضليل العدائي والقبض على من يسيئون معاملة الأطفال.
وتستخدم الحكومة البريطانية الأشكال الأساسية للذكاء الاصطناعي، مثل تكنولوجيا الترجمة منذ سنوات، لكنها تكثف استخدامها جزئيًا استجابة لاستخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الدول المعادية.
وأشار التقرير إلى أن الصفقة الجديدة ستسمح للعملاء داخل وكالات الاستخبارات بمشاركة البيانات بسهولة أكبر من المواقع الميدانية في الخارج، كما سيمكن الوكالات من استخدام تطبيقات متخصصة مثل برنامج التعرف على الكلام الذي يمكنه "تحديد" وترجمة أصوات معينة من تسجيلات تكفي لساعات.
وبحسب التقرير، فإن الاستعانة بخدمات أمازون ستمكن الوكالات الاستخباراتية من إجراء عمليات بحث أسرع في مخازن البيانات الخاصة ببعضها البعض.
وقال جوس حسين، المدير التنفيذي لشركة Privacy International ، لصحيفة فاينانشيال تايمز ، إن هناك العديد من الأشياء التي يحتاج البرلمان والمنظمون والجمهور لمعرفتها بشأن الصفقة.. هذه شراكة مقلقة أخرى بين القطاعين العام والخاص ، تم الاتفاق عليها سراً وإذا تم تنفيذ هذا العقد، فسيتم وضع أمازون كمزود خدمة الكترونية لوكالات الاستخبارات في العالم. ويتعين على أمازون أن تجيب بنفسها عن خدمات الأمن في البلدان التي ستكون مستعدة للعمل من أجلها".
من جانبه، قال مدير GCHQ ، جيريمي فليمنج إن عدد هجمات الفدية قد تضاعف في جميع أنحاء المملكة المتحدة في عام 2021 ، مقارنة بالعام الماضي، ما يستوجب تطوير الأمن الإلكتروني، واضاف: "لقد شهدنا تضاعف في عدد الهجمات هذا العام في المملكة المتحدة عن العام الماضي ولكن السبب في انتشارها هو انها تعمل حيث يربح المجرمون اموالا جيدة من اختراق الاماكن الحيوية وغالبا يشعرون ان هذا لا جدال فيه إلي حد كبير"
ومن لندن إلى واشنطن ، لم تختلف الظاهرة ، حيث أقدمت وزارة الدفاع الأمريكية بنتاجون علي تلك الخطوة في خطوة أثارت جدلاً واسعا، بل وصراعاً محموماً بين عملاقي شركات التكنولوجيا ، أمازون ومايكروسوفت.
وألغت وزارة الدفاع الأمريكية عقدا بقيمة 10 مليار دولار مع مايكروسوفت وقعه الرئيس السابق دونالد ترامب والغاه بايدن، في تحرك جاء لصالح امازون بعد ان فتح الغاء العقد المعروف بـ JEDI الباب لإعادة الطرح لتتقدم شركات التكنولوجيا لتلك المهمة من جديد وسط تنافس شرس علي الفوز باتفاقية تطوير البنية التكنولوجية لإدارات وزارة الدفاع وتأمين المعلومات العسكرية عالية السرية.
وتسبب فوز مايكروسوفت بعقد JEDI في عام 2019 على حساب أمازون في كثير من الجدل، ورفعت أمازون دعوى أمام محكمة المطالبات الفيدرالية الأمريكية للطعن علي القرار، بحجة أن الدافع السياسى هو كراهية الرئيس السابق دونالد ترامب للرئيس التنفيذي لشركة أمازون آنذاك جيف بيزوس وسياسات صحيفة واشنطن بوست، التي يملكها بيزوس.
في ديسمبر الماضي ، علم جيف بيزوس أن التعاقد في طريقه للتخصيص لصالح مايكروسوفت، وحينها قال المتحدث باسم وزارة الدفاع كولونيل روبرت كارفر أن تقرير المفتش العام أكد أن عملية الشراء لـ JEDI التابعة للبنتاجون تمت "بشكل عادل ووفقًا للقانون، وفي مارس 2020، قالت الإدارة إنها ترغب فى إعادة تقييم قرارها بمنح العقد لشركة مايكروسوفت، والآن، تخطط وزارة الدفاع في ظل إدارة الرئيس جو بايدن لإلغائها تمامًا وطلب عروض لعقد جديد ومحدث من كل من الشركتين.
وقال بيان وزارة الدفاع إن الإدارة ستطلب مقترحات وستقبل أيضًا مقترحات من موفري الخدمات الآخرين الذين يمكنهم تلبية متطلبات الوزارة.
ورحبت شركة أمازون بقرار وزارة الدفاع بإلغاء عقد مايكروسوفت، وأكدت مجدداً أن منح العقد لصالح منافستها في بادئ الأمر "ليس بناءً على مزايا العروض ولكن نتيجة لتأثير خارجي ليس له مكان في المشتريات الحكومية".
وقال المتحدث الرسمي لامازون: "إن التزامنا بدعم جيش أمتنا والتأكد من أن مقاتلينا وشركائنا الدفاعيين لديهم إمكانية الوصول إلى أفضل التقنيات بأفضل سعر هو أقوى من أي وقت مضى. ونتطلع إلى مواصلة دعم جهود التحديث التي تبذلها وزارة الدفاع وبناء الحلول التي تساعد في تحقيق أهدافهم الحاسمة.
ويخطط البنتاجون لإرسال طلبات إلى الشركات في منتصف أكتوبر، ومنح العقود المباشرة في أقرب وقت في أبريل 2022، ويهدف إلى "منافسة كاملة ومفتوحة" فى أوائل عام 2025.