"خيركم من تعلم القرآن وعلمه".. كرم الله بعض عباده واصطفاهم ورفع قدرهم بنعمة حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، حتى أصبح لهم جنة ورفعة، نورهم فى الدنيا والآخرة، طريق هدايتهم وسعادتهم، شفاء لآلامهم وأحزانهم، نورا وبصيرة لقلوبهم، وروح لمبادئهم، وداء يروى قلوبهم، وهدى ورحمة وشفيع لهم.
ووهب الله القارئ الشاب محمد أحمد عمران ابن قرية ديمشلت التابعة لمدينة دكرنس بمحافظة الدقهلية، نعمة حفظ القرآن الكريم بعد حرمانه من نعمة البصر، حيث أبصرت عينيه بالقرآن بعد أن ولد كفيفا، وأتم حفظه فى السابعة من عمره، وحصل على المراكز الأولى فى جميع مسابقات القرآن والإنشاد الدينى التى شارك فيها، فحباه الله بملكة حفظ القرآن الكريم وصوت ماسى تخشع له القلوب، متخذا القرآن نورا لحياته.
محمد شاب يبلغ من العمر 25 عاما، ولد بطلا متسلحا بآيات الذكر الحكيم لم يعرف مستحيلا ولم يمنعه أى حاجز من تحقيق أحلامه والوصول لأهدافه، وتحدى بإقباله على الحياة وعزيمته وإصراره العالم بأسره، مثبتا للجميع أن النور مكانه فى القلوب ولا إعاقة مع الإرادة.
وقال محمد الطالب بالفرقة الثانية بكلية القرآن الكريم للقراءات بجامعة الأزهر لـ"اليوم السابع"، إنه بدأ حفظ القرآن الكريم منذ أن كان عمره 4 سنوات حيث كان يداوم والده على اصطحابه للصلاة فى المسجد وذات يوم طلب الشيخ ممدوح الزغبى أحد مشايخ المسجد الأجلاء، من والده أن يحضره للمسجد لحفظه القرآن الكريم فاكتشفوا حينها تمتعه بملكة الحفظ السريع لآيات الذكر الحكيم، مضيفا أن الشيخ اهتم به كثيرا حتى ختم على يديه حفظ القرآن الكريم فى غضون ثلاث سنوات وهو فى السابعة من عمره.
وأوضح أنه حفظ القرآن الكريم بالتلقى والمداومة على السمع والتكرار فى حلقات الحفظ بالمسجد، مضيفا أنه بعد ختمه للقرآن اهتم بتطوير وتنمية موهبته فى حفظ القرآن الكريم فقرر تعلم أصول التلاوة والتجويد من سن مبكر بمساعدة أحد المشايخ وتمكن على يديه الحصول على سندا فى علم القراءات فى غضون عاما واحدا.
وقال إنه لامس امتلاكه لصوت جميل وعذب فى تلاوة القرآن وهو فى الصف الرابع الابتدائى، حيث كان أخيه الأكبر ينشد للشيخ نصر الدين فبدأ يقلده وينشد مثله حتى اكتشفت أسرته امتلاكه لصوت جميل وعذب وموهبة حقيقية فى تلاوة القرآن الكريم بجانب حفظه السريع لآياته، مضيفا أن والديه كانا الداعم الأكبر له منذ طفولته ويشجعانه باستمرار على حفظ القرآن الكريم قائلين له "اهتم بحفظ القرآن لأنه الحياة وجنة الدنيا والآخرة، وبركة ونور لأهله".
واستطرد محمد أنه تحدى نفسه وجميع من أحبطه وتنمر عليه منذ طفولته وكان يراه معاقا غير قادرا على ممارسة حياته الطبيعية كأى طفل فى عمره، مشيرا إلى أن أصعب لحظات حياته كانت لحظة تقديم والدته له فى معهد الأزهر الشريف، حيث قال لها أحد كبار المعلمين بالقرية "خدى ابنك وروحى اللى زى ده مبيتعلمش"، ولكن والدته أصرت على التقديم له فى المعهد إيمانا منها بأنه سيتفوق ويتميز وسيكون أفضل وأنفع من أى شاب غيره. مضيفا أنه تعرض للكثير من المضايقات طيلة فترة تعلمه فى المعهد، فلا ينسى استهزاء الأخصائى الاجتماعى به فترة الامتحانات وهو يقول لوالدته آنذاك "أقعديه فى أى ركن لحد ما نفضاله ويمتحن". فيقول محمد: "إن الله كان دائما بجانبه ويلهمه الصبر وييسر له حاله حتى استطاع أن يجتاز كل العقبات التى وقفت أمام تحقيق ذاته ونجاحه فى الحياة"، مؤكدا على أنه احتضن التحدى والعزيمة منذ طفولته، حيث أن التنمر الذى تعرض له من المجتمع منذ الطفولة كان السبب الحقيقى وراء نجاحه فى حفظه للقرآن الكريم وإبداعه فى الإنشاد الديني.
وأشار إلى أنه بدأ يدخل إلى عالم الإنشاد الدينى منذ أن كان فى الصف الثالث الإعدادى، حيث تربى على سماع الأناشيد الدينية بصوت كبار المشايخ كالشيخ النقشبندى، والشيخ الطوخى وغيرهم، مضيفا أنه دعم موهبته الصوتية من خلال المشاركة فى عدد كبير من المسابقات حتى حصد المركز الأول على مستوى الجمهورية فى الإنشاد الدينى، ثمان مرات على التوالي.
وأكد على أنه لاقى دعما كبيرا من أهله ومشايخه الذين تعلم على يديهم، مضيفا أنه عندما دخل لمجال الإنشاد الدينى تبناه الشاعر سيد فهيم الديب حيث قام بتأليف أنشودة له بعنوان "يا كون أبشر"، مضيفا أن ذلك أعطاه دفعة إيجابية للأمام وشجعه على التطوير من موهبته فى التلاوة والإنشاد ليحلق بصوته نحو العالمية ويكون قدوة ونموذج يحتذى به عند الشباب.
وقال إنه أراد التميز فى تلاوة القرآن الكريم وإتقان الإنشاد الدينى والإبتهالات، فمن طفولته قرر أن يطور من موهبته فى التلاوة من خلال تعلم المقامات الصوتية فالتحق بقصر ثقافة المنصورة ومن ثم انتقل لمدينة القاهرة لاستكمال تعلم المقامات الصوتية بدار الأوبرا المصرية على يد الموسيقار الكبير سليم سحاب، مشيرا إلى أنه نجح من أول اختبار له وأعجب سحاب بصوته فتبناه حتى أتقن الإنشاد الدينى وأصبح يشاركه فى العديد من الحفلات الوطنية والإنشاد الدينى فى جامعة القاهرة ونادى الشرقية الرياضى واستاد القاهرة وغيرهما، وأصبح قادرا على تقليد كبار القراء والمبتهلين، أمثال الشيخ المنشاوى والشيخ مصطفى اسماعيل وغيرهم.
وأشار إلى أنه سعى واجتهد لتحفيظ الأطفال القرآن الكريم وتعليمهم أصول علم التجويد، واستطاع أن يحقق ذلك من خلال عمله محفظا للقرآن الكريم بالأزهر الشريف، مضيفا أنه يقدم بعمله أسمى رسالة فى الحياة أنعمه الله بها وهى حث الأطفال على حب القرآن وحفظ آياته وتدبر معانيها، مضيفا أن على الآباء أن يهتموا بتحفيظ أبنائهم القرآن الكريم من سن مبكر لأنه أساس الحياة، وأن يبعدوهم عن سماع الأغانى والموسيقى حيث تتنافى تماما مع مبادئ القرآن ولا يجتمعان معا، مؤكدا على أن الطفل الذى يسمعه أهله الأغانى من طفولته لن يستطع حفظ القرآن ولن يستوعب معانيه ويدخله لقلبه.
وقال أن القرآن الكريم كل حياته وسبب نجاحه وهدايته، فأنار طريقه فى الحياة وبحفظه له استطاع أن يحقق نجاحا باهرا فى حياته العلمية والمهنية، ويشارك فى عدد كبير من البرامج والمسابقات محققا فيها المراكز الأولى فى حفظ القرآن وتلاوته، فضلا عن نجاحه فى تحفيظ أطفال قريته للقرآن الكريم وتعليمهم أصول التلاوة والتجويد، مضيفا أنه يحلم بأن يكون قارئ قرآن فى الإذاعة المصرية.
الشاب-محمد-عمران
القارئ-محمد-عمران
تكريم-محافظ-الدقهلية-للقارئ-محمد-عمران
محمد-عمران
محمد-عمران-مع-الشيخ-محمود-الخشت
محمد-عمران-من-دار-الأوبرا-المصرية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة