أصبحت العملات الرقمية واقعا لا مفر منه فى الأشهر الأخيرة، الأمر الذى وضع الدول المختلفة أمام ضرورة تحديد شكل التعامل مع هذا الشكل الجديد من التعاملات المالية خارج الإطار التنظيمى، وكانت هناك مواقف متباينة بين الدول فى ذلك.
فبالنسبة للصين، فقد تبنت السلطات موقف متشددا وحظرت بكين التداول بالعملات الإلكترونية المختلفة. وفى سبتمبر الماضى، أعلن البنك المركزى الصينى أن كل التحويلات باستخدام العملات الرقمية ستكون غير قانونية، وهو ما يعنى منع العملات الرقمية المختلفة مثل بيتكوين غير معترف بها
وقال بيان البنك الصينى أن العملات الافتراضية، والمعاملات المالية والاقتصادية المتعلقة بها، غير قانونية، وتهدد بشدة مدخرات المواطنين.
ويأتى هذا على الرغم من أن الصين تعد واحدة من أكبر أسواق العملات الرقمية فى العالم؛ وهو ما أدى إلى تراجع سعر البيتكوين بنحو ألفى دولار أمريكى بعد الإعلان الجديد.
وياتى موقف بكين، بحسب ما تقول هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى، حيث أنها تعتبر أن العملات الرقمية فى أحسن الأحوال استثمارا متقلبا للمضاربة، وفى أسوأ الأحوال وسيلة لغسيل الأموال.
وفى أوروبا، يسود اعتقاد بين الدول الأوروبية أن بروكسل هى المسئولة عن تنظيم العمليات المشفرة، بعد انتعاش سوق عملة البيتكوين الرقمية، تبحث السلطات البريطانية حاليا إمكانية استصدار عملات رقمية بريطانية لتنضم إلى السباق العالمى لتأسيس بنوك مركزية للعملات الرقمية.
وأعلن بنك إنجلترا أن "هذا الشكل الجديد من العملة يتم إصداره من أجل استخدام العائلى ومن أجل التعاملات التجارية، إلى جانب استخدام العملات التقليدية وليس بديلا عنها .
فى الولايات االمتحدة، تتبنى واشنطن نهجا حذرا إزاء العملات الرقمية. وبينما لا ترغب فى أن تظهر وكأنها تلاحق تلك العملات مثل الصين، فإنها تراقب عن بعد وتسعى لبعض التنظيم.
وفى الشهر الماضى، أكد رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، جارى جينسلر، أن اللجنة تستعد لإنشاء مجموعة من القواعد للإشراف على أسواق العملات المشفرة المتقلبة. وقال جينسلر للجنة المصرفية بمجلس الشيوخ إنه وفريقه يحاولون حماية المستثمرين من خلال تنظيم أفضل لآلاف الأصول الرقمية الجديدة والعملات المعدنية، بالإضافة إلى الإشراف على أسواق البيتكوين والإيثر الأكثر شيوعا.
يأتى هذا فى الوقت الذى حذر فيه البعض من أن تلك العملات تمثل تهديدا للدولار قد يهدد الصعود السريع للعملات الرقمية والمشفرة استمرار الدور المهيمن للدولار الأميريكى فى الأسواق العالمية، وذلك وفقًا لورقة بحثية جديدة صادرة عن مجلس الاحتياطى الفيدرالي.
قد تقلل العملات المشفرة مثل بيتكوين، بالإضافة إلى العملات الرقمية المدعومة من الحكومات، الاعتماد على الدولار الأمريكى، كما كتب الاقتصاديون فى الاحتياطى الفيدرالى كارول بيرتاوت وباستيان فون بيشويتز وستيفانى كوركورو، فى ورقتهم المسماة "الدور الدولى للدولار الأمريكي.